محمد بن محفوظ العارضي يكتب: تباطؤ متوقع في نمو اقتصادات دول مجلس التعاون

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٤/يونيو/٢٠٢٣ ٢١:٣٥ م
محمد بن محفوظ العارضي يكتب: تباطؤ متوقع في نمو اقتصادات دول مجلس التعاون
محمد بن محفوظ العارضي

عدّل البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي عام 2023 في دول مجلس التعاون الخليجي، من 7.3% العام الماضي إلى 3.2%. وتبنى تلك التوقعات على فرضية انحسار المكاسب المفاجئة من ارتفاع أسعار النفط. وبينما قد يبدو ذلك محبطاً في البداية، يشكّل ذلك الانخفاض فرصة مفيدة لتذكير المنطقة بأهمية اعتبار التنويع الاقتصادي أولوية رئيسية تضمن تقليل تأثر المنطقة بأسعار النفط خلال السنوات المقبلة.

ونظراً لنمو الصناعات الرقمية المتسارع حول العالم، ينبغي اعتمادها كجزء أساسي ضمن خطط التنويع والنمو في منطقتنا. إننا نمتلك خبرات في نطاق متنوع من المجالات، بدءاً من النفط ووصولاً إلى مصادر الطاقة المتجددة، والتفاعل مع الشباب، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والسياحة، والزراعة، والمؤتمرات والفعاليات التجارية، والتجزئة. يتيح كل ذلك للمنطقة فرصة متميزة لتطوير وتعميم الحلول الرقمية الخاصة بمجالات الأعمال تلك، وتسويقها لأهم الأطراف الفاعلة في الصناعة عبر أنحاء العالم.

كما يمكن للبنوك والحكومات توفير المزيد من الحوافز لرواد الأعمال الحاليين والطامحين ضمن قطاع التكنولوجيا في المنطقة، مع التركيز بصورة خاصة على التعاون العابر للحدود بهدف دعم النمو على مستوى المنطقة ككل. وبالتوازي مع تبني المنطقة لسلسلة من السياسات الداعمة، يوجد دوماً مجال لتحسين تلك العروض وإتاحتها لرواد الأعمال بصورة أوسع، بدءاً من التمويل ووصولاً إلى برامج الإرشاد وبناء العلاقات.

وأعتقد بأنه يجب على الشركات القائمة في المنطقة كذلك إعادة تقييم استخدامها للتكنولوجيا والسعي إلى تبني أحدث الحلول وأكثرها كفاءة بهدف ضمان سلاسة وتطور العمليات. كما يجب عليها رعاية بيئة يسودها التعلم الرقمي المستمر بحيث يتم مواكبة أحدث التكنولوجيا والابتكارات الصناعية من قبل الإدارة والموظفين عبر مختلف مستويات المؤسسة.

إن شباب منطقتنا يمتلكون الإلمام بالتكنولوجيا والقدرة على الإبداع، لكن يوجد مجال لتسهيل المسارات المهنية وريادة الأعمال التي تتعلق بالرقمنة على نطاق واسع. ويمكن للمؤسسات التعليمية ورواد الصناعة توحيد جهودهم للتعاون وتحقيق نتائج تضافرية انطلاقاً من مجموعة المواهب الماهرة المتنامية ووصولاً إلى الابتكارات المحلية التي يمكنها دفع عجلة النمو الاقتصادي الوطني.

وفي حين يتابع المستثمرون الدوليون المستجدات في منطقة الخليج، لا يوجد فعلياً وقت أفضل من الآن لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الصناعات الرقمية التي تتجه نحو تحقيق النمو وتشجع الرواد العالميين في المجال على الانطلاق من المنطقة أو التوسع فيها.

توفر منطقتنا مشهداً مثالياً للمستثمرين من مختلف الخلفيات، من خلال البنى التحتية الفعالة للأعمال، والتي تتطور باستمرار، والتدفق المستمر من الشباب المهنيين المتعلمين والمتحمسين، فضلاً عن الموقع الجغرافي الذي يربط بين الأسواق المتعددة عبر العالم. لكن رغم استقطاب منطقة مجلس التعاون الخليجي لقدر هائل من الاهتمام، علينا التركيز باستمرار على الهدف وإيجاد سبل مبتكرة لاستقطاب الاستثمار الأجنبي.

كما يمكن للحكومات التركيز بصورة خاصة على الاستثمار في منشآت البحث والتطوير ضمن المنطقة، مع توجيه الدعوة إلى رواد التكنولوجيا من كل أنحاء العالم للتفاعل مباشرة مع السوق ومعرفة كيف تتماشى منطقتنا مع رؤيتهم نحو عالم تسوده الكفاءة والحداثة مع تقديم فرص متنوعة لنمو الأعمال.

بعد بضع سنوات مليئة بالتحديات، حققت منطقة مجلس التعاون الخليجي أداءً جيداً بشكل عام وتتوجه الآن نحو التقدم. لكن يتغير المناخ العالمي باستمرار ويزداد تعقيداً، ولا يزال النفط يمثل نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي في المنطقة. ولحماية مستقبلنا، يجب علينا مواصلة مسيرتنا نحو تعزيز تنويع مصالح المنطقة، وأرى بأن الصناعات الرقمية تمثل عاملاً مهماً لمستقبل مزدهر.

- انتهى-