مسقط- الشبيبة
تدور في الأذهان أسئلة عديدة حول مشروع قانون الحماية الاجتماعية الذي احالته الحكومة إلى مجلس عمان وشارف على الانتهاء من دورته التشريعية، ومن أهم هذه الأسئلة سؤالان أساسيان وهما: (1) لماذا تم دمج برامج التأمين الاجتماعي ومن ضمنها التقاعد مع برامج المنافع النقدية للأطفال وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة وغيرهم في قانون الحماية الاجتماعية، (2) ولماذا أطلق عليه قانون "الحماية الاجتماعية" بدلا من مصطلحات بديلة "كالرعاية الاجتماعية".
إن تكامل برامج التأمين الاجتماعي مع برامج المنافع الاجتماعية عبر تنظيمها في إطار تنظيمي وقانوني ومؤسسي واحد يتوافق مع ما جاء في النظام الأساسي للدولة؛ والذي ينص في مادته رقم (15) بأن الدولة "تكفل للمواطنين خدمات التأمين الاجتماعي، كما تكفل لهم المعونة في حالات الطوارئ، والمرض، والعجز، والشيخوخة"، حيث وردت برامج التأمين الاجتماعي – والتي تشمل برامج التقاعد – مع المعونات والمنافع الأخرى في ذات السياق، دلالة على ضرورة تكامل هذه البرامج في منظومة وتشريع واحد لتحقيق الأهداف المترابطة بينها.
كما يتوافق هذا الدمج مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته (25) حيث نص على حق الأشخاص في الخدمات والمنافع الاجتماعية، وكذا حقهم في التأمين الاجتماعي في حالات التسريح والمرض والعجز والشيخوخة و غيرها من الظروف الخارجة عن الإرادة. وهنا تتجلى الصورة بأن برامج المنافع النقدية وبرامج التأمين الاجتماعي ترتبط ارتباط وثيق في أهدافها وتكمل بعضها بعضا رغم اختلاف مصادر تمويلها.
من المعلوم بأن برامج التأمين الاجتماعي كالتقاعد والأمان الوظيفي تمول عن طريق الاشتراكات من العمال وأرباب الأعمال والحكومة لحماية العاملين في حال انتهاء خدماتهم بالتقاعد أو العجز أو الوفاة أو فقد الوظيفة أو خلال الاجازات المرضية، أما برامج المنافع النقدية فهي تمول من الخزانة العامة للدولة وهي حقوق مدنية للمواطنين ولا تمول من الاشتراكات.
وقد صدر المرسوم السلطاني رقم (33/2021( لتجسد الترابط بين مختلف برامج الحماية، وينتهج الشمولية التشريعية والمؤسسية في تنظيم أحكام برامج التأمين الاجتماعي والمنافع النقدية. حيث نص المرسوم السامي على انشاء مؤسسة تعنى بكافة هذه البرامج وهي "صندوق الحماية الاجتماعية"، كما نص على صياغة تشريع موحد لجميع البرامج تحت مسمى قانون الحماية الاجتماعية.
وقد كان من الحكمة البالغة تسمية القانون والمؤسسة بمسمى الحماية الاجتماعية، حيث يتوافق ذلك مع المصطلحات المستخدمة في أهم التوصيات الدولية، وعلى رأسها التوصية رقم (202) لمنظمة العمل الدولية المختصة في برامج التأمين وشبكات الحماية الاجتماعية. وهذا التوافق في التسمية والمضمون له صدى إيجابي على مؤشرات السلطنة الدولية وعلى تحقيق مؤشرات الرفاه والحماية الاجتماعية في رؤية 2040.
وأخيرا فإن لفظ الحماية أشمل وأدق في المعنى المراد، حيث أن الهدف هو حماية شرائح المجتمع المختلفة حتى لا تصل لمستويات الحاجة للمعونات والرعاية، وليس الانتظار حتى يصبح الشخص محتاجا ومن ثم محاولة ايجاده ومساعدته، وهذا يتجسد في تصميم البرامج التي أعلنت عنها الحكومة كبرامج كبار السن والأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة والأيتام والأرامل ودعم دخل الأسر.