بقلم: محمد محمود عثمان
تحاول بعض الدول النامية خصخصة بعض شركاتها ، كأحد الحلول المطروحة للتخلص من الأعباء الإدارية والإلتزامات المالية وعلاج العجزالدائم في الموازنات المالية، وتراكم الديون الخارجية لمجموعة كبيرة من الدول النامية، أو أنها تطبق نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص كأداة لتحقيق التنمية المستدامة، في ظل فشل آلياتها في إدارة الأنشطة الاقتصادية ،مع محدودية الموارد المالية والبشرية والتكنولوجية لدى القطاع العام ، بسبب تعدد المجالات والمشاريع المطلوب تنفيذها، وعدم قدرة الحكومات على تحقيق التنمية المستدامة بمفردها وبإمكاناتها المحدودة ، ولذلك تعمل الشراكة على تخفيف حدة المنافسة بين هذه المجالات من خلال تبادل الالتزامات بين الشركاء ،خاصة أن القطاع الخاص لدية الخبرات الإدارية والقدرة على تحمل المخاطر والقدرة على التمويل ، ولكن قد تتولد العديد من المشاكل عند التطبيق وآثار سلبية، مع تفاقم الأزمة المالية العالمية وما ترتب عليها من آثار اقتصادية واجتماعية ومشاكل تنظيمية ، إلى جانب الفساد المالي والإداري القائم، ومحاولات الاحتكار والسيطرة ، وهذه الإشكاليات فرضت نفسها كتحديات يجب مواجهتها ، لأن الشراكة إذا لم تتم على أسس سليمة فسوف تؤدي بالتالي إلي ضعف الخدمات والأداء.
ومن هنا فإن المطالبة بوجودإطارتشريعي صالح وداعم للاستثمار،ضروري لضمان تنظيم علاقة الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، بما يضمن التخلص من جميع الإجراءات والقيود البيروقراطية التي تواجه القطاع الخاص، وتحديد الجهات التي تتعامل معه، بما يضمن وجود تنافس بين المستثمرين الجادين في تنفيذ تلك المشروعات ، الأمر الذي يحتم على الدول أن ترسم الخطوط الفاصلة التي تضمن بها أن تكون الشراكة أداة من الأدوات التي تساعدها في تنفيذ خططها التنموية ، وليس عقبة من العقبات التي تقف في طريق تحقيق تلك التنمية، وكذلك لتفـادى تدهور الأصول والمنشآت الضروريـة للإنتاج أو الخدمـات العامـة نتيجة للصيانـة غير الفعالـة أو التشغيـل القاصر وتضارب القرارات أوسوء الإدارة ، التي تحدث دائما مع تنازع الرغبة في الهيمنة والاستحواذ على حصص أكبر من الأسهم أو اصوات الجمعيات العمومية بما يخالف أحكام وعقود الشراكة ، لذلك حتى تنجح الشراكة كأحد أساليب الإدارة وتنفيذ المشروعات ،فلابد من توفير الآليات والأطر التي تنظم حقوق الشركاء ، لذلك يجب التأكيد على أن لا تكون أسهم الحكومة ومؤسساتها الاستثمارية وصناديق التقاعد مجالا للتلاعب الصريح ، الذي يخالف قوانين أسواق المال ، من خلال توزيعها خارج ممثليهم القانونيين ، وعدم الإلتزام بالأنصبة الرسمية طبقا لنسبة رأس المال ، والأخطر من ذلك أن تحدث هذه المخالفات بعيدا عن عيون الرقابة أوأجهزة الحوكمة ، التي يجب أن تطبق المعاييرالحاكمة والمنظمة لحصص الشركاء وأصواتهم في الجمعيات العمومية ،حتى لا يجور طرف على حقوق الأطراف الأخري ، من خلال السيطرة غير المشروهة على مجالس الإدارة ،والتأثيرعلى اصوات الأغلبية الحقيقية وهى صاحبة النصاب الأكبر في الاسهم ، لأنه كثيرا ما نجد هذه المخالفات الصارخة ، في غياب الشفافية والإفصاح ، ونقص الكوادر الصحفية والإعلامية المتخصصة في أسواق المال وفي المجال الاقتصادي بشكل عام ، التي تستطيع التعليق والتحليل ،وإلقاء الضوء على هذه الممارسات الخاطئة ومعالجتها بشكل موضوعي،خاصة أن بعض المؤشرات والتقارير تشير إلى وجود مخالفات في توزيع المقاعد والأسهم للجانب الحكومي في الشركات الاقتصادية مع القطاع الخاص ،وإلى محاولات متكررة وباصرار كبير على السيطرة على الجمعيات العمومية .
ولا شك أن ذلك يسبب إزعاجا كبيرا للشركاء من القطاع الخاص ، فضلا عن زيادة مخاوف المستثمرين من هيمنة الشريك الحكومي ، الذي يحاول بسط يده على مقدرات القطاع الخاص ، الذي يرفض عمليات الاحتكار الذي تمارسه المشروعات الحكومية المتشاركة مع القطاع الخاص ، وما قد ثُمله من قيود وضغوظ ولو غير ظاهر على القطاع الخاص ،تقلص دور القطاع الخاص في إدارة مشروعاته ،باعتبار أن ذلك من التحديات التي تمثل عقبة كبيرة أمام عمليات التنمية و وتعزيز وتطوير القطاع الخاص ودعمه حتى يؤدي دورة التنموي المنشود في توفير فرص العمل ودعم الاقتصاد.
وحتى يتحقق ذلك فلابد من تقليص سيطرة الشركات المملوكة للدولة أو القطاع العام ، حتى لا تنافس المستثمرين في القطاع الخاص وتمثل عوامل طرد ، من خلال بعض الممارسات الاحتكارية، التي تُغلق أبواب المنافسة في السوق، وفي الجانب الآخر هناك دور مطلوب من شركات القطاع الخاص والمستثمرين ، وهوأن تبتعد عن السلبية وأن تتصدي للمحاولات غيرالمشروعة للسيطرة على أصوات الجمعيات العمومية وإبلاغ سلطات أسواق المال بالمخالفات ،حتى تمارس دورها في المراقبة الفعالة لاجتماعات الجمعيات العمومية لشركات الحكومية والقطاع العام المتشاركة مع شركات القطاع الخاص ، وأن تتحقق من صحة التمثيل القانوني للأعضاء من الجانبين .