ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن مشاكل القطاع الخاص والمعاناة المستمرة من تعثر الشركات وتضاؤل الاستثمارات وضعف وسوء الممارسات والتعثر في سداد القروض أو في الوفاء بالآلتزامات تجاه قروض البنوك ومؤسسات التمويل ، وتتعقد الأمور إذا تم ذلك تحت غطاء من الفساد المالي والإداري الذي تتميز به بعض الاقتصادات الضعيفة والمنهكة
وأعتقد إذا لم يكن ذلك يقينا أن المعاناة مستمرة نظرا لعدة أمور منها :ما فرضته الأوضاع الاقتصادية العالمية التي تئن منذ أزمة كورونا ،حيث تكبدت شركات القطاع الخاص خسـائر فادحة في رأس المال السوقي،فاقت قيمتها 420 مليار دولار، فقد أشار رئيس اتحاد رجال الأعمال العرب حمدي الطباع، إلى أن خسائر الاقتصاد العربي جراء جائحة كورونا يقارب 323 مليار دولار، كما ارتفعت ديون الحكومات العربية بمقدار 190 مليار دولار خلال عام 2020 فقط ، لتصل الى 46ر1 تريليون دولار،.
في ظل توقف الأنشطة الاقتصادية الرئيسية والإنتاجية وتوقف الصادرات والسياحة ومأ أصاب قطاع السفر والطيران والمؤسسات الفندقية والمنشآت السياحية ،والخسائر التي ضربت هذه القطاعات في مقتل ، وقد ساعد على تفاقمها الحرب بين روسيا والغرب ممثلا في أوكرانيا التي هى في جوهرها حربا اقتصادية ،في ظل الصراع السياسي القائم الذي يخشى من التمدد الاقتصادي الصيني وتحالفه مع القضب الروسي الذي يسعى للظهور كقوة عظمى غابت لسنوات عن المسرح العالمي
ومن المؤسف أن ذلك واكبه تردي واضح في إدارة القطاع الخاص من خلال غرف التجارة والصناعة الذي كان ضعيفا وهشا في معظم الدول النامية ، حتى قبل هذه الأزمات ، خاصة عندما تتدخل الحكومات في منافسات غير عادلة مع أنشطة القطاع الخاص ، الذي يفتقد إلى الخبرات الإدارية القادرة على إدارة التنمية الاقتصادية بشكل علمى واقتصادي بعد أن ألقت غرف التجارة بنفسها في أحضان الحكومات التي تحاول السيطرة عليها بعد أصبح دورها هامشيا وغير مؤثر ، لأنها افتقرت إلى المبادرات والابتكارات الجديدة ، التي تثري أداء واستثمارات الأصول التي تديرها وتوجيهها لصالح شركاته ، وليس من المنطق أن يظل أداء غرف التجارة والصناعة تقليديا و مقتصرا على السفريات والزيارات الخارجية واستقبال الوفود ، والتصريحات الخاوية من المضمون ، وتثمين الإجراءات الحكومية حتى ولولم يتوافق بعضها مع متطلبات واحتياجات القطاع الخاص ،
ولم تفكر في تطوير أنشطتها باقتراح إنشاء شُعب نوعية متجانسة ومتخصصة في أنشطتها المختلفة مثل شعب مواد البناء والعقارات والمواد والصناعات الغذائية والكيماوية وتكنولوجيا المعلومات والنفط والتعدين والأدوية ومستحضرات التجميل والسياحة والآثاروالسينما والطباعة والتغليف وغيرها .. ،.حتى يمكن المناقشة العلمية والموضوعية والميدانية للمشاكل والتحديات التى تعوق نشاط هذه الشعب ، مع اقتراح التشريعات والضوابط المنظمة لتيسير الإجراءات التى تحكم هذا النـشاط وتقديم الدراسات الا قتصادية ورفعها للغرفة الرئيسية لوضعها فى الإطار الشرعى مع الجهات المختصة
لأن عدم تطوير نشاط غرف التجارة والصناعة يعوق القطاع الخاص الذي يعد قاطرة التنمية،والمنصة الجادة والحقيقية لتوفير فرص العمل الجديدة لاستيعاب جحافل الخريجين والباحثين عن العمل ، بعد أن عجزت الحكومات عن توفير فرص العمل الجديدة أو مواجهة معدلات البطالة المتزايدة والتي تتراكم سنويا لتصبح من القنابل الاجتماعية الموقوتة التي تؤثر على الاستقرار والأمن المجتمعي
لذلك نؤكد على أن القطاع الخاص إذا أٌحسنت إدارته ، وطبق استراتيجية طويلة المدى لتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة وتبني إنشاء شركات و قنوات متخصصة في التمويل والتسويق لمنتجات هذه المؤسسات في الداخل والخارج ، والاستعانة بالقوى الناعمة في الخارج للترويج الدائم في الأسواق العالمية والإقليمية ، والاستفادة من العلاقات القائمة مع غرف التجارة العربية والأجنبية المشتركة في جذب الاستثمارات وترويج الصادرات والتعاون في المشروعات المشتركة ، وتبادل المعلومات والبيانات والتقارير والدراسات التي تخدم القطاع الخاص وتمكنه من التواجد كعنصر إيجابي وفاعل وهام من عناصر التنمية الاقتصادية
كما يعاني ااقطاع الخاص من القصور الشديد في جمع البيانات حول أعداد المشروعات الاستثمارية التي توقفت أوالتي في طريقها للهروب من الأسواق المحلية وعدم متابعتها ، بعد الارتفاع في عدد الشركات المتعثرة في السنوات الأخيرة ،والتي تقع تحت رحمة الإنفاق الحكومي الضئيل أو شبه المنعدم والشروط المجحفة للبنوك والقروض والإدارات الضعيفة أوفساد الإدارات ،ومن هنا فشلت شركات القطاع الخاص المتعثرة في العودة مرة أخرى ، أوفي أن تحافظ على وضعها المالى أوالوفاء بالتزاماتها لدى الآخرين ،لأنه لم يتم دراسة مشاكلها ميدانيا ، ومن ثم عدم طرح الحلول أوتقديم الدعم المادي والفني والإداري الذي يضعها على الطريق الصحيح ، حتى تشارك في خطط التنمية المعتمدة من الدولة ،لأن دور إدارة القطاع الخاص الذي تقوده غرف التجارة والصناعة باعتبارها بيت التجار في كل دول العالم غاية في الأهمية بما لها من اختصاصات أهمها سن وتشريع القوانين التي تنظم عمل القطاع الخاص ، إلى جانب تقديم الرأي والرُؤى في كل مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بالقطاعات الاقتصادية ،وتقديم المقترحات والدراسات التي تسهم في تطوير قوانين العمل وهى الأكثر إشكالية بالنسبة لأسواق العمل ، حتى تتسق مع قوانين منظمات العمل الدولية والعربية، ولا تتعارض مع المعايير العالمية