العمانية - الشبيبة
تستعد المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة والصناعية خلال العام الجاري لبدء مرحلة نمو جديدة بعد أن شهد العام الماضي العديد من التطورات الإيجابية مدعومة بحزمة من المزايا والتسهيلات والإعفاءات الضريبية والجمركية.
وتشير الإحصاءات إلى أن إجمالي الاستثمارات بالمناطق التي تشرف عليها الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة تبلغ أكثر من 14.3 مليار ريال عماني من بينها 3 مليارات و650 مليون ريال عماني في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، و3 مليارات و407 ملايين ريال عماني في المنطقة الحرة بصلالة، و415 مليون ريال عماني في المنطقة الحرة بصحار، و135 مليون ريال عماني في المنطقة الحرة بالمزيونة، و6.7 مليار ريال عماني في المناطق الصناعية التي تديرها المؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن"، ولا تشمل هذه الأرقام الاستثمارات الموجودة داخل حدود ميناء صحار والتي تقدر بحوالي 9 مليارات ريال عماني.
وتشهد المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة والصناعية اهتماما جيدا من المستثمرين نظرا لقدرتها على احتضان مجموعة متنوعة من المشروعات، وقد شهد العام الماضي استكمال معظم مرافق البنية الأساسية الداعمة للاستثمارات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أبرزها ميناء الدقم الذي يتسم بقدرته على مناولة الحاويات الضخمة ويتم في الوقت الحالي تنفيذ مشروع الرافعات الجديدة التي تعمل بتقنية الجيل الخامس للاتصالات.
كما انتهت الهيئة من إنشاء ميناء الصيد البحري (متعدد الأغراض) وتم تسليمه إلى ائتلاف محلي عالمي بقيادة جهاز الاستثمار العماني لتشغيله، وشهد العام الماضي أيضا تشغيل المحطة المتكاملة للطاقة والمياه التي تزود مصفاة الدقم بالكهرباء والمياه الصناعية، كما توفر المحطة الطاقة الكهربائية لمحطة تخزين النفط في رأس مركز التي استقبلت مطلع العام الجاري أول شحنات النفط الخام، وشهد العام الماضي كذلك ربط منطقة الصناعات السمكية والغذائية بشبكة الكهرباء وتم إنشاء محطة محولات بسعة تصل إلى 40 ميجا فولت لخدمة منطقة الصناعات السمكية ومنطقة تجارب الذكاء الصناعي وميناء الصيد.
ويتم في الوقت الراهن استكمال الطرق المزدوجة على مدخل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ثم ربط أجزاء داخل المنطقة بالطرق المزدوجة الجديدة بالإضافة إلى الطريق الذي يربط رأس مركز، وتخطط الهيئة أيضا لإنشاء طريق سياحي يربط المنطقة السياحية والفنادق المطلة على بحر العرب بميناء الصيد البحري وهو ما يتوقع أن ينعش المنطقة سياحيًّا وتجاريًّا.
وتعد منطقة الذكاء الصناعي بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم إحدى المناطق التي شهدت اهتماما من قبل المستثمرين بعد تخصيص موقع لتجارب الطيارات بدون طيار، وتم خلال العامين الماضيين تنفيذ عدد من التجارب الواعدة في هذا المجال، كما تم التوقيع على عقد انتفاع لإنشاء مركز يحاكي مستوطنة الفضاء لأغراض تعليمية وترفيهية، وأقر مجلس إدارة الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة إنشاء المباني الحديثة باستخدام تقنيات البناء ثلاثية الأبعاد ومن شأن هذا التوجه استقطاب الاستثمارات ذات العلاقة بهذا المجال.
وخلال العامين الماضيين تمكنت الهيئة من إعادة هندسة الإجراءات في مختلف المناطق التي تشرف عليها لتسهيل إنجاز معاملات المستثمرين من خلال المحطة الواحدة التي تعمل بشكل إلكتروني وتربط بين المقر الرئيس للهيئة في مسقط والمناطق الحرة في صحار وصلالة والمزيونة والمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
ووفقا لخطة الهيئة لتحويل جميع المعاملات من ورقية إلى إلكترونية تم تقليص مدة الحصول على الموافقات والتراخيص إلى أدنى فترة ممكنة وهو ما أسهم في زيادة إقبال المستثمرين على الاستثمار في هذه المناطق، ويتم العمل حاليا على إنشاء نظام تسهيل حركة دخول الشاحنات والبضائع بين المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والمناطق الصناعية وتوفير قاعدة بيانات موحدة لعمليات الاستيراد والتصدير.
وشهد العام الماضي صدور المرسوم السُّلطاني رقم (10/2022) بإنشاء مناطق حرة في مطار مسقط الدولي ومطاري صحار وصلالة، والمرسوم السلطاني رقم (53 / 2022) بنقل تبعية المؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن" إلى الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، وهو ما يعني مزيدا من التنظيم لهذين القطاعين الحيويين.
ويتيح نقل تبعية "مدائن" إلى الهيئة زيادة الفائدة من الخبرات المتراكمة لدى مدائن في تخطيط وإدارة المناطق الصناعية والاستخدام المشترك لأنظمة المعلومات والبرمجيات المختلفة وقواعد حفظ ومعالجة البيانات والأجهزة الاحتياطية المتوفرة في المناطق المختلفة، كما يتيح هذا النقل خيارات جديدة للاستثمار أمام الشركات المحلية والعالمية، وتركز الهيئة في الوقت الحالي على وضع قواعد التكامل بين هذه المناطق بحيث يتم عرض المزايا المتوفرة في المناطق الاقتصادية والحرة والصناعية تحت مظلة واحدة وبشكل يمكّن المستثمر من اختيار الموقع المناسب لاستثماراته.
وشهد العام الماضي أيضا اتخاذ العديد من الخطوات العملية بشأن توطين صناعة الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم واستقطاب مزيد من الاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة في المناطق الحرة، وتمتلك الدقم إمكانات هائلة لاستقطاب مشروعات الهيدروجين النظيف والطاقة المتجددة كما تمتلك المنطقة الحرة بصحار إمكانات مماثلة.
وتشترك المنطقتان في ارتباطهما بمنفذين إلى البحر من خلال ميناء صحار وميناء الدقم اللذين يعتبران من العوامل الرئيسة التي تسهم في نجاح مشروعات الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة، وقد قامت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة بتحديد مساحات تبلغ 250 كيلومترا مربعا في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم لتوطين مشروعات الهيدروجين الأخضر وما تحتاج إليه من طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية ويتبع ذلك تحديد أراضٍ بمحاذاة ميناء الدقم لتحلية مياه البحر بهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بغرض التصدير وكذلك الحال لإنتاج الهيدروجين الأزرق الذي يتم فصله عن الغاز.
وتعكف إدارة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم حاليا على تطوير المخطط العام لضمان توفير الممرات الآمنة وإتاحتها للشركات والمصانع المختلفة بهدف نقل الطاقة الكهربائية من جهة ونقل الهيدروجين السائل من جهة أخرى بالإضافة إلى توفير ممرات أنابيب نقل غاز ثاني أكسيد الكربون من مناطق الإنتاج في الدقم إلى مواقع إعادة تخزين هذا الغاز في حقول النفط القريبة قبل إغلاقها بصورة نهائية وتنسجم هذه الخطوات مع توجه سلطنة عُمان للوصول إلى الحياد الكربوني بنهاية عام 2050.