تعريف "المعركة" عند البيت الأبيض

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١١/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٠٥ ص
تعريف "المعركة" عند البيت الأبيض

دان سوليفان

عندما يكون الرئيس الأمريكي على خلاف معلن مع وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان المشتركة في واحدة من أهم القضايا التي تواجه أمتنا – وهي هل يتم إرسال أبنائنا وبناتنا للقتال في الخارج – فيجب أن يكون هذا مدعاة لقلق وطني كبير.
لقد أخبر الرئيس أوباما الشعب الأمريكي مرارا وتكرارا أن القوات الأمريكية لا تشارك في معارك في الشرق الأوسط. وفي عام 2010، أعلن قائلا "إن مهمتنا القتالية تنتهي الآن" في العراق. وقد استخدم نفس الكلمات في عام 2014 بخصوص أفغانستان. وفي الآونة الأخيرة، قال إن مهمتنا في سوريا "لن تتضمن إرسال قوات أمريكية مقاتلة تحارب على أرض أجنبية".
ولكن في الأسبوع الفائت في إحدى جلسات استماع لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، سألت وزير الدفاع آشتون كارتر ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد هل قواتنا في الشرق الأوسط، بما فيه سوريا، تشارك في عمليات قتالية، فقال كلاهما بشكل حاسم "نعم". ولأفراد جيشنا الذين يخدمون في الخارج أقول إن كارتر ودانفورد ذكرا ما هو بديهي.
في الحقيقة، تذكر التقارير الأخيرة في صحيفتي ذا بوست وذا ميليتري تايمر أن هناك ما يقرب من 200 فردا من مشاة البحرية في قاعدة "Fire Base Bell" في شمال العراق يطلقون نيران المدفعية بشكل يومي لدعم للقوات العراقية وقتل إرهابيي تنظيم داعش. كما أن جنودنا الذين يعملون كجزء من قيادة العمليات الخاصة المشتركة في الشرق الأوسط يقومون بعمليات منتظمة لمكافحة الإرهاب لقتل وأسر الإرهابيين. ومنذ عام 2014، قام طيارونا الشجعان بإسقاط نحو 40,000 قنبلة في كل من العراق وسوريا في مهام دعم جوي تركز على قتل أفراد تنظيم داعش وتدمير بنيتهم التحتية والإمداد العملياتي. كما تم إسقاط 1200 قنبلة أخرى لدعم التحالف القتالي في أفغانستان الذي يحارب طالبان.
وقد قُتل بعض أفراد خدمتنا القتالية وهم يقومون بتلك العمليات، وأصيب آخرون بجروح. كل هذا هو التعريف الدقيق للقتال.
وعلى عهدة كارتر، الذي قال في جلسة الاستماع: "هؤلاء الناس في مهام قتالية ... وأعتقد أننا نحتاج أن نقول هذا بوضوح".
على ما يبدو أن البيت الأبيض لم يستلم المذكرة. ففي الأسبوع الفائت، عندما سئل المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، عن فرد البحرية المقاتل الذي قُتل في معركة شرسة ضمن قوات من العمليات الخاصة الأمريكية وقوات الكوماندوس الكردية ومقاتلين من تنظيم داعش، قال إن "الأعداد الصغيرة نسبيا من أفراد القوات الأمريكية المشاركة في هذه العمليات لا تشارك في مهام قتالية ولكنها موجودة في مكان خطير".
فلماذا يواصل أوباما والبيت الأبيض قصصه الخيالية بأن القوات الأمريكية لا تشارك في قتال؟ لعل القائد العام يجهل حقا أنهم في قتال، وهو ما من شأنه أن يكون مزعجا حقا. ولكن الاحتمال الأرجح هو أنه بسبب أنه قال للشعب الأمريكي مرارا وتكرارا أنه سينهي الحروب ولن يرسل قوات مقاتلة إلى الشرق الأوسط، فإن تشويهات الكلام القادمة من البيت الأبيض هي جزء من محاولة ملتوية لإنقاذ وحماية إرث الرئيس.
ولكن من خلال ليّ الحقيقة لأغراض سياسية، فإن الرئيس يقترب بذلك بشكل خطير من ترك إرث من الخيانة عندما يتعلق الأمر بتدخلنا العسكري في الشرق الأوسط. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن هذه الخيانة تأتي معها تكاليف باهظة.
أولا، فهي تقلل من خدمة وتضحية قواتنا وأسرهم. فالأمريكيون الذين يخدمون في العراق وسوريا وأفغانستان يعرفون إنهم مشاركون في عمليات قتالية. والقائد العام بحاجة إلى أن يعترف بهذه الحقيقة والشجاعة التي تترتب عليها، لا أن يخفي الطبيعة الحقيقية لواجبهم.
ثانيا، أنها تزيد من تقويض مصداقية السياسة الخارجية الواهية للإدارة الأمريكية الحالية بشأن هدفها المعلن المتمثل في هزيمة تنظيم داعش. وفي حين أن هذا هو الهدف الصحيح، فإن هناك سلسلة من الأخطاء في الشرق الأوسط، منها فشل الرئيس في فرض خطه الأحمر عندما تجاوزه بشار الأسد في سوريا، أوصلتنا إلى النقطة التي أصبح عندها خصومنا وحلفاؤنا يتشككون في مصداقية وقرار الولايات المتحدة. إن إرهابيي تنظيم داعش يعلمون أنهم في قتال ضد القوات الأمريكية، ولكن عندما يقول الرئيس خلاف ذلك، يكون ذلك إشارة إلى عدم القناعة، مما يجعل من الصعب هزيمة هؤلاء الإرهابيين.
وأخيرا، إن عدم الأمانة بخصوص دور قواتنا تسمح لمرشحي الرئاسة بتجنب الخوض في قضية صعبة. على سبيل المثال، قد سُمح لهيلاري كلينتون مرارا وتكرارا أن تقول، دون منازع، أنها ستواصل سياسات الرئيس بعدم إرسال قوات مقاتلة إلى سوريا والعراق.
منذ خمسة وأربعين عاما، استحث جون كيري، الذي أصبح وزيرا للخارجية، وهو يتحدث وقتها بوصفه محاربا قديما شارك في حرب فيتنام، استحث الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت على أن تكون صادقة وأمينة بشأن الأدوار التي كان يؤديها العسكريون من رجالنا ونسائنا في فيتنام. وفي شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، قال كيري: "نحن قدامى المحاربين يمكننا فقط النظر باستغراب إلى حقيقة أن هذا البلد لا يستطيع أن يرى أنه لا يوجد فرق على الإطلاق بين القوات البرية وطاقم المروحية، ولكن الناس قبلوا أن هناك فرقا روجت له الإدارة".
لقد تغير المسرح، ولكن كلمات كيري لا زال صداها يتردد. من أجل مصلحة قواتنا، ومصلحة بلادنا، دعا إلى الصدق والأمانة في ذلك الوقت – تماما كما ينبغي علينا جميعا أن ندعو إليهما الآن.

نائب جمهوري عن ولاية ألاسكا في مجلس الشيوخ الأمريكي
وهو عضو في لجنة القوات المسلحة بالمجلس،
وعقيد سابق في سلاح احتياطي مشاة البحرية الأمريكية.