محمد محمود عثمان يكتب: السياحية .. بين المقومات والمتطلبات

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٦/فبراير/٢٠٢٣ ١٨:٣٩ م
محمد محمود عثمان يكتب: السياحية .. بين المقومات والمتطلبات

بقلم : محمد محمود عثمان

  السياحة تعكس صورة التطور الحضاري لشعوب العالم ، من خلال الإرث الثقافي والتاريخي والمعالم والآثار القديمة ، وارتباط ذلك بالتقدم العلمي والتكنولوجي والتقنيات الحديثة ، بما يكريس الأصالة والمعاصرة ، حتى أصبحت قاطرة التنمية وصناعة من أهم الصناعات في العصر الراهن لما لها من تأثيرعلى اقتصاديات الدول ،بما تمثله كمصدر للدخل ، لكونها نشاطاً مركبا ومتداخلا مع العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية والأمنية في المجتمعات ، واعتبارها جزءا هاما من خطط التنمية المستدامة ، لأنه وفقًا لمنظمة السياحة العالمية، تمثل السياحة واحدة من كل 10 وظائف في جميع أنحاء العالم، و توفر سبل العيش لملايين آخرين في كل من الدول المتقدمة والنامية، كما تعد أيضا قطاعاً رئيسياً في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، لذلك السياحة العالمية تساهم بنحو ثلث خدمات التجارة في العالم ، وتساهم بنحو 13% من إجمالي الناتج المحلي والعالمي ، وتستوعب أكثر من 130 مليون عامل على مستوى العالم ، و تؤدي دوراً بارزاً وفعالا في النمو الاقتصادي ، وتعظيم الموارد المالية ،ولكن الكثير من الدول التي لديها كنوز من الآثار والمقومات السياحية ، تجهل الكثير من تلك الحقائق،وبعضها يكتفي بالأمنيات أن تحقق السياحة رقما مهما من إجمالي الدخل القومي ، ولكنها لا تسمع سوى صدى الصوت ، لأنها لا تعطى بالا للاستفادة من هذه العناصر ، في الوقت الذي قفزت فيه السياحة في بعض الدول قفزات هائلة رغم افتقارها للمقومات السياحية،وحققت عائدات قياسية ،وخير مثال على ذلك ، أن بعضها سبق دولا كبيرة وعريقة في مجال السياحة مثل جمهورية مصر العربية ، التي تمتلك ثلث آثار العالم وأحد عجائب الدنيا السبع وهى الأهرامات، إلى جانب المقومات الطبيعية والشواطيء الممتدة على سواحل البحرين الأحمر والمتوسط ، وانفرادها بمقومات سياحية دينية ، لم تستغل جيدا ، حيث على أرض مصر كلم الله سبحانه وتعالى البشر ممثلا في سيدنا موسى في الوادي المقدس طوى بأرض سيناء ،وبها أيضا مسار العائلة المقدسة والسيدة مريم وابنها السيد المسيح أثناء هروبهم من بيت لحم إلى مصر طلبا للأمن والأمان ، حيث دشن السيد المسيح بيده إحدى الكنائس القائمة للآن بدير المحرق في صعيد مصر، إلى جانب الأزهر المؤسسة الدينية الوسطية في العالم الإسلامي ، وهي مقومات سياحية تهم جميع الأديان ، لم يتم استثمارها بصور صحيحة لمضاعفة وتنوع عدد السياح القادمين إلى مصرمن شتى بقاع الأرض ‘ ربما لعدم القدرة على التسويق الممنهج ، أو لعدم إدارك أهميتها الدينية بالنسبة للعالم، أو ربما لسوء الإدارة أو لكل ذلك ، لأن بعض الدول قد تمتلك مقومات الجذب السياحي المتنوعة ، ولكنها تظل تدور حولها ، بدون أن تتقدم خطوة إلى الأمام ، لأنها لم تهتم بمتطلبات الجذب السياحي ، فقد نجد الإهمال في نظافة وصيانة المرافق مثل الفنادق والطرق والموانئ والمطارات والمطاعم والمقاهي والقرى والمنتجعات السياحية ، على الرغم من ارتفاع أسعارها ،أوفي الملاهي التي يتعرض فيها الرواد لمخاطرالحوادث والإصابات وربما فقد الأرواح، نتيجة لإهمال الصيانة أو لعدم اتباع إجراءات الأمن والسلامة ونقص العلامات الإرشادية ،أو افتقاد الوعي السياحي لدى المتعاملين مع السياح ، وقد نجد النقص أيضا في المرافق الصحية والخدمية الضرورية في الموقع السياحية والأثرية والطبيعية ، وإن كانت مصر قد فطنت في الفترة الأخيرة إلى أهمية توفير متطلبات هذه المقومات بإنشاء الجسور وتحسين شبكة الطرق ، واستخدام قطارات حديثة وكهربائية تتسم بالسرعة الفائقة ، وتوفر الوقت والجهد ، وتقرب المسافات بين المواقع السياحية والأثرية وتخفف من حد التكدس المروري ،لأنه من المشاهد المتناقضة عند إقامة المهرجانات التي تهتم بها بعض الدول لجذب السياح ، وتنفق عليها الكثير والكثير للدعوة والترويج للسياحة ، نجد مشاكل في الطرق والازدحام المروري والمواصلات والاتصالات ،وضعف سرعة الإنترنت ،إلى جانب مياه الصرف الصحي التي تغطي بعض الشوارع المحيطة بهذه المهرجانات وفي المناطق الحيوية حتى في عواصم الدول ، التي تعطي انطباعات واتجاهات سلبية مباشرة نحو السياحة ، يصعب تصحيحها في المدى القريب ، والغريب أن يتجاهل المسؤولون ذلك ، وهم في نشوة الاحتفال بالمهرجنات والليالي السياحية بمسمياتها المختلفة ، وبدون إدراك للعلاقة بين الترويج للسياحة ومستوى النظافة ، التي قد تفسد المتعة و البهجة لدى السائح ، وهى من العوامل الطاردة للسياحة ،على المدي القريب و البعيد فيذبحون الدجاجة التي تبيض ذهبا ،لأنها تؤُثر مباشرة على تغيير الوجهة السياحية والتوجه إلى المقاصد الأنظف والأرخص أيضا ،التي تتميز بالخدمات الترفيهية الإضافية المجانية أو بأسعار رمزية ، لأن مناطق الجذب السياحي العالمية تنجح دائما في توفير متطلبات المقومات السياحية، من خلال تقديم خدمات إضافية ومنتجات سياحية بجودة عالية وأسعار تنافسية، لأنها هى التي تحدد المقاصد أوالوجهات السياحية،التي تحقق أعلى منفعة حدية للسائح،لذلك من الضروري محاولة التوافق بين المقومات السياحية التي تذخر بها بلادنا ومتطلباتها ، إذا أردنا النجاح في تطوير صناعة السياحة ، لأن الإخفاق في تحقيق التوازن في ذلك ، يصنع إخفاقات على مستوى التنافسية، ويضع عقبات أمام التدفق السياحي المنشود ، ونخسر بذلك حصة كبيرة من سوق السياحة العالمية. 

========================= 

*mohmeedosman@yahoo.com

.