الشانزليزيه.. في مسقط!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٠/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٤١ ص
الشانزليزيه.. في مسقط!

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

لا نملك جادة الشانزليزيه في مسقط، لأننا لا نملك عقول الفرنسيين وهم يضعون اللمسات الإبداعية على عاصمتهم باريس، ولأننا اعتنينا بتوزيع الأراضي السكنية والتجارية أكثر من الاعتناء بترك مساحات لمؤسسات الإبداع تؤثث فضاء عاصمتنا بما هو أجمل من تزاحم البنايات حتى أن السيارات تتكدس حتى على الأرصفة.. إن كان ثمة أرصفة بقيت!

لا نستطيع مقارنة حياتنا الثقافية بما عليه شارع الشانز وهو يتجلى بالمتاحف والمعارض الفنية والإبداعات الثقافية السائرة في عاصمة النور بباريس لأن شارع الثقافة الوحيد في بلادنا إنما هو شارع هامشي، يقع خلف الوزارات، وما يربطه بمفردة الثقافة هو انتهاؤه بدوار يقع بجوار الوزارة المعنية بهذه المفردة!

لا يمكننا مقارنة أنفسنا بمدن كهذه.. لأن النور الذي شعّ على تلك البلدان له تاريخه واعتباراته وأحداثه التي جعلت من المكان قبلة العالم جماليا، حيث المشي في شوارع باريس ثقافة، بينما السير في شوارع مسقط مجازفة.. إذ تغيب الرؤية الإبداعية المؤسسة لجمال يواكب تلك اللوحات المعمارية في كثير من الأحياء، والتي بدأت البنايات تزاحمها، في تواطؤ غريب ومريب!!
قبل سنوات، وكررته قبل أشهر، كتبت عن أفكار يمكن التفكير فيها، ولا أقول تنفيذها، في إفساح بعض الشوارع في المناطق التجارية للمارة فقط، ساعات قلائل في اليوم، حيث لا تدخلها السيارات، مقترحا منطقة روي الممتدة من شارع الولجة (الشهير بشارع هوندا) وحتى مركز شرطة روي، وأيضا المنطقة التجارية في القرم، مع تفعيل الجسر الواصل بين الضفتين، علما بأن بلدية مسقط، أيام الرئيس السابق، قدمته على أنه تحفة فنية يجري من تحتها الماء، ويحلو للسامرين التنقل على الجسر المضاء بجمالية فنية ليكون أشبه بوسط المدينة «الداون تاون»، كما هو الحال في مدن العالم.
كما اقترحت تفعيل حديقة القرم الطبيعية، بما تمتلك من كنوز جمالية تحتاج إلى تحويلها إلى مشروع سياحي حقيقي جاذب، مرة كل أسبوع على الأقل!
قبل يومين قرأت خبراً أن بلدية باريس قررت تخصيص أيام الآحاد للمشاة فقط وهم ينعمون بمتعة التجوال في جادة الشانزليزيه.. وكذلك تفعل مدن أخرى لديها مسؤولون يفكرون لا.. يداومون!
خلال السنوات العشر الأخيرة، ولا أقول العشرين، ما الذي أضيف من لمسات جمالية وترفيهية على وجه العاصمة مسقط، بعيدا عن المجمعات التجارية والبنايات التي تكاد تتلاصق دون حتى مواقف سيارات تكفي ربع عدد ساكنيها؟!

ما الذي أضيف إليها من ملامح فنية وثقافية وسياحية تقدم عبرها هوية المكان، عدا المتحف الوطني، الذي ليس بتلك الروح الشعبية القادرة على مصافحة المواطن.. والسائح وهو يسير في شوارع المدينة والأحياء المفتقرة حتى لفسحة صغيرة تكون بمثابة ملمح جمالي، ثقافة وفناً، لكن ربما ليس المسؤول وحده الغائب عن وضع اللمسات، بل حتى المواطن حيث نفتقد حضوره كصاحب مشروع في سوق مطرح.. في أسواقنا، في كل مشروع سياحي أو تجاري أو ترفيهي، فبتنا لا نفرح بإضافته ليكون مورداً اقتصادياً.. إنما نبعاً يفيض نحو.. الخارج.