دبي -
بقي أداء سوق الاكتتاب العام الأولي في دول مجلس التعاون الخليجي في الربع الأول من العام 2016 في تباطؤ نسبي من حيث عدد الاكتتابات، وذلك بسبب التقلبات التي شهدتها أسعار النفط، كما وأثر التباطؤ في البيئة الاقتصادية العالمية على نشاط الأسواق الرأسمالية. ومع ذلك، تحسنت قيمة الطرح الوحيد في الربع الأول بشكل ملحوظ مما يبرهن وجود إقبال من قبل المستثمرين على الشركات التي لديها الأسهم المناسبة والنمو المثبت وتعمل في القطاعات غير دورية مثل الرعاية الصحية والتعليم. كانت المملكة العربية السعودية هي الوحيدة النشطة في سوق الاكتتاب العام الأولي خلال الربع الأول من العام 2016، وذلك من خلال طرح واحد خلال شهر مارس. قامت شركة الشرق الأوسط للرعاية الصحية، التي تملك وتدير المستشفى السعودي الألماني، بطرح 27.61 مليون سهم طرحا عاما (بقيمة 30 % من رأس مال الشركة) وحققت عائدات بمبلغ 471 مليون دولار أمريكي. والشركة هي شركة مدرجة في السوق المالي السعودي «تداول».
مقارنة أداء الفترة
بالنظر إلى أداء سوق الاكتتاب العام الأولي خلال الربع الأول من العام 2016 مقارنة بالفترة ذاتها خلال السنة السابقة، وبالرغم من وجود طرح عام أولي واحد، فقد ارتفعت القيمة الإجمالية في الربع الأول من العام 2016 بضعفين ونصف عن الفترة ذاتها خلال السنة السابقة. علاوة على ذلك وبالنظر إلى الأداء خلال الربع السابق، حقق الاكتتاب العام الأولي الوحيد في الربع الأخير من العام 2015 المدرج أيضا على السوق المالي السعودي (تداول) ما قيمته 101 مليون دولار أمريكي ما يمثل نسبة 21 % من المبلغ الذي تمّ تحقيقه في الربع الأول من العام 2016. ويعتبر «تداول» السوق الأكثر نشاطا خلال الأرباع الخمسة الفائتة، إن لم يكن الوحيد. ومن المتوقع أن يظل السوق الأكثر نشاطا في دول مجلس التعاون الخليجي مع الأخذ بعين الاعتبار الاكتتابات قيد الإعداد حالياً.
وقال رئيس قسم الاستشارات المالية وأسواق رأس المال في الشرق الأوسط لدى بي دبليو سي ستيفن دريك:
«العناصر الرئيسية التي يتسم بها أداء الأسواق الرأسمالية في العام 2015 المرتبط بحالة عدم اليقين نتيجة لأسعار النفط والتطورات الجيوسياسية التي شهدتها منطقة دول مجلس التعاون الخليجي والتي استمرت حتى الربع الأول من العام 2016، إلا أن المؤشرات لما تبقى من العام 2016 تبدو واعدة. ومن المتوقع عودة الاكتتابات العامة الأولية المدرجة على قائمة الانتظار في العام 2015 نظرا لحالة عدم الاستقرار الإقليمي، حيث أصبحت أسعار النفط المنخفضة هي العرف السائد وجزءا من مضمن السوق في العام 2016.
كما ونتوقع على المدى البعيد رؤية آثار إيجابية على أسواق الأسهم، بالأخص كنتيجة للإصلاحات الحكومية المعلنة مؤخراً بالرغم أنه من الصعب توقع متى سيحدث ذلك بالتحديد.
الاكتتابات عالمياً
شهد إصدار الاكتتابات العامة الأولية على الصعيد العالمي تباطؤاً ملحوظاً خلال الربع الأول من العام 2016. عادةً ما يكون الربع الأول من السنة فترة هادئة إلى جانب مستويات عالية من التقلب، مما يؤدي إلى توقعات أضعف للنمو العالمي مع انخفاض في أسعار النفط تباين إجمالي في سياسات البنوك المركزية تؤثر سلبا على أسواق الأسهم.
انخفض مبلغ التمويل المحقق من خلال الاكتتابات العامة الأولية العالمية بنسبة 66 % في الربع الأول من العام 2016 مقارنة بالربع الأول من العام 2015، مما أدى إلى اعتباره الربع الأول الأكثر بطئاً منذ بداية الأزمة المالية. بلغت العائدات المحققة من سوق الاكتتاب العالمي 14.2 مليار دولار أمريكي من 141 صفقة في الربع الأول من العام 2016، مقارنة مع 42.3 بليون دولار أمريكي من 252 صفقة شهدها نفس الربع من العام الفائت و50.7 بليون دولار أمريكي من 240 صفقة في الربع الأول من العام 2014.
بالرغم من المخاوف المتزايدة حول ربحية البنوك في بيئة لأسعار فائدة متدنية، أثبت مصدرو الخدمات المالية أنهم الأكثر فاعلية في الربع الأول من العام 2016 بتحقيق مبلغ 6.3 بليون دولار أمريكي من 23 اكتتاباً عاماً أولياً، يتبعهم الشركات التي تعمل في إصدار السلع الاستهلاكية، والتي حققت مبلغ 2.2 بليون دولار أمريكي من 20 اكتتاباً عاماً أولياً، ويتبعهم ثالثاً، الرعاية الصحية التي حققت 1.8 بليون دولار أمريكي من 24 اكتتاباً عاماً أولياً.
