بقلم : عمار طبا
تمتلك دول منطقة الشرق الأوسط المقومات الأساسية الأكثر أهمية لتبوؤ مكانة رائدة على خارطة الاقتصاد الرقمي العالمي الناشئ. أهم هذه المقومات ارتفاع نسبة الشباب، وتوفر قدرات الاتصال فائق السرعة على نطاق واسع، ووفرة فرص التعليم العالي. ويشكل الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً حوالي 55% من إجمالي سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالمقارنة مع 36% في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OECD). وتشير تقديرات الجمعية الدولية للهاتف المحمول (GSMA) إلى أن شبكة الجيل الخامس ستشكل ما يزيد على 17% من جميع الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2025، وسترتفع هذه النسبة إلى 49% في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي التي تحظى بإمكانات اتصال فائقة. تمتلك هواوي رصيداً رصيناً في مجال العمل مع الحكومات والأوساط الأكاديمية ومؤسسات القطاع العام لإثراء منظومة مواهب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حول العالم وفي دول المنطقة. وتعمل مبادرات المسؤولية الاجتماعية التي تتبناها الشركة على تمكين آلاف الشباب العرب سنوياً من الارتقاء بمهاراتهم وخبراتهم في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ويشمل ذلك برنامج هواوي الرائد والأشهر في فئته على عالمياً»بذور من أجل المستقبل»، بالإضافة لمسابقة هواوي السنوية لتقنية المعلومات والاتصالات، وأكاديمية هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات، ومراكز الابتكار المشتركة، والمختبرات والمراكز التي تم تأسيسها بالشراكة مع العديد من الجامعات والجهات المعنية. وقد أسست الشركة في المنطقة 186 أكاديمية لتقنية المعلومات والاتصالات، وشارك أكثر من 4,000 طالب فيها ببرنامج «بذور من أجل المستقبل». وساعدت الأكاديمية أكثر من 57,000 شخص في الحصول على شهادة هواوي المعتمدة. وبلغ إجمالي من حصل على تدريب من هواوي أكثر من 150,000 موهبة تقنية في الشرق الأوسط، وتواصل الشركة التزامها بتحقيق المزيد من التعاون مع مختلف الشركاء في مجال تنمية وتدريب المواهب ونشر فكر الابتكار.
لا ريب أن هناك العديد من شركات القطاع الخاص على استعداد لدعم الجهود الحكومية في مجال إعداد الكوادر المحلية، ما يضع مسؤولية أكبر على الحكومات لدعم مبادرات وبرامج الشركات الخاصة التي تستهدف تحقيق مزيد من النجاح في هذا المجال. وقد كشفت النسخة الأخيرة من مسابقة هواوي السنوية لتقنية المعلومات والاتصالات عن مدى أهمية الدعم الحكومي لبرامج التدريب وتطوير المواهب التي تقودها مؤسسات القطاع الخاص، حيث وفرت الحكومة العمانية، ممثلةً بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات ووزارة العمل وغيرها من الجهات الحكومية المعنية، دعماً كبيراً للمسابقة. وأعلنت عن استمرارها بدعم برنامج شهادات هواوي على مدى السنوات الخمس المقبلة، الأمر الذي يعتبر تفعيلاً هاماً لأحد أهم روافد تحقيق أهداف رؤية عمان 2040، تطوير الجيل المقبل من خبرات تقنية المعلومات والاتصالات.
كما أطلقت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات برنامج حوافز مخصص للطلاب العمانيين ممن نالوا شهادة هواوي لتقنية المعلومات والاتصالات (HCIA) أو شهادة خبير تقنية المعلومات والاتصالات المعتمدة من هواوي (HCIE). ويهدف البرنامج، الذي نظمته هواوي بالتعاون مع عمانتل، إلى توفير حوافز مالية تصل إلى 450,000 دولار للطلاب على مدار 5 أعوام. وكان الدعم الذي تلتقته هواوي من مختلف الهيئات الحكومية العمانية وعمانتل مثالاً عن نهج الدعم الحكومي الأمثل للشركات الخاصة للمضي قدماً في حشد مزيد من الجهود المشتركة لتطوير منظومة مواهب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وقد أرست تجربة المسابقة نموذجاً يحتذى به للشراكات الناجحة بين القطاعين العام والخاص، نأمل أن يمتد لباقي أسواق الشرق الأوسط. إلى جانب الدور الحيوي للدعم الحكومي، لا بد لمبادرات وبرامج التدريب أن تستند إلى أفضل ممارسات ومعايير القطاع لضمان حصول المتدربين على مهارات يمكن نقلها ومواءمتها مع التطورات التقنية المتسارعة. وتوفر الشهادات المعتمدة من شركات التكنولوجيا العالمية الرائدة نموذجاً مهماً لدعم قدرة الشركات المحلية على المنافسة عالمياً. فشهادات هواوي المهنية تعتبر نظاماً مدروساً لتنمية المواهب وفقاً لآخر تطورات ومستجدات صناعة الاتصالات وتقنية المعلومات، تدعم المتخصصي في العصر الرقمي وتسهم في بناء منظومة متقدمة لمواهب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات عبر ثلاثة مستويات للشهادة: مساعد، محترف، خبير. مصطلح «الاقتصاد الرقمي» سيصبح الأكثر شيوعاً خلال السنوات العشر المقبلة نتيجة تسارع وتيرة انتشار التقنيات الرقمية ضمن جميع القطاعات الاقتصادية. وعلى ضوء هذا الارتباط الوثيق بين التقنيات الرقمية والتنمية الاقتصادية، لابد لتطوير المواهب المحلية أن يكون النموذج الأهم لشراكة القطاعين العام والخاص، يجب التركيز على الاعتماد عليه لتحقيق مزيد من النجاحات المستقبلية.
الشركات التقنية العالمية الرائدة يمكنها توفير التقنيات اللازمة لمسيرة الرقمنة، لكن الموارد البشرية المحلية تبقى العنصر الأهم القادر على التعامل مع هذه التقنيات وترجمتها لقصص نجاح على أرض الواقع. والجهود الحكومية لسد الفجوة الرقمية ودعم الشركاء القادرين على المساهمة في تطوير منظومة المواهب الشابة أمر بالغ الأهمية للحفاظ على زخم نجاحات سباق الرقمنة. ولا شك أن تمكين الشباب من خلال الشراكات المفتوحة مع جميع الجهات المعنية هو الطريقة الوحيدة لبناء مستقبل رقمي مستدام قائم على المعرفة في دول الشرق الأوسط.