دبلوماسية سلطنة عُمان تمثل رُمانة الميزان في المنطقة العربية ، بالإضافة إلى كونها عنصرا فاعلا في القضايا والأزمات العالمية التي تشارك في حلها أو التخفيف من حدتها، حيث لا تألو جهدا بالمشاركة في حل القضايا الإقليمية والدولية العالقة ، من خلال تبني الدعوة للسلام والاستقرار بالمنطقة والعالم ، والتمسك بمبادئ القانون الدولي ، وعدم التدخل في شؤون الآخرين والسعي الدائم والدؤوب للمساهمة في تخفيف حدة الاحتقانات الإقليمية الدولية
ولاشك أن الدبلوماسية العمانية تؤدي دورا محوريا بحكمة وروية ينتهجها السلطان هيثم بن طارق منذ أن تقلد مقاليد الحكم بالسلطنة ، امتدادا لنهج السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه التي تعتمد على مفاهيم السلام والاخاء وحل المشكلات بالحوار والتفاهم وعدم التدخل في شؤون الغير
وتتميز سلطنة عمان بأنها محل ثقة من الجميع من أمريكا إلى أوروبا حتى إيران
ويبدو ذلك جليا في هذه الأيام بتدخل السلطنة بين بلجيكا وجمهورية إيران وتسوية قضية الرعايا المتحفظ عليهم في البلدين
وهى ليست المرة الأولى لأن سلطنة عمان موجودة في قلب الأحداث منذ توقيع الاتفاق النووي بين أمريكا وإيران مرورا بأحداث اليمن والدور المتميز جدا الذي لعبته في تهدئة الصراع في اليمن،
ثم هذه الزيارات المتعددة والمتنوعة التي يقوم بها جلالة السلطان هيثم ، لبحث وتطوير الجوانب السياسية والاقتصادية بين دول المنطقة
ومحاولات الدمج بين العلاقات العربية – العربية والإيرانية العربية وتصفيتها
وعودة العلاقات إلى وضعها ومسارها الطبيعي ، مستمدة قوتها من الانفراجة التي بدات بالعلاقات بين إيران والسعودية التي تمثل زخما جديدا من خلال بحث عودة العلاقات بين مصر وايران ، وفي تصفية الملف اليمني المتعثر،
خاصة أن الدبلوماسية العمانية تعمل في صمت وهدوء وسرية في معالجة الكثير من الملفات عندما تم التوصل للاتفاق النووي إبان إدارة الرئيس أوباما في عام 2015، وكذلك في مفاوضات رفع العقوبات الغربية عن إيران بالإضافة إلى الجهود في تبادل الأسرى بين طهران ودول الغرب ، ثم ملف عودة التفاوض المتعثر بين مجموعة 5 + 1 وإيران.
ثم تأتي زيارة السلطان هيثم الى جمهورية مصر العربية الأحد الماضي ، وبعدها التوجه مباشرة اليوم إلى جمهورية إيران الإسلامية كدليل إلى السعي الجاد والمشكور لسلطنة عمان في اقتحام هذه الملفات المغلقة منذ سنوات طويلة، لتحريك الرمال الساكنة في العلاقات وامتصاص الاحتقان القائم ،بعد أن أبدت مصر ارتياحها للوساطة العمانية ورغبتها في ذلك ، وباتت القاهرة مستعدة قبل أي وقت مضى لرفع مستوى العلاقات الدبلوماسية مع طهران، إلى درجة تبادل السفراء، مرة أخرى، بدلا من التمثيل الدبلوماسي الحالي المتمثل في وجود قائم بالأعمال، بدرجة سفير في كلا البلدين". لأن علاقات طهران مع القاهرة كانت محتقنة منذ الإطاحة بمحمد رضا بهلوي في الثورة الإسلامية عام 1979 ، ثم بعد أن توفي بهلوي في مصر عام 1980 ودفن مع أفراد آخرين من عائلته مما تسبب في توتر بين القاهرة وطهران.
وقد زاد تدهور العلاقات أكثر عندما أطلقت الحكومة الإيرانية اسم خالد الإسلامبولي ضابط الجيش المصري الذي قاد فريقا من القتلة الذين اغتالوا الرئيس المصري السابق أنور السادات خلال عرض عسكري في أكتوبر عام 1981 في القاهرة، كما ازدادت العلاقات توترا بشأن ما اعتبرته القاهرة تدخلا إيرانيا في الشؤون الداخلية لدول عربية مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن
و في الجانب الآخر فإن إيران قد بعثت مؤشرات ورسائل إيجابية برغبتها ببناء علاقات قوية مع جمهورية مصر العربية ، في ظل سعيها لعودة العلاقات مع العالم العربي أو تحسين هذه العلاقات أو آليات التدخل في بعض القضايا العربية وعلى الساحة اليمنية خاصة أن السلطنة لها دور مميز جدا في تهدئة الصراع في اليمن ،بما تتمتع به من علاقات جيدة مع كل الأطراف، ولذلك فإن هذه الزيارة متعددة الأهداف ومتنوعة بين السياسة والعلاقات الاقتصادية بين الجانبين. لتصنع مناخا جديدا تحت مظلة العلاقات العربية ،و العربية الإيرانية لاحتواء الازمات والمشكلات من خلال الحوار ،ولا سيما مع إبقاء السلطنة علاقاتها الخاصة مع طهران ، والتي وفرت قناة اتصال مفتوحة بين العرب والغرب وإيران، وكان لها توهجها وتأثيرها الإقليمي والدولي ، في إطار استراتيجية السياسة الخارجية العمانية المتوازنة كرمانة الميزان التي تتمسك بمبادئ السلام والتعايش السلمي والقانون الدولي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير ومراعاة حسن الجوار.