أسواق السندات والصكوك
تحسنت أسواق السندات والصكوك في دول مجلس التعاون الخليجي في الربع الأول من العام 2016 مقارنة بالربع الأخير من العام 2015 على الرغم عن كون النشاط الإجمالي المتبقي ضعيفاً. لقد لاحظنا بعض المعنويات الإيجابية نحو نهاية هذا الربع، ومع ذلك لا يزال هناك قلق لدى المستثمرين فيما يتعلق بالأسعار وبظروف السوق الصعبة. ولذلك كان تسعير السندات والصكوك أعلى، مما أوجد تحديات إضافية عند تسعير وإغلاق الصفقات. في الواقع، تقوم عدة شركات بوضع إصداراتها المستقبلية من الصكوك السندات على قائمة الانتظار أو تأجيلها لأسباب متعلقة بالتسعير.
إصدارات السندات
في الإصدارات السيادية، يعتبر كل من بنك الكويت المركزي ومصرف البحرين المركزي من أكثر المصدرين الفاعلين خلال هذا الربع. إذ أصدر مصرف البحرين المركزي 10 أذونات خزينة، تبلغ قيمة كل منها 184 مليون دولار أمريكي (70 مليون دينار بحريني) بفترات استحقاق تصل لثلاثة أشهر، وثلاثة أذونات خزينة تبلغ قيمة كل منها 92 مليون دولار أمريكي (35 مليون دينار بحريني) بفترات استحقاق تصل إلى ستة أشهر وأذون خزينة بقيمة 526 مليون دولار أمريكي (200 مليون دينار بحريني) بفترة استحقاق تصل لمدة سنة واحدة. بلغت إصدارات بنك الكويت المركزي ذات فترات استحقاق تصل لثلاثة أشهر 2.6 بليون دولار أمريكي (775 مليون دينار كويتي)، بينما بلغت الإصدارات ذات فترات الاستحقاق التي تصل إلى ستة أشهر ما قيمته 1.4 بليون دولار أمريكي (425 مليون دينار كويتي).
وكان بنك «آي سي آي سي آي» (فرع الإمارات العربية المتحدة) من بين المصدرين البارزين من حيث سندات الشركات إلى جانب بنك برقان (الكويت). إذ أصدر بنك آي سي آي سي آي سندات لمدة 10سنوات بقيمة 700 مليون دولار أمريكي بسعر فائدة 4 %، بينما أصدر بنك برقان سنداته على شريحتين: سندات ثانوية بقيمة 100 مليون دولار أمريكي (30.1 مليون دينار كويتي) بسعر فائدة ثابت (6 %) تستحق خلال 10 سنوات. وسندات ثانوية بقيمة 233 مليون دولار أمريكي (69.9 مليون دينار بحريني) بسعر فائدة متغير بنسبة 3.95 % فوق معدل بنك الكويت المركزي تستحق خلال فترة 10 سنوات.
إصدارات الصكوك
أصدر بنك دبي الإسلامي صكوكاً لمدة خمس سنوات بمبلغ 500 مليون دولار جاذبة للمستثمرين المتنوعين جغرافيا من أوروبا وآسيا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد تجاوز الطرح حد الاكتتاب بـ 2.4 مرة.
وعلى صعيد السندات السيادية، كان مصرف البحرين المركزي من المصدرين الفاعلين في المنطقة بإصدار ثلاثة من صكوك السلام، والتي تبلغ قيمة كل منها 113 مليون دولار أمريكي (43 مليون دينار بحريني)، بالإضافة إلى ثلاثة صكوك تأجير قصيرة الأجل، تبلغ قيمة كل منها 68 مليون دولار أمريكي (26 مليون دينار بحريني).
وقال رئيس قسم أسواق المال في الشرق الأوسط لدى بي دبليو سي ستيف دريك : «لقد كانت أسواق السندات والصكوك هادئة نسبياً في الربع الأول من العام 2016؛ بالرغم من تحسن النشاط مقارنة بالربع الأخير من العام 2015، كما ومن المتوقع أن يكون هناك مزيد من التحسن في الربع التالي. ومع ذلك، تستمر ظروف السوق غير المؤكدة في التسبب بحالة من عدم اليقين بين المستثمرين وسوق الدين بشكل عام.
في فبراير 2016، خفضت ستاندرد آند بورز تصنيف السعودية وعُمان والبحرين نظرا للانخفاض المستمر في أسعار النفط مع التأكيد على الحاجة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة من قبل حكومات هذه الدول لتخفيض اعتمادها الكبير على صادرات النفط. ومن المتوقع أن تقوم الإصلاحات الهيكلية التي أعلنت عنها عدة حكومات من دول مجلس التعاون الخليجي بتنويع الإيرادات العامة من الاعتماد على النفط والحد من النفقات العامة. وإذا حققت هذه الإصلاحات الأهداف المنصوص عليها، فإننا نأمل أن نشهد إعادة تصنيف مستقبلية لها أثر إيجابي على أسواق الدين الإقليمي».