الفرصة الأمريكية مع حكومة روحاني

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١١/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٠٦ ص
الفرصة الأمريكية مع حكومة روحاني

روجر كوهين

ربما ليس هناك ما هو أكثر أهمية لإرث السياسة الخارجية للرئيس أوباما من نجاح الصفقة النووية مع ايران، فهي تحمل سمته الشخصي، غير أن نجاحها أو فشلها يتوقف على ما إذا كانت ستمنع ايران من انتاج قنبلة نووية على مدى الـ 15 عاما التي نصت عليها الاتفاقية وما بعدها. وإذا حدث وعاد الجناح المتشدد الايراني ووصل الى مقعد الرئاسة في انتخابات العام المقبل، إذا خرج الرئيس حسن روحاني، ستتزايد احتمالات انهيار الصفقة. وربما يكون التوازن بين الإصلاحي روحاني والمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي من جهة أخرى هو الذي أوجد الظروف السياسية التي أمكنت تمرير الاتفاق. بيد أن أمريكا اليوم تقوض هذا التوازن، وتعزز الجناح المتشدد في ايران وتضع الاتفاق الذي تم التوصل اليه بشق الأنفس والذي غير التقدم الايراني المطرد إلى العتبة النووية على المحك.
وتتعالى الأصوات في طهران أن واشنطن قد تلاعبت بالمفاوض الايراني لتقديم تنازلات لخفض عدد أجهزة الطرد المركزي ومخزونها من اليورانيوم بينما لم تف بتعهدات المزايا الاقتصادية التي وعدت بها. والمشكلة الرئيسية أن البنوك الأوروبية تتخوف من الإقدام على توفير التمويل لإيران خشية الوقوع تحت طائلة العقوبات الأمريكية التي ما تزال سارية. وقد اضطرت العديد من هذه البنوك - بما في ذلك بي ان بي باريبا وكومرتس بنك وسوسيتيه جنرال – الى دفع غرامات كبيرة في السنوات الفائتة ، ووصل مجموع ما دفعته البنوك الأوروبية منذ 2012 أكثر من 15 مليار دولار2012 لانتهاك العقوبات المالية الامريكية على ايران.
وبالطبع لا يمكن لأي بنك أوروبي أن يعرض نفسه للمخاطر مقابل مكافأة من الإيرادات الايرانية لن تعوضه عن احتمال تعرضه لدفع غرامات مالية كبيرة. وقد حاول وزير الخارجية جون كيري كسر حالة الجمود الشهر الفائت وقال: ليس لدينا أي اعتراض ونحن لا نقف في طريق البنوك الأجنبية للتعامل مع البنوك والشركات الإيرانية، طالما أن تلك البنوك والشركات ليست على قائمة العقوبات التي نفرضها لأسباب غير نووية.
غير أن هيكل ملكية الشركات الإيرانية يكتنفه في كثير من الأحيان نوعا من الإبهام، ما يجعل من الصعب على الشركات الأوروبية أن تتأكد على سبيل المثال من عدم وجود مصلحة للحرس الثوري. ومحاولة معرفة هوية العميل قد تكون عملية شاقة. وقد أخبرني أحد رجال الأعمال الدوليين مقيم في طهران أنه تلقى رسالة من منظمة "متحدون ضد إيران النووية" الأمريكية تحذره أن احتمالات تعامله مع الحرس الثوري سيجعله عرضة للمشاكل، وأنه على ثقة أن رسائل مماثلة قد وجهت الى كافة البنوك الأوروبية.
فمعظم المعاملات الدولية مقومة بالدولار، ومن ثم يجب مرورها عبر النظام المصرفي الأمريكي قبل أن يتم تسويتها، وبسبب بقاء الحظر التجاري الأمريكي على إيران يظل تعامل الامريكيين أو الشركات الأمريكية مع ايران، باستثناءات محدودة، غير قانوني ويؤدي الى مشاكل كبيرة. وربما يكون هناك بنك مقره في أوروبا ولكنه لا يستطيع إثبات أن عقدا مقترحا مع إيران لا يتضمن شركة أمريكية تابعة على مستوى ما.
وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني، كتب حامد بيجلاري، وهو ممول دولي ونائب الرئيس السابق في مجموعة سيتي جروب: لقد حولنا ما كان ينبغي أن يكون فرصة تحقيق مكاسب لجميع الأطراف بالمزيد من المشاركة الى خسارة للجميع ، حيث لا يمكن لإيران أن تحقق فائدة فعلية ولا يمكن للشركات الأمريكية أن تتنافس على المستوى الدولي.
وفي حديث سابق معي قال بيجلاري أن المفارقة في الاتفاق النووي هو أننا قمنا بالمهمة الأصعب في المفاوضات ثم فتحت الأبواب أمام الشركات الأوروبية للقيام بأعمال تجارية مع إيران في حين أوصدت أمام الشركات الأمريكية.
وقد أبرمت شركة ايرباص بالفعل صفقة بمليارات الدولارات مع إيران، إلا أن السوق الإيرانية يظل بصفة عامة محفوفا بالعقبات. وفيما عدا رفع الحظر التجاري الأمريكي - الذي قد يحمل معنى سياسيا، لأن شيئا لن يقوض الحرس الثوري والمتشددين أسرع من تحول الاقتصاد الإيراني الى الانفتاح والتنافسية مع تقليص احتكارات الحرس الثوري - هناك خطوات ينبغي الاسراع في القيام بها. ( المعارضة في الكونجرس تجعل من الصعب التفكير في انهاء الحظر).
فعلى الجانب الأمريكي يجب على جون كيري توصيل رسالته لتشجيع البنوك الأوروبية، وأن يقدم مكتب وزارة الخزانة لمراقبة الأصول الأجنبية تراخيص مماثلة لما حصلت عليه بوينج للدخول في محادثات مع ايران. وفي المقابل، على ايران أن تعمل للتأكد من امتثال بنوكها للمعايير الدولية فيما يتعلق بغسل الأموال، وإنهاء إبهام هياكل الملكية حتى تتمكن الشركات الأوروبية أن تعرف الأطراف التي تتعامل معها، وتظل الشفافية من الجانب الإيراني على المحك.
والانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة ستجري في يونيو 2017، وإذا لم يتمكن روحاني أن يثبت نتائج ملموسة لنجاح دبلوماسيته النووية ستكون حظوظه في البقاء لولاية ثانية ضئيلة، وهذا بدوره قد يذهب بأكبر إنجاز حققته السياسة الخارجية لأوباما.

كاتب عمود رأي بصحيفة نيويورك تايمز