الغش التجاري..جريمة لاتغتفر

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٨/مايو/٢٠١٦ ٢٣:٤٦ م
الغش التجاري..جريمة لاتغتفر

ناصر اليحمدي

كان الله في عون الهيئة العامة لحماية المستهلك فهي تحارب على أكثر من جبهة وتعمل بكل ما أوتيت من جهد لكشف جرائم التحايل وتزوير تواريخ المواد الاستهلاكية والاستهانة بالقوانين من أجل الحصول على المال والكسب السريع الذي لا يمت للتجارة الشريفة بصلة وغير ذلك من التجاوزات التي فاقت الحدود واستشرت بشكل غريب في الآونة الأخيرة بين التجار في مجتمعنا العماني الهادئ وتعددت أشكالها وطرق التحايل فيها.
المؤسف أن معظم هذه الجرائم لا تتعلق فقط بخداع المواطن والمقيم والمبالغة في السعر أو بيع أجهزة كهربائية "عطلانة" أو ملابس مهترئة ولكنها أيضا طالت صحته وبالتالي حياته خاصة إذا كانت تتعلق بالتلاعب في تواريخ صلاحية المواد الغذائية أو بيع أغذية لا تصلح للاستخدام الآدمي.. في هذه الحالة فإن الجرم مضاعف ويجب أن يعاقب صاحبه بأقصى درجات العقوبة.
ومؤخرا ضبطت الهيئة العامة لحماية المستهلك شركة تقوم بتمويل المراكز التجارية والفنادق والمحلات التجارية الكبرى بالمواد الغذائية منتهية الصلاحية ومزورة حيث تم التلاعب ببياناتها الإيضاحية وتواريخ الإنتاج والانتهاء .. والمصيبة أنها تجاوزت 4آلاف سلعة متنوعة كما صرح بذلك عيسى بن مسلم النبهاني مساعد مدير دائرة تنظيم ومراقبة الأسواق والغريب أن المسئولين في الشركة اعترفوا بخطيئتهم وأنهم يقومون بارتكاب جريمتهم منذ شهور وذلك بحجة الربح السريع.
للأسف لقد أعمت الأموال عيون وعقول وقلوب التجار الجشعين الذين يستهترون بأرواح المستهلكين ولا يكترثون بصحتهم وبما قد يصيبهم من أذى أو مرض أو حتى وفاة نتيجة أفعالهم المشينة التي تخالف كل المبادئ القانونية والشرعية والإنسانية.
لقد كانت جرائم الغش التجاري نادرة في مجتمعنا العماني ولكن في السنوات القليلة الفائتة كثرت بشكل لافت وأصبحنا نسمع عن تلاعب في مواصفات وصلاحية الكثير من السلع حتى الأدوية طالها الغش وهو ما يجعلنا نتساءل لماذا يحتال التاجر ويبيع سلعا غير مطابقة للمواصفات ؟.. وهل كانت تلك السلع منتهية الصلاحية عندما مرت عبر المنافذ الحدودية أم أنها مكدسة في المخازن حتى تم انتهاء صلاحيتها ؟.
بالطبع السبب الرئيسي الذي يدفع التجار لارتكاب هذه المخالفات والجرائم هو الحصول على الأموال بأية طريقة وبسرعة خاصة من بعض فئات العمالة الوافدة التي تبحث عن الثراء السريع حتى ولو على حساب المواطن العماني بل الشعب بأكمله مما يعد إنكارا للجميل الذي أسدته لهم بلادنا التي احتضنتهم وأكرمتهم واعتبرتهم مواطنين وشركاء في الوطن بل وأولتهم الثقة على أهلها وأرضها ومصالحها في تحقيق التنمية المنشودة.
إن التجارة الشريفة لا تكون بالتحايل وتزوير تواريخ المواد الاستهلاكية بل قوام التجارة الناجحة الأمانة والثقة المتبادلة بين التاجر والمستهلك ومراعاة الجودة والمواصفات القياسية للسلعة وهذا درس يجب أن يعيه كل من هو مقبل على إنشاء مؤسسته الصغيرة والمتوسطة والتي تشجع قيامها حكومتنا حاليا .. فالأخلاق لا تعتبر مادة للترف أو الرفاهية يمكن استخدامها أحيانا أو الاستغناء عنها أحيانا أخرى بل هي جوهر الحياة الكريمة وأصلها الخير ..والغش والتزوير صفات ذميمة تتعارض مع الشرف والأمانة لذلك يجب أن يتخلى عنها التجار حتى تعود الثقة مرة أخرى بينهم وبين المستهلك .. بالإضافة إلى أن التلاعب بالأسواق وعدم مراعاة شروط الجودة في السلع المعروضة يقوض أركان التنمية المستدامة المنشودة.
نقدم تحية حب وتقدير للهيئة العامة لحماية المستهلك على ما تبذله به من جهود ملموسة وحثيثة لكشف الغشاشين والمتلاعبين بصحة وأرواح الناس فما تقوم به يدل على إخلاص المسئولين الوظيفي ووفائهم ووطنيتهم وحسن خدمتهم لمجتمعهم ووطنهم .. وعلى كل مواطن أن يعلم أن مسئوليته لا تقل عن مسئولية الهيئة فيجب عليه تفحص كل سلعة يقوم بشرائها جيدا والتأكد من تاريخ صلاحيتها ومطابقتها للمواصفات قبل الشراء وإذا اكتشف أي نوع من التزوير أو الغش فليبلغ المسئولين على الفور حتى يتم اتخاذ اللازم والحفاظ على صحة وسلامة أبنائنا .. كما أن العبء الملقى على عاتق أصحاب المحلات التجارية كبير في مراعاة الله وحرمة الوطن فيما يقومون ببيعه .. فعليهم قبل أن يعرضوا أية سلعة للبيع التأكد من صلاحيتها ومطابقتها لشروط الصحة والسلامة والإبلاغ عن كل ما هو مخالف لأنها أمانة في أعناقهم سوف يسألون عنها يوم القيامة.

