التبغ غير المدخن آفة خطيرة تهدد الصحة و الاقتصاد

مؤشر الثلاثاء ١٠/مايو/٢٠١٦ ٢٣:١١ م
التبغ غير المدخن آفة خطيرة تهدد الصحة و الاقتصاد

مسقط - ش

التبغ غير المدخن أو ما يسمى محلياً "الأفضل" أو "السويكة" آفة خطيرة تلتهم صحة فئة المراهقين في السلطنة، وتستهدف هذه الأخطار الطلبة في المدارس والجامعات بصفة خاصة والشباب بصفة عامة من قبل فئة تروج السموم والمخدرات لهم، وتلجأ إلى أساليب متعددة للوصول إلى هؤلاء الطلبة في أماكنهم، وأحياناً في استغلال زملاء لهم وإغرائهم بالمال من أجل الإيقاع بزملائهم في وحل والإدمان، ويتخذ هؤلاء وسائل عدة بينها البيع السري للتبغ غير المدخن عن طريق التنقل بالدراجات الهوائية وبيعها عبر استغلال الأطفال للترويج لهذا السم. و صفحة "المستهلك" تسلط الضوء مرة أخرى على المخاطر التي يتعرض لها الطلاب في المدارس والجامعات، والتي تعكس حجم الكراهية التي يحملها بعض الأيدي العاملة الوافدة في السلطنة لاستقرار هذا الوطن وأمنه، وتسامح سكانه، كما تعكس الاساليب التي تستخدمها للترويج ضعف المشاعر الإنسانية لديها، وضرب عملية التنمية المستدامة من خلال التأثير في الكوادر البشرية التي يأمل منها التفرغ للدراسة والابتكار.

ناقوس الخطر

في البداية يقول الدكتور سيف بن ناصر المعمري، أستاذ مشارك بكلية التربية جامعة السلطان قابوس، وخبير إقليمي في مجال المواطنة وتربيتها: لا شك أن هناك العديد من الأخطار التي يتعرض لها الطلبة في المدارس والجامعات بصفة خاصة والشباب بصفة خاصة، لعل أهمها هي استهدافهم من قبل تلك الفئة التي تروج السموم والمخدرات لهم، حيث طالعتنا الجهات الرسمية المعنية بهذه القضايا بكثير من الحالات التي تم فيها الكشف عن هذه الجماعات التي تلجأ إلى أساليب متعددة للوصول إلى هؤلاء الطلبة في أماكنهم، وأحياناً في استغلال زملاء لهم وإغرائهم بالمال من أجل الإيقاع بزملائهم في وحل التدخين والإدمان.

وأشار الخبير الإقليمي في مجال المواطنة وتربيتها إلى ضرورة دق ناقوس الخطر لدى الجميع سواء الجهات المشرفة على المؤسسات التعليمية أم الآباء والأمهات بأننا نواجه إشكالية كبيرة يجب أن نعطيها حقها من الأهمية، ولابد أن نقوم بتوعية هؤلاء الطلبة وتوفير بيئات آمنة لهم، وعندما تظهر قضية لابد من استجابة المنهج لها بإدخال دروس وأنشطة وفعاليات تساعد في الحد منها، فالمنهج ليس ثابتاً لكنه مرن يكيف مع احتياجات الطلبة وقضاياهم، ويكيف من أجل التغلب على التحديات التي تواجه المجتمع.

ضرب عملية التنمية

وأكد إن تعرض "تجار السموم" لهذه الفئة يعكس حجم الكراهية التي يحملونها لاستقرار هذا الوطن وأمنه، وتسامح سكانه، كما يعكس ضعف المشاعر الإنسانية لديهم، كما يهدفون إلى ضرب عملية التنمية المستدامة من خلال التأثير في الكوادر البشرية التي يأمل منها التفرغ للدراسة والابتكار، وبالتالي فإن المواطنة تقتضي أولاً تشديد التشريعات وما تتضمنه من عقوبات لهؤلاء الذين يتجرؤون، كما تتطلب تعزيز الإحساس بالانتماء لدى الطلبة بحيث يدركوا واجباتهم في التصدي لهؤلاء والتبليغ عنهم والتعاون مع الجهات المختصة من أجل الإيقاع بهم، كما يتطلب الأمر من المجالس البرلمانية مناقشة هذه القضية مع الجهات المسؤولة عنها، من أجل الوقوف على واقع ما تقوم به من جهود للتصدي، وعلى الإعلام دوراً كبيراً في تخصيص مساحات أسبوعية لمناقشة تطورات هذه الحالة.

