مسقط –
بعد الأزمة النفطية وتراجع النمو الاقتصادي الذي شهدته أكثر من منطقة في الشرق الأوسط، سجلت مواد البناء حالة من عدم الاستقرار في الأسعار، مما أثرت على أداء قطاع الإنشاءات في المنطقة، لكن هذا التأثير يبدو إيجابيا مع انخفاض الأسعار وبالتالي تكاليف البناء.
وقال تقرير شركة المزايا القابضة إن أسواق مواد البناء سجلت الكثير من التغيرات والتقلبات على أسعارها المتداولة، والتي عكست حالة العرض والطلب، وحالة الانتعاش والتراجع التي يسجلها القطاع العقاري، ووتيرة النشاط ضمن قطاع الإنشاءات والتي كان لها الكثير من الإيجابيات والدعم للقطاع العقاري، وتكاليف البناء بالنسبة للمستخدم النهائي.
ولاحظ تقرير المزايا وجود مؤشرات إيجابية لدى أسواق مواد البناء خلال الفترة الحالية، لدى عدد من أسواق المنطقة، في ظل حراك الأسعار صعودا وهبوطا وفقا لوتيرة النشاط العقاري، لتتناسب الأسعار السائدة مع مستوى الطلب.
ويرى تقرير المزايا أن الفكرة في التوقيت وليس بحركة الأسعار، فالسوق العقاري وحسابات المطورين لا بد لها من الاعتماد على أسعار حقيقية، وتعكس قوى العرض والطلب في كل الظروف، ولا يمكنها تحقيق الأهداف اعتمادا على أسعار متغيرة ومتقلبة في كل الأوقات أيضا، وعند هذا المستوى من الشفافية قد تكون الحاجة إلى احتدام المنافسة بين شركات المقاولات غير ضرورية، وبشكل خاص على الحديد والإسمنت ذلك أن استقرار الأسعار ومرونتها في مواجهة تقلبات السوق يمنحان السوق والمطورين قدرة على التخطيط وحساب الكلف طوال عمر المشروع.
خفض التكاليف
جدير بالذكر أن تراجع حجم الأعمال ووتيرة طرح المشاريع، التي تمر بها أسواق المنطقة، من الممكن أن تدفع المقاولين إلى خفض هوامش الأرباح للفوز بالمناقصات، الأمر الذي أدى وسيؤدي إلى تخفيض تكاليف البناء، إلى جانب وجود أسعار بناء منخفضة وعادلة، وبالتالي طرح منتجات عقارية ذات أسعار مستقرة وعادلة تعمل على تنشيط الطلب عليها في ظروف التراجع والانتعاش.
وأشار تقرير «المزايا» إلى التباين المسجل على تكاليف البناء ومواد البناء في أسواق متشابهة والتي في غالب الأحيان تشهد فروقات بالنسبة لتكاليف العمالة وإيجارات المكاتب وأسعار الأراضي، بالإضافة لاختلاف مستويات الجودة في البناء، وما إلى هناك من تأثيرات مباشرة ذات علاقة بالمنافسة ومعدلات التضخم، حيث يلاحظ ارتفاع تكلفة البناء في سوق مقارنة بأخرى وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الإيجارات والأيدي العاملة وأسعار الأراضي والتكاليف المصاحبة لتطبيق اشتراطات الجودة، ومعايير الاستدامة والسلامة، التي تطبق في كل من تلك الأسواق الأمر الذي يزيد من تكلفة البناء الإجمالي.
إحصاءات
وعكست البيانات الصادرة من مراكز إحصائية أن متوسط أسعار مجموعة البناء قد سجلت ارتفاعات خلال الربع الأخير من العام الفائت وصلت إلى 16%في بعض أسواق الخليج، فيما سجلت أسعار الحديد انخفاضا بنسبة وصلت إلى 23.5%، وسجلت مجموعة الديزل نسبة انخفاض بلغت 20.7%خلال الفترة نفسها، في في حين سجل الإسمنت نسبة تراجع وصلت إلى 2.4%. وقالت “المزايا” إن من شأن انخفاض أسعار حزمة مواد البناء مضافا إليها التراجع الحاصل على أسعار النفط، تنشيط السوق العقاري لكافة الفئات وبشكل خاص فئة متوسطي الدخل، وذلك من خلال إنشاء وحدات سكنية بأسعار تنافسية وبشكل خاص خلال الفترة الحالية، في حين تشير التوقعات إلى أن هذا التراجع على أسعار المواد لن يستمر طويلاً، وفي مقدمتها أسعار الطاقة التي تمثل جزءا كبيرا من إنتاج ونقل مواد البناء.
ومن الأمور التي تستحق الوقوف عندها ما يقوله تقرير المزايا عن أن أسعار الحديد مرشحة لانخفاض جديد، وذلك بسبب استمرار التوقعات السلبية حيال الاقتصاد الصيني والأوروبي. وكان الاقتصاد الأوروبي يشهد أزمة منذ بداية العام الجاري انعكست انخفاضاً في توقعات النمو إلى حدود هي الأدنى منذ سنوات (أقل من 3 في المئة)، أما الصين فتشهد أزمة مماثلة مرشحة للاستمرار مع تسجيل معدل نمو هو الأقل في 15 عاماً عند حدود تقل عن 7 %العالم الفائت. وشدد تقرير المزايا على أن تراجع أسعار الحديد ومواد البناء من شأنه أن يساهم في خفض تكاليف البناء، وسيعمل على إنعاش وتيرة الإنشاء والتعمير، وبالتالي سينعكس إيجابا على أسعار العقارات والمنتجات السكنية الجاهزة، وستنخفض أسعارها بنسب تتوافق وانخفاض أسعار الحديد والمواد الأخرى.
وعن إمكانية تأثير الأسعار الحالية في توفير منشآت ومساكن تناسب أصحاب الدخل المتوسط الذي تضرروا كثيراً من الارتفاع الكبير للأسعار، واعتبر تقرير المزايا مستويات الانخفاض الحالية بالجيدة والمفيدة لتنشيط قطاع البناء والتشييد لفئة متوسطي الدخل على مستوى دول المنطقة بكاملها.
واعتبر التقرير لأن الطبقة الوسطى هذه، أو ما يسمى فئة متوسطي الدخل تتزايد أعدادها يوماً بعد يوم، وبالتالي فإن الوقت الحالي يشكل أفضل الأوقات للدخول في مشاريع متنوعة تناسب متطلبات هذه الفئة، كون التكاليف الإجمالية للبناء ستكون مواتية للميزانيات المتوافرة من قبلهم. مما يعني أن هذه الفئة قادرة على الاستثمار في البناء والإنشاءات والمساهمة في نموه على المستوى المنظور، وهو ما يفيد الاقتصاد الكلي بشكل عام.
لكن يبقى السؤال الأخير عن إمكانية أن يساهم انخفاض أسعار مواد البناء في تحقيق انخفاض جدي في أسعار البناء والإنشاءات وبالتالي إنعاش قطاع العقارات، مع المخاوف الكثيرة أن الأمر سيبقى حكراً على حركة العرض والطلب، وسعي الشركات إلى الحفاظ على الأسعار خوفاً من عدم ثبات الأسعار. وحدها الأيام كفيلة بالإجابة على ذلك.