تعثر القطاع الخاص .. والتراجع الاقتصادي

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٧/أبريل/٢٠٢٣ ١٥:٢٦ م
تعثر القطاع الخاص .. والتراجع الاقتصادي

بقلم: محمد محمود عثمان 

  نشهد الكثير من المؤشرات السلبية التي تصاحب التراجع الاقتصادي غير المنظور، من خلال معاناة فئات كبيرة من المجتمع ، من جنون الأسعار وارتفاع معدلات التضخم بأنواعه وانخفاض الدخل وتراجع مستويات الأجور ، وتقلص أو انعدام فرص العمل الحقيقية ،في الحكومة والقطاع العام ،وعجز القطاع الخاص عن استيعاب مخرجات التعليم ،الذي يفاقم المشكلة ويزيدها تعقيدا لأنهم بدون خبرات أو مهارات، بعد تكدس وتراكم أعداد الباحثين عن العمل ، وزيادة معدلات البطالة ، ووجود أكثرمن 3 ملايين عاطل على مستوى العالم ، 

بالإضافة إلى ما نعايشه من آثار اضطرابات اقتصادية واجتماعية تمثل مخاطر قائمة وقاتمة انعكست بشكل واضح ومؤثر على أسعار العملات المحلية في معظم الدول في مقابل الدولاروالعملات الدولية ، خاصة خلال وبعد الفترة التي أحكم فيها فيروس كورونا قبضته على عقول كل الإدارات السياسية والاقتصادية التي استسلمت له طواعية ، ومن ثم سلمت اقتصادها للمجهول ، بعد أن قيدت حركة الاقتصاد والسياحة والاستثماروأغلقت الحدود على شعوبها، بلا وعي لعدة سنوات ،وقد فاقم من حجم المشكلة توقف سلاسل التوريد والإمداد العالمية منذ بداية حرب أوكرانيا، 

التي أضرت بالصناعات المحلية التي تعتمد على استيراد المواد الخام ومدخلات الإنتاج من الخارج ، الأمر الذي أدى إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بدرجات مختلفة ، بجانب ضعف تدفق الاسثمارات الأجنبية ، وهروب الاستثمارات المحلية ، الذي يعد مقياسا حقيقيا لقوة الاقتصاد و يعد انعكاسا طبيعيا لتعثر أوتوقف أنشطة القطاعات الخدمية والإنتاجية والتجارية والمصرفية،وإحجام مؤسسات التمويل والبنوك عن الإقراض ،التي صاحبها زيادة الديون المتعثرة والمعدومة ، وعدم قدرة المدينين على السداد،ووجود أحكام قضائية بسجنهم، وتعثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تُجبرعلى التصفية والإفلاس ،لأنها لا تستطيع توفير السيولة لتسييرعملها ، في ظل عدم القدرة على توفير ضمانات الاقتراض ،التي تتطلبها البنوك وشركات التمويل ، التي تتسم بالروتين والبيروقراطية والخوف من اتخاذ القرار، بما يمثل العقبة الكؤد أمام مواصلة مسيرتها ،في ظل افتقاد الآليات الحكومية القادرة على دعم أنشطة مؤسسات وشركات القطاع الخاص بالقدر الكافي ،وعجز المسؤولين عن القطاع الخاص عن إدارة مصالحه والمحافظة عليها سواء في غرف التجارة والصناعة أم في شعب الصناعات المتخصصة التي تضمها ، التي يجب أن تعلم كل صغيرة قبل الكبيرة عن متطلبات ومشكلات شركات وأنشطة القطاع الخاص الذي تمثله ، وتتصدى لها ،في مواجهة القرارات الحكومية غير المدروسة التي تتعارض مع مصالحة ، بدلا من بيانات الإشادة والتثمين لأي إجراءات حكومية حتى لوكانت تتعارض مع مصالح القطاع الخاص مجاملة للمسؤولين ، 

لأن هذه السلبية أثرت بشدة على دخل مؤسسات وشركات الخاص التي توقفت أو تعثرت أو أعلنت إفلاسها بعد زيادة تكاليف شراء المواد الخام و الارتفاع الشديد والسريع في النفقات الإجمالية،في القطاعات غير النفطية ،بعد تعرضها للضغوط التضخمية المتزايدة وتأثيرها على الطلب ، الذي أدى إلى انكماش حاد في الإنتاج ، واللجوء إلى تسريح العمال عشوائيا ، وفقد الكثير من أصحاب الخبرات والمهارات القادرة على العمل والإنتاج ،في ظل الفجوة المهاراتية التي تعاني منها أسواق العمل العربية بوجه عام، التي تعوق أداء القطاع الخاص ،وتؤثر على قدرته على الاستمرار والعطاء لرفد الاقتصاد ، 

خاصة إذا كان هذا القطاع هشا أو ضعيفا ويعتمد في الأساس على حجم الانفاق الحكومي ، الذي تراجع كثيرا مع اتباع سياسات التقشف والترشيد ،في الوقت الذي تضغط فيه الحكومات بفرض عمليات توظيف للأيد العاملة المحلية في شركات القطاع الخاص ، التي تعاني من تراكم حجم العمالة غير المدربة أو المؤهلة، والتي تفتقد إلى الخبرة والمهارة ، وتعد من العناصرغيرالمنتجة ذات التكلفة غير الاقتصادية ،وما ينتج عن ذلك من مضاعفة الخسائر ، التي ينجم عنها المزيد من التراجع الاقتصادي، الذي سيستمر بنجاح إذا لم تسارع الحكومات بزيادة الإنفاق الاستثماري ، وجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية ، التي تدعم مشروعات وشركات القطاع الخاص التي انهارت أو توقفت أو تعثرت ، لإنقاذها من الغرق ولوضعها على الطريق، واستعادة البيئة التشغيلية المحفزة، والاستفادة من رجال الأعمال من أصحاب الخبرات في إدارة دفة القطاع الخاص ، مع تنظيم وضبط سوق العمل والمحافظة على الأيد العاملة من ذوي المهارات والخبرات باعتبارها العنصر الأساسي في العملية الإنتاجية

، لعلنا ننجح في مساعدة القطاع الخاص في أن يتنفس بحرية وأن يتحررمن القيود التي تكبل حركته وقدرته على العمل والإبداع ، لأنه هو الذي يحمل الجزء الأكبرمن المسؤولية وتبعاتها في تدبيرفرص العمل الجديدة ، وتفعيل الأنشطة الاقتصادية وضبط الأداء ، الذي يعالج أسباب التراجع والوهن والتعثُر الذي أثر على الاقتصاد وتسبب في تأخير التعافي ، الذي قد يقودنا إلى الأصعب وربما الأسوأ ، الذي يضربالقطاع الخاص ومؤسساته ويؤثر على الدخل والإنتاج .

==================== 

*mohmeedosman@yhoo.com