وأضاف: لا شك أن الهدف من التربية ليس تزويد الفرد بالمعلومات إنما يمكن هدفها في بناء فرد يمتلك التعامل مع المخاطر المختلفة التي تواجه، كما أن مسؤولية المؤسسات التعليمية لا تقتصر على الإشراف على تنفيذ المنهج أو البرامج التعليمية إنما مسؤوليتها تمتد إلى توفير البيئة الآمنة للطلبة، وإذا كنا لا نعطي أمن الطلبة الأهمية التي يستحقها لابد أن نغير أولوياتنا وإلا فإننا نلقي بعشرات المئات من طلبتنا في شراك هؤلاء المروجين مما يؤثر على نواحي كثيرة منها أمن الطلبة واستقراره لاحقاً حيث سيلجأ هؤلاء الطلبة لاحقاً لعمليات السرقة والسطو وغيرها من الوسائل الإجرامية من أجل توفير ما يحتاجونه من سموم.

أثارها السلبية على الفرد

وقال الدكتور حمود بن خميس النوفلي، أستاذ مساعد بقسم الاجتماع والعمل الاجتماعي بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة السلطان قابوس: مما لا شك فيه أن هناك خطورة كبيرة من انتشار تناول التبغ غير المدخن، فهناك خطورة صحية تتمثل في إلتهابات اللثة، بالإضافة إلى دخول تلك السموم إلى المعدة مما ينتج عنه انتشارها عبر الجهاز الهضمي إلى مختلف أعضاء الجسم، بالإضافة إلى تأثيرها على الجهاز العصبي كون مكوناتها تخاطب الدماغ فتؤثر عليه بحالة من الاسترخاء والخمول أو المطالبة بها في حال استمر عليها الشخص لفترة .. كما أن لها آثار على الحالة النفسية للفرد فمتناولها لديه إعتقاد انها هي من تدفع عنه التفكير والضيق، وبها يشعر بالاسترخاء، مما يؤدي إلى برمجة عقله الباطن وتأثير غير طبيعي في حال فقدها أو تأخر عن تناولها، ينتج عن ذلك توتر وعصبية تجاه من حوله .. أما تأثيرها على المستوى الدراسي فإن الطالب الذي اعتاد على تناولها تؤثر على مستواه الدراسي لعدم قدرته على التركيز والفهم في المدرسة كون إدخال أو تناول تلك المواد أمر تحضره أنظمة المدرسة، بالإضافة إلى القلق المصاحب له في حال استخدامها دون علم والديه .. كذلك لها تأثير على الجانب الحضاري، إذ أن مستخدمها يضطر لإخراج السوائل بشكل مستمر مما يشوه أرضيات الممرات العامة أو أرضيات المدارس، وما ينتج عن ذلك من روائح كريهة.

وأشار إلى أن المجتمع عليه مسؤولية كبيرة حيال ذلك، إذ أن أولى تلك المسؤوليات تتمثل في توعية الأبناء قبل ولوجهم في استخدام تلك المواد غير المدخنة، وتلك التوعية تتم في المساجد وفي المدارس وفي الأسر، بالإضافة إلى أهمية أن تقوم وزارة الصحة أو البلدية بتحليل مختبري لمكونات تلك المواد ونشرها في مطويات للمجتمع يحدد فيها نسب تلك المكونات وأضرار كل منها، كما انه لابد من إعادة النظر في التشريعات التي تتعامل مع تلك المادة، وإضافة مواد عقابية مشددة على من يقوم بالترويج لها أو بيعها سواء في المحلات المرخصة أو في المنازل بشكل شخصي.

السلوكيات الدخيلة

ونوه إلى أنه وللأسف الشديد يتم بيع تلك المواد بشكل علني في الطرقات ولدى محلات في ظاهرها تتاجر بمواد أخرى، ومن المعلوم بأن العمالة الوافدة هي من أدخلت هذه السلوكيات الدخيلة على المجتمع، وهي من يقوم ببيعها الآن بشكل غير قانوني، بل الأخطر من ذلك أنه يتم إضافة بعض المواد المخدرة لها حتى تؤدي إلى إدمان الشباب عليها مما يضمن له استمرارية الربح وتزايده، وعن كيفية بيعها، أود أن أذكر تجربة شخصية حول ذلك، إذ وبعد اكتشافنا لتناول تلك المواد في مدارس الطلاب والطالبات للأسف في إحدى المناطق، وبعد معرفة أماكن بيعها من قبل هؤلاء الطلاب، قمت شخصياً بالابلاغ عن تلك الأماكن التي بعضها محلات لبيع التبغ، وبعضها لدى باعة متجولين على دراجات هوائية، إذ رصدت طوابير من الأطفال الذين يشتروا منهم، وبعد الإبلاغ عليهم ومداهمتهم من قبل البلدية وأخذ الكمية التي بحوزتهم فؤجت بأنه بعد ساعة فقط رجعوا مرة أخرى للبيع واستمروا لسنوات في البيع دون رادع، كون التشريعات لا تجرم من يقوم بذلك الفعل "هذا الأمر قبل قرار الهيئة العامة لحماية المستهلك".

