دروس واتجاهات نفطية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١١/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٤٧ ص
دروس واتجاهات نفطية

محمود بن سعيد العوفي
alaufi-992@hotmail.com

تخضع تكهنات الخبراء النفطيين لنتائج الكثير من المشاهد الموجودة على الساحة الدولية لاسيما في مناطق الإنتاج النفطي، ما يجعلهم حتى اللحظة غير متيقنين بما سيؤول إليه مؤشر الأسعار خلال الفترة المقبلة. فإن الحديث عن النفط الذهب الأسود طويل وممتع وجاد، لكنه ثروة طبيعية زائلة مهما طال الزمن، وبالتالي لابد من وجود البدائل، لتنويع مصادر الدخل.

ولو فكرنا بجد واهتمام وعملنا بإخلاص وتفان وتخطيط مدروس متقن للوصول إلى الأهداف الاقتصادية الحقيقية منذ البداية لكنا اليوم تمكنا من التغلب على انهيارات أسعار بيع برميل النفط، ولو تسألنا ماذا بعد النفط؟ هل يزداد الاهتمام بمصادر الطاقة الأخرى، حتى تسير الأمور المعيشية من حسن إلى أحسن، ودونما الحاجة إلى مزيد من التشريعات والقوانين البشرية؟ وثمة أسئلة كثيرة تحوم في ذاكرة الخيال.. لكن ماذا عن التنويع الاقتصادي في السلطنة؟ هل سيكون هناك تسريع في إنجاز المعاملات التجارية والاستثمارية؟ حتى نتمكن من جذب الاستثمارات من أجل رفد موازنة الدولة، وتشغيل الباحثين عن عمل.. سؤال معلق منذ فترة طويلة يبحث عن إجابة.
لكن لا تقلقوا هناك تفاؤل للمستقبل ومبشر بمزيد من النجاحات للاستفادة من جميع مصادر الطاقة للإنسانية جمعاء بما فيها النفط وحتى أجل معلوم، حيث لا يزال الطلب على النفط في تزايد مستمر، والصراع على استحواذه والاستفادة منه حاضراً ومستقبلاً ما زال باقياً، وتتحكم أسعاره من صعود وهبوط في بورصات العالم، والأهم من ذلك لا تزال السلطنة تضخ مبالغ استثمارية كبيرة في قطاع النفط والغاز، لاستمرار الإنتاج وزيادة الاحتياطيات منه، وهناك شركات نفطية تعمل في التنقيب والاستكشاف عن الذهب الأسود في مناطق الامتياز لها في السلطنة، إذاً الآمال كبيرة في هذه الثروة على ما يبدو.
ولا يخفى للجميع أن النفط يقوم بدور كبير ومحوري في تنمية البلاد الشاملة، ولكنه لا يمكن أن يظل له هذا الدور الذي أرهقنا على مدى الفترة الفائتة والحالية لطالما لدينا هدف تنادي به السلطنة وهو تنويع مصادر دخلها، فهل نستطيع؟.
إن حكومة السلطنة وعلى مدى السنوات الـ45 عاما من عمر النهضة المباركة قد بذلت جهودا جبارة من أجل تحقيق مزيد من الرغد الوفير لأبناء وبنات الشعب العماني وحققت من المكاسب والطموحات ما لا عد له ولا حصر وهي جهود ما كان لها أن تتحقق لولا وجود إيرادات النفط التي ساهمت في دعم التنمية الشاملة، لكن في ظل انخفاض أسعار النفط الكبير، والذي أثر بشكل كبير على الموازنة العامة للدولة كشفت عدم وجود خطط واضحة خلال السنوات الفائتة لتقليل الاعتماد على النفط، الأمر الذي جعل الحكومة تتخذ إجراءات تقشف كبيرة، ولكن المهم، هل استوعبنا الدرس وبدأنا في البحث والعمل على مصادر دخل غير النفط؟
وبالتالي فمن الضرورة بمكان إيجاد طرق تنموية جديدة تساعدنا من الخروج من قوقعة النفط التي تتخبط أسعاره منذ سنوات، حيث تشبثنا بالسياسة الاقتصادية الريعية سنة بعد أخرى حتى أصبحت القطاعات الأخرى قليلة المساهمة في الناتج المحلي.
إن تدهور أسعار النفط لوحدها لن تكون الفاعل الوحيد الذي يجعلنا أن نغير نظرتنا للواقع المرير الذي خلفه ارتباط التنمية بموارد النفط والغاز، لكن تخلي الدول الصناعية عن احتياجاتها للنفط بسبب وجود موارد بديلة، وانتهاء مخزون الدول المصدرة سيجعل حتما هذه الأخيرة تغير نظريتها التبعية للنفط، لكن حينها سترجع ألف سنة إلى الوراء لأنه بكل بساطة المستقبل يصنع ولا يخلق، فالخالق هو الله عزوجل.