تدريبات بريطانية لمواجهة عملية إرهابية

الحدث الثلاثاء ١٠/مايو/٢٠١٦ ٢٣:٥٩ م

لندن –
بدأ ضباط وحدة مكافحة الإرهاب بشرطة «نورث ويست» البريطانية مساء أمس الأول الاثنين تدريباً عملياً لمكافحة الإرهاب في مدينة مانشستر. وشاركت خدمات الطوارئ في التدريب الكبير لمكافحة الإرهاب في مركز ترافورد التجاري، حيث تسلح الضباط بالبنادق الآلية، لاختبار رد فعلهم على أي هجوم إرهابي محتمل، ويشارك في العملية التي تستمر حتى منتصف الليل نحو 800 شخص، وتشمل مواجهة الشرطة لانتحاري يحاول إيقاع أكبر عدد من الضحايا في سوق تجاري. يأتي ذلك بعد أن كشفت وحدة الضباط المسلحين بالشرطة البريطانية عن زيادة الطلبات المقدمة ‏لها من جانب الضباط غير المسلحين للتدريب بعد هجمات باريس الإرهابية في شهر نوفمبر ‏الفائت. ‏

وتشهد شرطة «وست ميدلاندز» المسؤولة عن حماية نحو ثلاثة ملايين شخص- في ‏أكبر منطقة حضرية خارج لندن- أكبر عملية تدريب في وحدة ‏الأسلحة النارية. وبعد خمس سنوات من تراجع أعداد الشرطة المسلحة في المملكة المتحدة، يجري حاليا إعادة ‏تدريب 1500 ضابط في جميع أنحاء انجلترا وويلز رداً على التهديد الحالي من الإرهاب.‏ وتسببت الهجمات المـــــتزامنة في باريس في نوفمبر الفائت في إعادة تنظيم فورية لـــــقوات ‏الشرطة المسلحة رداً على أي خطر محتمل.‏

تهديدات إرهابية

في أبريل الفائت حذّر مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، جيمس كلابر، من «تكرار سيناريو هجمات بروكسل في بريطانيا»، مشيراً إلى أن عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي يخططون لتكرار مثل هذه الهجمات في بريطانيا وأنه يتم حالياً العمل على إحباط تنفيذ مثل هذه الهجمات. وأوضح كلابر، خلال استضافته من طرف صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية، أن «بريطانيا توجد بها خلايا تابعة لداعش وتخطط لشن هجمات مشابهة للهجمات التي تعرضت لها العاصمة البلجيكية (بروكسل)» واستهدفت المطار ومحطة مترو، وأسفرت عن مقتل أكثر من 30 شخصاً وإصابة العشرات. وأضاف، حسب تقارير إخبارية، أنه يجري حالياً جمع المعلومات والأدلة التي من شأنها أن تؤدي إلى إحباط تنفيذ عمليات إرهابية في الدول التي تم ذكرها.

وأشار كلابر إلى أن أوروبا تواجه «عوائق وصعوبات» حيث تواجه الصراعات الأساسية من جهة دعم التفتح وحركة التحرر والانفتاح والحرية والخصوصية، ومن جهة أخرى تواجه مسؤولية كل دولة لحماية أمنها وحدودها وشعبها.
وقال إن تنظيم «داعش» استغل أزمة اللاجئين في أوروبا وزج بعناصره ضمن هؤلاء اللاجئين مما جعل الدول المستقبلة للمهاجرين واللاجئين تعي ذلك وتشدد من الإجراءات اللازمة لتحديد هذه العناصر.
وأضاف مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية إن بلاده تفعل كل ما بوسعها لمشاركة المعلومات مع الحلفاء في أوروبا.

صلاحيات إضافية

في سبتمبر الفائت طالب رئيس جهاز المخابرات الداخلية البريطاني (إم آي 5) أندرو باركر، بمنح أجهزة الأمن المزيد من الصلاحيات لمجاراة التكنولوجيا التي يستخدمها «المتشددون»، وذلك في أول مقابلة إعلامية تبث على الهواء مع مسؤول مخابرات بريطاني كبير.

وتعتزم حكومة ديفيد كاميرون سن قوانين جديدة هذا العام لتعزيز قدرات أجهزة المخابرات والشرطة، لكنها تواجه معارضة من جماعات حقوق الإنسان وحماية الخصوصية التي تعتبر مثل هذه الإجراءات اعتداءً على الحريات.
وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قال باركر، إن بريطانيا تواجه أخطر تهديد إرهابي منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة، وأحبطت ست هجمات العام الفائت. وأضاف باركر «أنه تهديد يتزايد بشدة بسبب الوضع في سوريا». وفي أغسطس من العام 2014 رفعت بريطانيا مستوى تهديد الإرهاب إلى «خطير»، وهو ثاني أعلى مستويات التهديد، وينذر بأن احتمالات وقوع هجمات مرتفعة للغاية، وأرجعت السلطات البريطانية ذلك -في الأساس- إلى الخطر الذي يشكله تنظيم داعش والبريطانيون الذين انضموا إليهم.
ويقول رؤساء أجهزة المخابرات وكاميرون منذ سنوات إن بريطانيا تحتاج لمنح أجهزة الأمن سلطات أوسع لمواجهة التهديد والحيلولة دون وقوع هجمات أخرى في حجم «التفجيرات الانتحارية» التي وقعت في لندن العام 2005، حينما قُتل 52 شخصاً. لكن إجراءات تعزيز المراقبة واجهت معارضة واسعة حتى من داخل حزب المحافظين الذي يتزعمه كاميرون.
وقال باركر إن أجهزة الأمن تواجه صعوبة أكبر في منع وقوع هجمات «المتشددين» الذين يستفيدون من التطورات التكنولوجية لإخفاء خططهم عن السلطات. وأوضح أنه كي تتمكن أجهزة الأمن من إفشال هجمات فلا بد أن تمكن الأجهزة من تصفح الإنترنت لرصد «الاتصالات الإرهابية».