وأكد أن قرار الهيئة العامة لحماية المستهلك حظرها خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكن الرقابة من الهيئة فقط لا تكفي، كون أغلب تلك الرقابة تتم للمحلات التجارية، كما أن اعداد المراقبين الميدانيين لا يكفي مقارنة مع كثرة وتعدد الأحياء والأزقة التي يباع بها تلك المواد، بالإضافة الى قيام العمالة الوافدة ببيعها في المنازل، لذلك لابد من تكاتف باقي المؤسسات التشريعية والرقابية والتنفيذية من أجل وضع حد لذلك، لأن التبغ غير المدخن يؤدي إلى الإدمان خاصة مع استدامة استخدامها فلن يستطيع تركها بسهولة، مما يعني بأن بها مكونات ذات قدرة تخديرية وتؤدي للإدمان.

منظار طبي وتربوي.

وقال الدكتور هيثم بن كهلان البرواني، طبيب أول جراحة الفم والأسنان بمركز الشادي الصحي في مستهل الحديث عن هذه الآفة: إن الاهتمام بصحة الفم والأسنان من الأشياء الاساسية التي يجب على الجميع المحافظة عليها، لأن الأسنان تساعدنا على مضغ الطعام والنطق، كما أنها تعطينا المظهر الجميل، وهناك أمراض وعوامل تؤثر على صحة الفم والأسنان، إحداها التبغ غير المدخن الذي يسبب أمراضاً للفم والأسنان، والتبغ غير المدخن هو التبغ الذي يستخدم بطرق أخرى غير الحرق كالتدخين وإنما يتم استخدامه عن طريق مضغه أو استنشاقه، ويعتقد كثيراً من البشر أن استخدام التبغ غير المدخن أكثر أماناً من التدخين ولكن التبغ غير المدخن بالمضغ أو الاستنشاق يحمل أيضاً مخاطر كثيرة.

وأشار الدكتور هيثم البرواني إلى أن أول الأعضاء تأثراً بالتبغ غير المدخن هو الفم لأنه معرض مباشرة للمواد الكيميائية والمسرطنة الموجودة به .. كما أن الأنسجة الرقيقة الموجودة في الخدين واللثة والشفتين واللسان هي الأكثر تأثراً بها، ومن الأمراض والأعراض التي قد يسببها التبغ بجميع أشكاله وأنواعه، رائحة الفم الكريهة حيث أن المواد التي يحتويها التبغ تؤدي إلى خروج رائحة كريهة جداً من الفم، بالإضافة إلى تسبب التبغ غير المدخن لأمراض اللثة والأنسجة المحيطة بها مما تؤدي إلى انحسار اللثة والعظم مسبباً تخلخل الأسنان وسقوطها، كما يؤدي التبغ الممضوغ إلى تلون اللسان والأسنان حيث يتغير لونها وتنتشر بها البقع التي تكون بشكل واضح نتيجة المواد الموجودة في التبغ، ولا تختفي بمجرد تنظيف الاسنان بالفرشاة والمعجون بل يجب الاقلاع عن استخدام التبغ غير المدخن وزيارة عيادة الأسنان والخضوع لعملية تنظيف بمواد وأدوات خاصة .. أما بالنسبة للسان فيتغير لونه إلى اللون الأسود من تأثير التبغ وقد يسبب تشقق الشفتين.

سرطان الفم

وقال هيثم البرواني: كما يسبب التبغ غير المدخن إحدى أهم الأمراض وأخطرها على الإطلاق وهي سرطان الفم، ومن بعض أعراضه ظهور تقرحات في الفم تدوم لفترات طويلة ولا تختفي، أو ظهور بقع حمراء أو بيضاء غير طبيعية الشكل، وفي بعض الأحيان يكون على شكل ورم في الشفة أو داخل الفم، ومن المهم جداً أان نعرف أن سرطان الفم في مراحله الأولى قد يكون غير مؤلم ولا يجذب اهتمام المريض.

ونصح طبيب أول جراحة الفم والأسنان بمركز الشادي الصحي بالإقلاع عن استخدام التبغ بجميع أنواعه قبل أن تتفاقم المشاكل والأمراض الجسدية بشكل عام واعطاء النصائح والتوعية للتوقف عن هذه العادة السيئة التي لا تجلب سوى الأمراض، كما ان المراجعة الدورية لطبيب الأسنان ضرورية جداً للكشف العام والتشخيص المبكر لاي أمراض إن وجدت.

وأضاف أن من الوسائل التي يمكن استخدامها لكي يقلع مستخدمو التبغ الممضوغ عن هذه العادة السيئة إزالته من أي مكان سواءاً في البيت أو السيارة، وممارسة الرياضة فمعها نرى الفرق في النشاط وعدم التعب بعد الاقلاع عن استخدام التبغ غير المدخن مما يحفز على عدم الرجوع إليه، والتنفس العميق كوسيلة للاسترخاء، بالإضافة إلى مراجعة طبيب الأسنان أو الطبيب العام والاستفسار عن بدائل أو علاج ممكن يساعد عن الاقلاع عن استخدام التبغ غير المدخن.