مسقط - خالد عرابي
احتفلت سفارة جمهورية الصين الشعبية المعتمدة لدى سلطنة عمان مؤخرا بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية وسلطنة عمان. وأقامت السفارة الصينية بهذه المناسبة حفل استقبال رسمي ، بفندق قصر البستان ريتز كارلتون مسقط، تحت رعاية معالي السيد سعود بن هلال البوسعيدي محافظ مسقط، وبحضور معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي وزير الطاقة والمعادن ، و معالي وانغ يو بو محافظ مقاطعة يونان الصينية، كما حضر الحفل لفيف من المسئولين العمانيين والسفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى السلطنة، ولفيف من ابناء الجالية الصينية المقيمين في سلطنة عمان.
وقد صاحب حفل الاستقبال معرض لترويج الأطعمة الصينية، والعرض الفني " تشي تساي يونان"، والذي قدم عديد من اللوحات الفنية والغنائية والموسيقية التي أبرزت الثقافة والتراث الصيني عموما، وثقافة وفنون مقاطعة يونان خاصة في أبهى صورها، ونالت أعجاب وإشادة الحضور.
وقالت سعادة لي لينغ بينغ السفيرة فوق العادة والمفوض لجمهورية الصين الشعبية لدى سلطنة عمان في كلمتها في الحفل: " يسعدني كثيرا أن نجتمع اليوم للاحتفال بالذكرى الـ 45 لإقامة العلاقة الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية وسلطنة عمان. وبهذه المناسبة الهامة والسعيدة، يطيب لي أن أعبر نيابة عن السفارة الصينية لدى عمان عن الترحيب الحار بجميع الضيوف الحاضرين وأتقدم بخالص الشكر للأصدقاء من جميع القطاعات الذين ساهموا ويسعون الى تعزيزالصداقة والتعاون بين الصين وسلطنة عمان .
وأضافت سعادتها:أولا، أسمحوا لي أن أقدم لكم ضيفنا الكريم معالي وانغ يو بو محافظ مقاطعة يونان الصينية والوفد المرافق له، وصل الى عمان في زيارة ويشاركنا في الاحتفال بالذكرى الـ 45 لاقامة العلاقة الدبلوماسية بين الصين وسلطنة عمان. فان مقاطعة يونان تشتهر بمناظر هضبة جميلة فريدة وموارد طبيعية متوفرة وتتمتع بعادات وتقاليد مميزة للقوميات المختلفة. لقد تذوقنا المأكولات الجميلة من مقاطعة بونان قبل قليل، وسوف نشاهد عرضا فنيا رائعا من الغناء والرقص الذى قدمه الوفد المرافق لمعالي المحافظ وانغ يوبو وسوف تجدون جمالة يونان الجذابة ."
الصداقة الصينية العمانية
وأردفت سعادتها قائلة: إن الصداقة الصينية العمانية تمتد عبر تاريخ طويل وتتجدد على مر الزمان، فقبل 1200 سنة، لقد أبحر البحار العماني العظيم أبو عبيد بسفينته إلى مدينة قوانغتشو الصينية حيث فتح مقدمة التبادلات بين الصين وعمان وبين الحضارتين الصينية والعربية. ومنذ أكثر من 600 سنة، قاد البحار الصيني العظيم تشينغ خه أسطوله سبع رحلات إلى غرب المحيط الهندي، وصلت الأساطيل إلى منطقة ظفار أربع مرات حيث دفعت التبادلات الودية والتجارة بين بلدينا. و في يوم 25 مايو عام 1978، تمت اقامة العلاقة الدبلوماسية على مستوى السفراء بين الصين وعمان مما فتح صفحة جديدة للعلاقة الصينية العمانية المعاصرة . ومهما تغير الوضع الدولي خلال السنوات الخمس والأربعين الماضية، ظل البلدان يحترمان ويثقان ويدعمان بعضهما البعض. لقد كتبنا فصلاً خالدًا من التعايش السلمي بين البلدان ذات الأنظمة السياسية المختلفة، وصممنا نموذجًا للتعاون بالمنفعة المتبادلة للجانبين بين البلدان ذات الأنواع الاقتصادية المختلفة، ووضعنا نموذجًا للتبادل والتعلم المتبادل بين البلدان ذات الخلفيات الثقافية المختلفة. إن المسيرة الرائعة التي تمر عليها العلاقة الصينية العمانية والأصول الغنية المتراكمة، ولم تخدم الشعبين والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدين فحسب، بل تساهم في السلام والتنمية العالمية أيضا.
