بقلم - محمد محمود عثمان
القطاع الخاص يعاني من تبعات الأزمات الاقتصادية المتتالية التي تولدت من رحم كورونا ، وتجذرت مع الحرب الروسية - الأوكرانية ، وضخمتها مشاكلنا الادارية والقيادية والروتينية وتشعباتها المتغللة في عقولنا و تفكيرنا ، كأنه إرث مفروض علينا أن نتوارثه من قديم الزمن ، وكأننا مجبرون على حتمية التخلف وأبدية التخبُط ، لأننا نشهد ذلك كثيرا في سُوء أداء بعض الحكومات التي تفرض سطوتها أو هيمنتها على مفاصل أنشطة القطاع الخاص، والحصول على حجم كبير من الأعمال والمشروعات بالأمر المباشر ، ما أدى إلى تهميش دور القطاع الخاص في عمليات التنمية ، وعدم قدرته على المنافسة ‘، فضلا عن ضعف الأداء الحكومي في الإدارة ، الذي يُفقد مشرعات القطاع الخاص قدرتها على العمل والإنتاج ، والمساهمة في دعم موارد الموزانة العامة.
ناهيك عن إعاقة دخول المستثمرين في المشروعات ، أو عدم الاستفادة من إمكانيات القطاع الخاص بدون إفساح الطريق أمامه للعودة لأداء دوره المرتجى ، خاصة عندما يفتقد القطاع برنامج عمل وفق استراتيجية واضحة ومعلنة عن طريق غرف التجارة والصناعة – الممثل الشرعي للقطاع الخاص - التي تفتقد إلى الرُؤى العلمية والمنهجية لإدارة القطاع الخاص ، إلى جانب نقص الكفاءات الاقتصادية التي تمتلك الخبرات الميدانية ، خاصة في الدول التي يتم فيها انتخاب أعضاء مجالس الإدارة ، وهو أسلوب ديموقراطي جيد، ولكن لا يعدوسوى واجهة ديموقراطية خالية من المضمون لأنه قد لا يُفرز الأفضل في المجال الاقتصادي ، ومن ثم يأتي بأعضاء قد تنقصهم الخبرة والدراية الكافية للنهوض بالقطاع الخاص،وإن كانوا لا تنقصهم الشعبية الانتخابية أوالقبلية ، ولكنهم يمثلون عبئا ومعاناة للقطاع الخاص ، الذي لا يملك حتى إحصاءات أو قاعدة بيانات دقيقة عن المهارات الجديدة المطلوبة في أسواق العمل للسنوات القادمة، حتى نتمكن من تقنين المخرجات التعليمية ، التي تستنزف موارد الدول في تخصصات تعليمية لا تناسب متطلبات سوق العمل ، ولذلك تغلبت بعض الدول على هذه السلبية بتعيين ثلث أعضاء مجالس الإدارات من كبار الاقتصاديين ورجال الأعمال من ذوي الخبرة الاقتصادية لضمان التوازن في الأداء والإدارة االصحيحة للقطاع الخاص، في ظل المعاناة الأكبر والأخطر من تداعيات الضغوط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتباطؤ النمو العالمي ، إلى نحو 3,3% على المدى المتوسط في عام 2023.
وربما إلى العام القادم كما تشير التوقعات ، وعلينا أن نسال عن المبادرات التي اقترحتها غرف التجارة والصناعة ، لتفجير طاقات القطاع الخاص وتسخيرها في التنمية الاقتصادية ، بإنشاء الشركات المشتركة في القطاع الخاص التي تغطي احتياجاته ، وتلبي متطلبات الصناعات التحويلية والتكميلية ، وإنشاء منصات تسويقية داخلية وخارجية بالتعاون مع غرف التجارة العربية والأجنبية المشتركة، لزيادة فتح الفرص أمام الاستثمارات ، والمساعدة في توظيف الأيد العاملة ، والاستفادة من الطاقات العلمية والكوادر والخبرات الوطنية ، التى تُسرح قسرا من العمل أو التي تقاعدت عُنوة مبكرا وهي في ريعان القوة والعطاء ، ولم يتم استثمارها في مشروعات القطاع الخاص ، التي تحتاج إلى أصحاب الخبرات والتجارب لنقلها للعناصر الشابة من العاملين في المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، لأنه علينا ألاننبهر بزيادة عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة ، وأن نهتم بالقيمة المضافة التي تقدمها في مجال التوظيف والعائدات الإجمالية للناتج المحلي
ولذلك علينا أن نسعى جديا إلى تشجيع القطاع الخاص على المساهمة الفاعلة في مجالات الاقتصاد المختلفة، بعيدا عن الشعارات الجوفاء ، التي تبتعد عن جوهر مشاكل القطاع الخاص ، والتي نتغنى بها في المناسبات والمؤتمرات، ونكررها بلا ملل أو كلل ، لأننا نحمل القطاع الخاص مسؤولية الإسهام بشكل كبير في التخفيف من التحديات المرتبطة بتحقيق النمو اقتصادي الشامل والمستدام، خاصة في الاقتصادات النامية والناشئة على حد سواء،
ولا سيما أن القطاع الخاص هو الركيزة الأساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ، وهو يضطلع بمسؤولية بناء الاقتصاد وتوفير الفرص الوظيفية والقضاء على البطالة.
لأن المشكلة أن يفشل الأداء الحكومي في توفير البيئة المناسبة لعمل القطاع وتمكينه من تحقيق معدلات نمو جيدة، تسهم بفعالية في تعزيزالمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي ، ما يفاقم معاناة القطاع الخاص ، الذي نأمل أن يلعب دورا رئيسيا في دعم وتوطين الصناعات الوطنية، وبث رسائل مطمئنة للمستثمرين المحليين والأجانب ، بما يعزز دوره في توسيع القاعدة الصناعية للصناعات الكبيرة والمتوسطة ، على المدى البعيد ،و يعطي أيضا الثقة للمستثمرين ولأصحاب رؤس الأموال المهاجرة أن تعود وتشارك في التنمية