جنيف – ش
حقائق بدأت تظهر الى العلن فاضحة مدى الاهمال الدولي لأبسط حقوق اطفال اللاجئين في اوروربا ...يوما بعد يوم ترد تقارير عن اعداد مروعة لاطفال اختفوا بعد وصولهم القارة الاوروبية ، هذه الاعداد تجعل الشكوك في وجود تنظيمات للاتجار بالبشر تكاد تصل الى درجة اليقين .
في هذا السياق حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" فى تقرير لها من أن الآلاف من الأطفال المهاجرين واللاجئين الوافدين إلى أوروبا مفقودون فى الدول التى وصلوا إليها.. مشيرة إلى أن هؤلاء، الذين بلغ عددهم العام الماضى رقما غير مسبوق وصل إلى أكثر من 95 ألف طفل، عرضة لخطر الإتجار والاستغلال، وطالبت الدول الأوروبية باتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الأطفال اللاجئين غير المصحوبين
. وذكرت المنظمة الدولية أن الإنتربول يقدر أن واحدا من بين كل تسعة أطفال غير المصحوبين والمهاجرين هو فى عداد المفقودين فى الوقت الذى يعتقد أن الأرقام أعلى من هذا بكثير.. لافتة إلى أنه فى سلوفينيا اختفى أكثر من 80% من الأطفال من مراكز الاستقبال بينما يفقد 10 أطفال كل أسبوع فى السويد أما فى ألمانيا فتشير أرقام سجلت بداية العام الجارى إلى أن ما يصل إلى 4700 طفل من غير المصحوبين بذويهم فقدوا أيضا.
وقالت مارى بيير بوارييه مسئولة اليونيسيف ومنسقها الخاص أن معظم الأطفال يهربون من مراكز الاستقبال لكى يلتحقوا بعائلاتهم أو أقاربهم لأنهم لم يجدوا من يشرح لهم حقوقهم فى تلك المراكز.
وطالبت اليونيسيف بتقليص المدة بين تسجيل الطفل ونقله إلى البلد التى قبلت به من 11 شهرا إلى 90 يوما فقط.. مؤكدا أن هذا هو المفتاح الأهم لحماية هؤلاء الأطفال إضافة إلى جمعهم مع عائلاتهم.. وذكرت أن غالبية المراهقين الوافدين إلى أوروبا هم من أفغانستان فى حين يمثل السوريون ثانى أكبر مجموعة منهم.. وعدد كبير من هؤلاء أقل من 14 عاما.
تقارير رسمية
في نهاية شهر يناير الفائت اكدت بعض التقارير الرسمية ان ما يقارب 10 آلاف طفل لاجئ لا يرافقهم ذووهم، اختفوا بعد وصولهم إلى أوروبا، وفق ما أعلن جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي (اليوروبول)، مبديا تخوفه من وقوع هؤلاء الأطفال في براثن عصابات تجار البشر.
ونقلت صحيفة "الغارديان" عن قائد جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي، بريان دونالد، أن آلاف القصر اختفوا ولم يعثر عليهم بعد تسجيل معلوماتهم لدى سلطات الدولة.
وكشف المسؤول الأمني أن 5000 طفل فقدوا في إيطاليا، و1000 قاصر اختفوا مؤخرا في السويد مؤكدا أنهم لا يعلمون بالفعل أين هم الآن وماذا يفعلون ومن يرافقهم.
وتحدث دونالد عن 270.000 طفل لاجئ، وجميعهم لا يرافقهم أهلهم، مشيرا إلى أن 10 آلاف طفل مفقود هو عدد تقديري لهم وتبقى التقديرات نسبية لغياب إحصاءات رسمية.
إلى ذلك، أكد المسؤول في جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي لصحيفة الغارديان، أنهم عثروا على أدلة تشير إلى تعرض بعض الأطفال اللاجئين الذين لا ترافقهم عائلاتهم للاستغلال الجنسي، لافتا إلى اعتقال أعداد كبيرة من المتورطين في استغلال اللاجئين خاصة مع تطور المنظومة الإجرامية المرتبطة بملف الهجرة إلى أوروبا خلال الأشهر الـ 18 الماضية.