في مرمى الإرهاب

«الصناعة النووية في بريطانيا عُرْضة لتهديدات الهجمات الإلكترونية «السيبرانية»، والإرهاب وأنشطة التجسس التي ترعاها الدول»..

هذا ما حذّر منه مكتب اللوائح النووية البريطاني في خطته الاستراتيجية 2016-2020 والذي أشار فيها إلى تنامي المخاطر من هجمات محتملة على المفاعلات النووية العاملة بالفعل في بريطانيا والبالغ عددها 15، والتي تمثل قرابة خُمس إنتاج البلاد من الكهرباء.
وذكرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية أن تلك هي المرة الأولى التي يقرّ فيها مكتب اللوائح النووية صراحة بتزايد التهديدات الإرهابية على الصناعة النووية.
وذكرت الوثيقة التي كشف عنها المكتب أن «إدارة التهديدات الإرهابية في القطاع النووي ستستمر بصورة فاعلة عبر الإمكانيات القومية والعالمية».
وأوضحت الوثيقة أن «الإخفاق في حماية سرية ونزاهة ووجود المعلومات والأصول الأخرى الحساسة من التهديدات الأمنية سواء القائمة أو المحتملة التي تواجه البنية التحتية النووية في المملكة المتحدة، مثل الهجمات الإلكترونية والأنشطة الإرهابية وأنشطة التجسس التي ترعاها الدول» تجيء على رأس المخاطر التي تواجه الصناعة النووية.
وتواترت أنباء مؤخراً أن مسلحي تنظيم «داعش» والذي نفّذوا تفجيرات بروكسل الأخيرة، ربما يكونون قد خططوا لسرقة مواد مُشِعّة من المحطة النووية في بلجيكا واستخدامها في تصنيع القنبلة الذرية.
وقال جون لارج، الخبير النووي الذي حذّر في تقرير صدر في 2014 عن السلطات الفرنسية من كون المفاعلات النووية عُرضة لمخاطر الهجوم بالطائرات دون طيار، إن مواجهة تلك التحديات ربما تكون متأخرة جداً.
وأوضح لارج أنّ المشكلة تكمن في أنّ تلك المفاعلات قد صممت في خمسينيات وستينيات القرن الفائت، وبالطبع تجاهلت تلك التصميمات المخاطر الإرهابية المحتملة، ولعلَّ تلك هي المشكلة التي تعترض الصناعة النووية الآن.
كان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو قد أكد الجمعة على ضرورة أن يفعل العالم المزيد لدرء خطر «الإرهاب النووي»، مؤكداً أنه لا يجوز استبعاد إمكانية تنفيذ اعتداء من هذا النوع مع ما ينطوي عليه من عواقب مدمرة.
وقال أمانو، في مقابلة أجراها مع «فرانس برس» في فيينا: إن «الإرهاب يتوسع، ولا يجوز استبعاد إمكانية استخدام مواد نووية». وأضاف أن «على الدول الأعضاء إبداء اهتمام متزايد بتعزيز الأمن النووي».
وضبطت الشرطة البلجيكية في يناير الفائت في إطار عمليات المداهمة التي جرت على اثر اعتداءات باريس، نحو عشر ساعات من تسجيلات فيديو تستهدف مسؤولاً في الصناعة النووية البلجيكية.
وفضلاً عن خطر الهجوم المباشر على إحدى المنشآت النووية في العالم، المقدر عددها بنحو ألف منشأة، يأتي الخطر الرئيسي من سرقة المواد المشعة، وفقاً لـ»أمانو». وقد أحصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في خلال نحو عشرين سنة حوالي 2800 حالة تهريب وحيازة غير مشروعة أو «فقدان» مواد مشعة، منها حادث في العراق العام الفائت.
وفي المجمل، يوجد في العالم ما يكفي من البلوتونيوم واليورانيوم المخصب لصنع ما يساوي 20 ألف قنبلة من نوع قنبلة هيروشيما بحسب مجموعة خبراء دولية حول المواد الانشطارية. وبشكل أبسط فإنه بإمكان تنظيم مثل تنظيم «داعش» أن يصنع بسهولة «قنبلة قذرة».