بقلم - ريم بنت نور الزدجالية
اتفاقية سيداو هي اتفاقية دولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة والتي عرفت (بسيداو) فيما استمد مسمى هذه الاتفاقية بربط الاحرف الأولى من جملة (The Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination against Women) والتي تعني اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
تم التصديق على هذه المعاهدة في عام 1981 في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة ووقعت عليها أكثر من 189 دولة من بينهم دول وافقت مع بعض التحفظات والاعتراضات.
تهدف هذه الاتفاقية إلى حقوق المرأة فيما يخص المساواة بين الرجل والمرأة في كافة المجالات سواء كانت سياسية، أو اقتصادية أو اجتماعية أو مدنية والأهم من ذلك القضاء على صور التمييز ضد المرأة.
ومن باب اهتمام جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه -وحرصه على المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات انضمت السلطنة عام 2005 بمرسوم سلطاني رقم (42/2005) الى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) وذلك ضمن إطار توافق البنود في الاتفاقية مع الشريعة الإسلامية، كما أنها حرصت على توافق هذه الاتفاقية مع التشريعات التي أصدرها النظام الأساسي للدولة.
وقد رسخت ذلك المبدأ في المادة (21) من النظام الأساسي للدولة حيث نصت على عدم التمييز بين الجنسين وكفلت ذلك من خلال النص على ذلك في عدد من التشريعات مثل قانون الجزاء الذي يعاقب الرجل والمرأة على حد سواء وقانون الطفل حيث نصت المادة (2) على عدم التمييز بين المواطنين بسبب الجنس كما أكدت على هذا المبدأ أيضا في نصوص قانون العمل الذي أكد على عدم التمييز بين الجنسين في العمل الواحد وعليه فلا يجوز لأي جهة إصدار قرار يخالف أحكام القوانين والمراسيم النافذة والاتفاقيات الدولية باعتبار أنها أصبحت جزءاً من قانون السلطنة.
ومع ذلك ومع سعي السلطنة جاهدة إلى تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في كافة المجالات وانضمامها إلى اتفاقية (سيداو) ألا أنها لا زالت عازفة عن تطبيق بعض بنود اتفاقية (سيداو) ومنها (المادة 9 /2) والتي تنص على منح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بأطفالها وذلك من مبدأ تبعية الولاية وفقاً (للمادة 158) من قانون الأحوال الشخصية وأيضا من مبدأ توحيد الجنسية حيث تترك هذه الأمور للمشرع الداخلي لكل دولة.
إلا أن السلطنة ومع ذلك أصدرت بعض القرارات في المساواة بين ابناء العمانية من زوج أجنبي معاملة العمانيين في التعيين مثل معاملة خريجي المعاهد والكليات ممن لم يكتسبوا الجنسية العمانية وذلك وفق القرار الصادر من مجلس الوزراء بالجلسة رقم 24/2004 والمعدل في الجلسة رقم 25/2004 بتاريخ 1 ديسمبر 2004.
كما سمحت لأبناء العمانية من أب أجنبي بالتسجيل في المدارس الحكومية وذلك لمراعاة مصلحة الصغير علاوة على ذلك فقد أصدر مجلس الوزراء قرارا وزاريا بمنح أبناء العمانيات المتزوجات من أجانب الحق في الالتحاق بمؤسسات التعليم ولهم الحق في الحصول على رسالة من وزارة الداخلية الى مركز القبول فيما يخص ذلك.
أما فيما يخص الصحة فقد أصدرت وزارة الصحة العمانية القرار في عام 2015 رقم 135/2015 وذلك فيما يخص العلاج في الخارج والذي يتضمن ضمن الحالات التي يمكن أن يتم علاج المريض في الخارج والذي يضم الأجانب المتزوجين من عمانيات وأبناء العمانية من زوج أجنبي، أضف إلى ذلك أنه يجوز لأبناء العمانية المتزوجة من أجنبي مراجعة المستشفيات الحكومية.
كما أن الدولة اهتمت بإبن العمانية من أب أجنبي وذلك إذا كان العائل لوالدته حيث سمحت له بالحصول على رسالة من وزارة الداخلية ووزارة القوى العاملة والهيئة العامة لسجل القوى العاملة لتوفير فرص عمل مثله مثل العماني.
وحرصا أيضا من المشرع على أبناء المرأة العمانية في حال وفاتها وتركها أبناء غير عمانيين صدر القرار الوزاري رقم 292/2020 بشأن حظر تملك غير العمانيين للأراضي والعقارات في بعض الأماكن حيث نصت المادة 8 منه أنه (على أمانة السجل العقاري وفروعها في حال أيلولة ملكية أرض أو عقار مبني كائن في أماكن الحظر بعد تاريخ العمل بالقانون عن طريق الإرث أو الوصية أو الهبة الى غير العمانيين وإصدار سند ملكية جديد لهم بناء على ذلك الالتزام بإضافة ملاحظة في هذا السند تفيد التزامهم بالتصرف في الأرض أو العقار المبني خلال سنتين من تاريخ انتقال الملكية اليهم أي أن عليهم التخلص من هذا العقار خلال هذه المدة).
ونلاحظ بأن كل هذه القرارات تشمل مصلحة الصغير قبل كل شيء ومحاولة رفع أي ضرر قد يواجه ابن العمانية من أب أجنبي، ولكن «دون إعطائه الحق بأن يأخذ جنسية والدته العمانية» وتجنب ذلك.
ومع كل ذلك الا أنه لازال يوجد تفرقة وعدم مساواة بين أبناء العمانية من زوج أجنبي وأبناء العماني من زوجة أجنبية حيث أصدرت وزارة الداخلية عام 2018 قرار داخلي بالموافقة على ازدواجية الجنسية للطفل من أب عماني وأم أجنبية والتي تمنح دولتها الطفل جواز سفر من بلد الام تلقائياً منذ الولادة، وذلك حتى بلوغ سن الثامن عشر قابلاً للتمديد في حالات إذا أكمل تعليمه العالي في بلد الأم وارتأت الوزارة بأن التمديد المؤقت لحين انهاء دراسته من مصلحته ثم يتم الخيار بالتنازل عن احدى الجنسيات. ورغم أن هذا القرار يخالف أحكام ما تهدف إليه الاتفاقية في المساواة بين المرأة والرجل، ورغم أن القرار صدر لمصلحة الطفل إلا أنه يطبق على أبناء العماني من زوجه أجنبية فإن هذا القرار لم يراعي مصلحة الصغير من هذا الجانب مخالفاً بذلك المادة ( 2/ ب )من قانون الطفل وهو الحق في عدم التمييز بسبب الجنس أو غير ذلك من أسباب.
ففي الواقع إذا استمر هذا التمييز دون وضع قوانين تنصف المرأة وتعزز من مكانتها ومكانة أبنائها وزوجها الأجنبي سوف يكون هناك تأثيراً سلبياً على المرأة العمانية في ضمان حقها في المساواة بينها وبين الرجل والذي هو الهدف الأساسي من هذه الاتفاقية.