السيب - عباس الزدجالي
لم يخطر ببال الشاب أحمد بن عبدالله السيابي وهو يصطاد السمك ليلا من على شاطىء الموالح الشمالية بولاية السيب قبل شهر تقريبا أنه سيكون على موعد مع كائن بحري نادر للغاية لم تتعدي مشاهداته في العالم أصابع اليدين .
يقول أحمد الموظف بخدمات الأمن والسلامة أن الخوف انتابه في البداية عندما لمح كائنا عجيبا بدا كشبح أسود يتهادي ببطىء وهدوء على صفحة المياه على بعد بضعة أمتار فقط أمامه ولدى اقترابه منه بدافع الفضول ظن أنه حبار كبير غريب الشكل بدا متعبا وخائر القوى ، وقام بسحبه للشاطىء وتصويره على الرمال وهو لا يزال حيا ومن شدة حيرته وسعيه لمعرفة ماهي حقيقة الكائن العجيب الذى وقع في يديه قام بعرضه على أقاربه وأصدقائه والصيادين الذين يعرفهم والذين أجمعوا على أنهم لم يشاهدوا مثل هذا المخلوق في حياتهم
وبالبحث عن جواب على نطاق أوسع نشر الفيديو في حساب أخيه على منصة Tik Tok وفي العديد من المجموعات لعله يجد من يساعده في التعرف على ما أعتقد أنه حبار عجيب فلم يلقى أي جواب مقنع حتى من الجهات العلمية التي التزمت الصمت
ونظرا لشح المصادر والدراسات التي تناولت هذا المخلوق البحري شبه الأسطوري الذي يشبه شخصية الرجل الوطواط بعباءته الممتدة على ظهره ظننت في البداية انه من كائنات الأعماق السحيقة كالحبار مصاص الدماء Vampire squid ولكن بعد التدقيق مجددا اقتصرت بحثي على الانواع النادرة جدا من الرأسقدميات وبالتحديد الأخطبوطيات".
وجاءت الحقيقة المذهلة بأن ما وقع بيد الاخ أحمد السيابي تلك الليلة من شهر ديسمبر العام الماضي هي أنثى أخطبوط أبو عباية الارجواني النادر Violet Blanket Octopus (Tremoctopus violaceus) وهو نوع لم يتم توثيقه علميا في بحار السلطنة وربما في بحر العرب أيضا من قبل.
هذا المخلوق الرائع يتميز برشاقة مذهلة وهو يجوب المياه الاستوائية وشبه الاستوائية التي تشمل المحيطين الهندي والهادئ والمحيط الأطلسي بالإضافة لخليج المكسيك والبحر الكاريبي والبحر الأبيض المتوسط والآن يمكن إضافة بحر عُمان للقائمة.
ويبلغ طول الإناث نحو مترين تقريبا بينما لا يتعدى طول الذكور ثلاث سنتيمترات ويزيد وزن الأنثي بعشرة آلاف ضعف عن الذكر وتعتبر عملية التزاوج بين الجنسين أعجوبة طبيعية بحد ذاتها نظرا للفرق الهائل بينهما من ناحية الحجم .
وتزن الأنثى نحو عشرة كيلوجرامات بينما لا يزيد وزن الذكر عن ثلاثون غراما فقط وتعيش الإناث من ثلاثة الى خمسة أعوام أما الذكور فلا تتعدى العامين .
وتتغذى أناث أخطبوط أبو عباية الأرجوانية على الرخويات والأسماك الصغيرة بينما تقع هي فريسة للأسماك الكبيرة كالقرش الأزرق وأسماك التونة وذوات المنقار كالسنسول والميخ والعنبرة .
ويذكر أن بإمكان الأنثي فرد وطي العباءة الجلدية التي تربط ما بين ذراعيها الظهريتين كيفما تطلب الأمر. ففي الظروف العادية فإن الجزء المغطى من جسدها لا يكون ملحوظًا حقًا. ومع ذلك ، إذا اكتشفت وجود تهديد أو وجود مفترس قريب فأنها تفرد عباءتها لتتمدد وتتنفخ في الماء على أمل إرباكه وأخافته.
وقد سلم أحمد السيابي أخطبوط أبو عباية الأرجواني لمركز العلوم البحرية والسمكية ليتم رفع البصمة الجينية ودراسة العينة النادرة عن كثب وذلك بعد ان احتفظ بها مشكورا في الصون لثمانية وعشرون يوما حتى يتم تسجيلها رسميا بورقة علمية ننتظر صدورها بشغف .