* * *
هنيئا لشعب الإمارات بقيادته الحكيمة
لا ينكر أحد ما شهدته دولة الإمارات الشقيقة خلال سنوات نهضتها الأخيرة من نقلة تنموية هائلة حققت من خلالها الكثير من الإنجازات في كافة المجالات وأصبحت نموذجا لكثير من دول العالم في الحكمة والمثابرة والإخلاص في العمل ومراعاة مصلحة المواطن والحرص على توفير العيش الكريم له وتحسين أوضاعه المعيشية وتحقيق الاستقرار والطمأنينة له إيمانا من الحكومة الرشيدة بأن ذلك ينعكس بشكل مباشر في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويعلو بشأن المجتمع الإماراتي ويرفع راية البلاد خفاقة.
ومن القرارات الحكيمة التي تجسد حرص الحكومة على الاهتمام بسعادة مواطنيها وراحتهم القرار الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات الشقيقة رئيس مجلس الوزراء وحاكم إمارة دبي برفع معاشات المتقاعدين المدنيين المحليين في دبي غير المنضمين إلى هيئة المعاشات بنسبة 20% أي ما يعادل خمس المعاش وهي نسبة لا يستهان بها بالإضافة إلى أن القرار سيتم تطبيقه بأثر رجعي اعتبارا من يناير الماضي أي أن فرحة المتقاعدين فرحتين لأن أول مرة يحصلون فيها على الزيادة ستعادل المعاش بأكمله على ألا يقل الحد الأدنى لهذا المعاش بعد إجراء هذه الزيادة عن 10 آلاف درهم شهرياً وهذا يمنح المتقاعدين مظلة أمان ويوفر لهم الاستقرار النفسي.
لاشك أن هذا القرار منح المستفيدين منه السعادة والاطمئنان .. فهذه الفئة من المواطنين أفنوا شبابهم وحياتهم من أجل بناء الوطن ونهضة المجتمع وبالتالي فإن تحقيق الاستقرار لهم هو أقل ما يمكن فعله لرد الجميل لهم .. وكونهم خارج التغطية التأمينية لهيئة المعاشات فهذا لا يقلل من جهودهم التي بذلوها من أجل إعلاء شأن الوطن فهذا القرار يحقق العدالة الاجتماعية التي تنشدها كل الشعوب لأنه يساوي بينهم وبين من تشملهم التغطية التأمينية الذين كان لهم نصيب أيضا من المكرمة إذا ستشملهم نسبة الزيادة حتى لو تجاوز الحد الأدنى لمعاش أي منهم عشرة آلاف درهم.
إن المواطن حينما يصل لسن المعاش يحتاج أن يشعر بالاهتمام والاطمئنان على ما تبقى له من سنوات .. فالأمراض تتكالب عليه نتيجة كبر السن وتحتاج أدويتها لميزانية خاصة بالإضافة إلى غلاء المعيشة لذلك فإن قلة المعاش تصيبهم بالقلق والإحباط .. من هنا فإن مكرمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد سيكون لها صدى وأثر طيب في نفوس هؤلاء المتقاعدين وهكذا تكون السياسة رشيدة.
إن الإنجازات والنهضة الشاملة التي حققتها الشقيقة الإمارات وما يعيشه الشعب الإماراتي من رضا وأمن وأمان ورخاء إنما هو نتيجة سياسة حكيمة ورؤية ثاقبة للمضي نحو مستقبل مشرق وإرادة قوية واجهت التحديات بفكر مستنير ونهج قيادي متميز خاصة أن محور هذه السياسة هو الإنسان الإماراتي الذي حرصت على الارتقاء بمعيشته وحالته الاقتصادية والاجتماعية.
كل التحية لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على سياسته الحكيمة ونتمنى للشعب الإماراتي الشقيق تحقيق المزيد من الاستقرار والأمان والرخاء.

* * *
آخر كلام
عجبت لمن يحزن على نقصان ماله ولا يحزن على نقصان عمره.