كما وثقت وكالة الشرطة تشابكا مثيرا للقلق بين عصابات منظمة لتهريب اللاجئين إلى أوروبا وعصابات للاتجار بالبشر الذين يستغلونهم جنسيا ويستعبدونهم.
وتعد محنة الأطفال اللاجئين غير المصحوبين بعائلاتهم واحدة من أكثر القضايا إلحاحا في أزمة تدفق اللاجئين على أبواب القارة العجوز.
جرائم
صفارة التحذير من جرائم التهريب والاتجار بالاطفال اطلقها رئيس موظفي «اليوروبول» برايان دونالد خلال مقابلة اجرتها معه صحيفة «الاوبزرفر»اذ اكد دونالد ان «اليوروبول» ما زال يحاول حصر عدد الاطفال اللاجئين الذين اختفوا بعدما وصلوا الى اوروبا دون مرافقة من ذويهم، واشار الى ان «العدد لا يقل عن 10 آلاف طفل اختفوا تماما عن رادار اجهزة الامن في دول الاتحاد الاوروبي. لدينا معلومات بأنه في ايطاليا وحدها اختفى 5000 طفل بعد وصولهم اليها، فيما فقدت اجهزة الامن السويدية آثار ما لا يقل عن الف طفل عقب دخولهم السويد».
وحذر دونالد من «اتساع نشاط شبكات تهريب البشر التي تأتي باللاجئين الى اوروبا، وارتباطها بشبكات اتجار بالبشر واستغلالهم في الجنس والعمالة منتشرة في دول الاتحاد الاوروبي.
وبالتنسيق بين هذه الشبكات يتم نقل الاطفال وبيعهم فينتهي بهم الامر الى وجهات مجهولة بعيدا عن اعين العدالة». واكد دونالد ان ««اليوروبول» جمع ادلة تفيد بوجود حالات بيع فيها اطفال لشبكات دعارة ولا سيما في هنغاريا والمانيا. وألقت السلطات في البلدين على عدد من تجار البشر وعصابات ضالعة بجرائم متعلقة باللاجئين».
ثم تدارك قائلا «ليس بالضرورة ان جميع المختفين يتم استغلالهم فالعديد منهم ربما انضموا الى عائلات لاجئة او اقارب، ولم يصرح هؤلاء حتى الآن عن وجودهم معهم».
وبحسب احصاءات نشرتها منظمة حماية الاطفال ورعايتهم «سايف ذي شيلدرن» فإن نحو 26 الف طفل لاجئ دخلوا دون مرافقة الى اوروبا في العام 2015. اما احصاءات «اليوروبول» فتقول إن نسبة الاطفال التي دخلت اوروبا خلال موجة اللاجئين العام الماصي تبلغ 27 في المئة.
وكانت السلطات السويدية اول من نبه اجهزة الامن الاوروبية الى ظاهرة اختفاء الاطفال، ففي تشرين الاول الفائت اعلنت السلطات في منطفة تريليبورغ في جنوب السويد ان نحو 1000 طفل من الاطفال اللاجئين الذين وصلوا دون مرافقة احد بالغ في السن، اختفوا ولا احد يعرف ظروف اختفائهم او مكانهم.
وذكرت صحيفة «الاوبزرفر» ان عدد الاطفال الطالبين اللجوء الى بريطانيا دون مرافقين بالغين الذين اختفوا ولا احد يعرف مكانهم، تضاعف في المملكة المتحدة خلال العام الماضي، لكنها لم تحدد ارقاما. وكانت حكومة دايفيد كاميرون اعلنت مؤخرا رغبتها في منح اللجوء لمزيد من الاطفال السوريين الذين لا اهل لهم وتأمين جميع احتياجاتهم لأنهم هم الاكثر حاجة للمساعدة في الظروف الصعبة التي يمر بها بلدهم الام.
ويحاول «اليوروبول» تقفي اثر الاطفال منذ وصولهم الى الجزر اليونانية ثم لدى سلوكهم درب البلقان باتجاه دول شرق ووسط اوروبا، في محاولة لكشف شبكات التهريب وتجار البشر. لكن التطبيق الميداني لهذا الامر معقد جدا بسبب الضغط الامني الذي تتعرض له اليونان نتيجة سيول اللاجئين التي تتدفق اليها يوميا ما يجعل التدقيق في كل لاجئ يعبر الاراضي اليونانية امرا صعبا.