على مدى السنوات الـ 45 الماضية ، تعززت الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين. تولى القيادات المتعاقبة للبلدين أهمية كبيرة لتنمية العلاقات الثنائية ودفعوا العلاقة الصينية العمانية إلى الأمام. في السنوات الأخيرة، تبادل الرئيس شي جين بينغ وصاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم رسائل عدة مرات، ووضعوا التوجيهات الاستراتيجية لتنمية للعلاقة الثنائية. في نهاية العام الماضي، التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ وصاحب السّمو السّيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في الرياض خلال القمة الصينية العربية الأولى والقمة الصينية الخليجية الأولى، حدد اتجاها لتطور الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، حيث أكد الرئيس شي جين بينغ، ان الصين مستعدة للعمل مع عُمان على ترسيخ الثقة المتبادلة وتعميق التعاون الودي والدفع نحو تحقيق تقدم جديد في الشراكة الاستراتيجية الصينية العمانية. وهذا أظهر الرغبة الصادقة والثقة الراسخة من الجانب الصيني في تطوير العلاقة الصينية العمانية .
سعادة لي لينغ بينغ قالت: " على مدى السنوات الـ45 الماضية، حقق التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين تقدما كبيرا. ان الاقتصادين الصيني والعماني متكاملتان ولديهما إمكانات كبيرة، ويعمل الجانبان على تعزيز مواءمة بين مبادرة لـ "الحزام والطريق" و"رؤية 2040"، وشهد التعاون العملي بين الجانبين تطورات متواصلة في مجال البنية التحتية والطاقة وتقنية الاتصلات والطاقة الكهربائية والاسماك والى آخره. وفي بداية إقامة العلاقة الدبلوماسية بينهما، كان حجم التجارة الثنائية عشرات آلاف دولار أمريكي فقط. وحتى عام ،2022 بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وعمان حوالي 40.45 مليار دولار أمريكي، استوردت الصين 39.4 مليون طن من النفط، بلغ فائض الميزان التجاري لسلطنة عمان 32 مليار دولار أمريكي. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لعمان وأكبر مستورد للنفط العماني منذ سنوات، عُمان هي رابع أكبر شريك تجاري للصين في العالم العربي. حقق التعاون الاقتصادي والتجاري فوائد كبيرة للبلدين والشعبين ودفع التنمية الشاملة للعلاقات الثنائية.
توارثت الصداقة بين الشعبين من جيل إلى جيل
وأضافت: "على مدى السنوات الـ45 الماضية، توارثت الصداقة بين الشعبين من جيل إلى جيل وتتقوى مع مرور الوقت. تجذر العلاقة الصينية العمانية من الشعبين وتخدم الشعبين أيضا. أحرزت الصين وعمان تقدمًا كبيرًا في التدريب على المهارات المهنية والتبادلات الثقافية والتدريسية منذ عام 2018، ، ولقد اقيمت دورتان لمنتدي التعاون السياحي بين الصين وعمان. ونجح الجانبان في اقامة فعالية الأسبوع الثقافي الرقمي بين الشباب الصيني والشباب العماني في ديسمبر العام 2021. وأنشأت آلية التعاون والتواصل بشكل دائم بين المتحف الوطني الصيني والمتحف الوطني العماني وكذلك دار الأوبرا الوطنية الصينية ودار الأوبرا السلطانية مسقط. في نوفمبر الماضي، تم اقامة حفل وضع حجر الأساس للنصب التذكاري للبحار الصيني تشنغ خه في صلالة، وسيتم عقد حفل التدشين للتصب التذكاري في نهاية الشهر الجاري حيث سيصبح علامة جديدة للصداقة الصينية العمانية التقليدية. "
واختتمت قائلة: " في أكتوبر الماضي، أكد تقريرالمؤتمرالوطني العشرون للحزب الشيوعي الصيني أن المهمة المحورية للحزب هي الاتحاد مع أبناء الشعب من مختلف القوميات في أنحاء البلاد وقيادتهم لإنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة قوية على نحو شامل وتحقيق الهدف الواجب إنجازه عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، ودفع النهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل بالتحديث الصيني النمط. في رحلة جديدة، سيلتزم الجانب الصيني بكل ثبات بالسياسة الخارجية السلمية المستقلة ويلتزم بتطوير الصداقة والتعاون مع كافة الدول على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي ويتمسك بالانفتاح العالي المستوى على الخارج، بما يوفر فرصا جديدة لكافة الدول بما فيها عمان من خلال التنمية الجديدة في الصين."
وستواصل حكومة الصين وشعبها على الدعم الثابت للنظام السياسي وطريق التنمية التي اختارتها عمان الصديقة ولاستراتيجيها للتنوع الاقتصادي ولدورها الفريد في الحفاظ على السلام والاستقرار ودفع التعاون والتنمية في المنطقة. سيعمل الجانب الصيني مع الجانب العماني على تعزيز مواءمة بين استراتجية التنمية ومشاريع التعاون والتبادلات الثقافية بين البلدين لتوسيع التعاون العملي في كافة المجالات.