بقلم: محمد محمود عثمان
هل تعاني شركات التأمين والتمويل و البنوك و مالكي السيارات من آثار التضخم وارتفاع أسعار المركبات و قطع الغيار وأسعار التصليح في وكالات السيارات بأنواعها والمُبالغ فيها ، ومن ثم ارتفاع تكاليف المطالبات في مختلف قطاعات التأمينات بما فيها الممتلكات والتأمين على الحياة، في ظل تراجع القوة الشرائية للعملة ، وما يتبع ذلك من الخسائر وتداعياتها ، أو أن المعاناة الأكبر تشمل المؤمن لهم أيضا عند ارتفاع أقساط التأمين؟
خاصة أن شركات التأمين تتضرر حاليا من تطبيق بنود وثيقة التأمين الشامل الموحدة للمركبات ، مع وجود انعكاسات سلبية لذلك على أصحاب المركبات، وحاملي وثائق التأمين و المساهمين عند التعرض للحوادث ، لذلك تطالب شركات التأمين بتطبيق مفهوم القيمة السوقية للقسط التأميني الشامل الذي يختلف عن حساب قيمة وثيقة التامين الموحد للمركبات ،المرتبط بجدول الاستهلاك
بزعم أن التعامل بالقيمة السوقية للمركبة المؤمنة يُعد تقييما عادلا في ظل بند الاستهلاك السنوي الذي يسبب عدم التوازن وفقدان العدالة عند التعويض عن الضرر وسداد المطالبات ، فهناك السيارات الفخمة التي تتساوى في الأعباء التأمينية مع السيارات الأقل في القيمة ، ومن ثم لا يوجد توازن في المحفظة التأمينية و الالتزامات، باعتبار أن الوضع الراهن يسبب ضررا لجميع الأطراف من المساهمين ووكالات المركبات و حملة الوثائق التأمينية ، مع اختلال أداء محفظة تأمين المركبات و عدم التوازن بين المسئوليات التي على عاتق الشركة و الانخفاض في أقساط التامين و المخصصات و الاحتياطيات الفنية و القانونية ،بالإضافة إلى تأثُر أصحاب الأسهم ، لأن انخفاض أسعار أقساط التامين وارتفاع تكاليف التغطية التأمينية يؤثر على أرباح المساهمين ، بما يعرض الشركات للإفلاس ، وما ينتج عنه من نقص توفير الحماية و السلامة للأرواح و الممتلكات ، وهى من حقوق الانسان ، فضلا عن تأثير ذلك على الاقتصاد والتنمية، ولذلك تنص بنود القوانين المدنية على الزامية التامين على المركبات في كل المجتمعات ،لأن التأمين نوع من التكافل ، ومن العناصر الفاعلة والجوهرية في الحفاظ على الممتلكات والثروات الاقتصادية ، وفي التعويضات التي تحمى كرامة الكثير من غير القادرين على تعويض خسائرهم والتزاماتهم القانونية قبل الآخرين ، و يأتي في إطار المسئولية الاجتماعية والتكافلية التي تحقق تقدم واستقرار المجتمع ، لذلك من الضروري الحفاظ على صناعة التامين ومصالح المجتمع و حاملي الوثائق التأمينية و شركات التمويل و البنوك ، وكذلك الأمر يتطلب حماية المستهلك كطرف مهم في هذه المعادلة ، في ظل تأخير إنجاز المعاملات و سداد مطالبات الإصابات البدنية والتعويضات وسداد فواتير المستشفيات والعلاج ، لأن الإشكالية القائمة أن الكثير من شركات التأمين غير قادرة على تحقيق التوازن و زيادة مواردها ، من غير الأقساط التأمينية ، ولا زالت خدماتها قاصرة ،وإدارتها تُؤثر السلامة تحسبا من تقديم خدمات تأمينية جديدة تحسبا من أن تضيف إليها أعباء إضافية ، أو تتسبب في المزيد من الخسائر، لذلك عكفت للسكون والخمول ، ولم تطور من أفكارها التأمينية ، أو الدخول في استثمارات تُدر عليها دخلا إضافيا، يعالج التأثير السلبى لزيادة تكاليف المطالبات عن الأرباح ، ويساعدها على تعويض الخسائر و تغطية الالتزامات التي قد تُجبر عليها أيضا من قبل المحاكم القضائية أو من السلطات الرقابية والإشرافية ، كما لم تهتم شركات التأمين بالدراسات والبحوث التي تمكنها من التعرف على احتياجات السوق ، من خلال الدراسات العلمية والميدانية والتي تساعدها في الوقت ذاته على تقديم خدمات متميزة للجمهور ،الذي يطالب دائما بتخفيض الأقساط ونسبة المساهمات ، مما يجعلنا أمام معادلة صعبة ،ولا سيما عندما نجد ثمن السيارات الفخمة التي تتساوى في الأعباء التأمينية مع السيارات الأقل في القيمة ،إلى جانب الأسباب التي تتعلق بسوق التأمين و الشركات الصغيرة التي تقدم العروض والأسعار المتدنية جداً ،على حساب جودة المنتج بعيدا عن المنافسة الشريفة ،في ظل سباق الأسعار التحطيمية التي ينتهجها البعض ،بالإضافة إلى عدم التحول إلى الاندماج أو الاستحواذ لتكوين كيانات تأمينية قوية تستطيع المنافسة والصمود ، وإن كانت تحتاج إلى التسهيلات التي تُيسر لها ذلك ، من خلال بعض التشريعات و التحفيزات التي تشجع في ذات الوقت على ثقافة الاندماج او الاستحواذ، ثم تضع آلية عملية لتسعير المخاطر بصورة موضوعية ، على أن تتضمن شروط الوثيقة التأمينية التعويض عن الأضرار النفسية وتوابعها التي قد تصيب المؤمن لهم ولأسرهم من جراء الحوادث ، وتحمل تكاليف العلاج النفسي ،ومن الرؤية الجديدة التي نطرحها وضع آلية محاسبية ولو في وثيقة مستقلة – بالتنسيق مع وكالات السيارات - لمن يرغب من المؤمن لهم بتعويضه بسيارة جديدة لا تقل عن مواصفات سيارته التي تتعرض لحوادث كبيرة ،بالإضافة إلى أهمية استحداث وسيلة مستقلة بعيدا عن سلك المحاكم والقضاء تتسم بالسرعة لإنهاء إنجاز المعاملات التجارية والمالية في قطاع التأمين بطرق غير رسمية من خلال عرض خيارات وبدائل من خارج الصندوق ،كما هو مطبق في بعض الدول تحت اسم نظام "أمين المظالم Ombudsman "