بقلم : خالد عرابي
ضجت بعض مواقع التواصل خلال الأيام القليلة الماضية بالصياح والعويل تحت شعار أن أسعار بعض الأماكن السياحية في السلطنة مبالغ فيها، وأن أسعارها مرتفعة مقارنة ببعض المرافق والوجهات السياحية في دول مجاورة تكون أسعارها فيها منخفضة، وقال قائل منهم: يا جماعة الخير قللوا الأسعار حتى تكون مسار جذب للسياح ، فهذه الأسعار المرتفعة ستنفر السياح .
وكان من أبرز الأماكن السياحة المحلية التي أثارت حمية بعض رواد وسائل التواصل الاجتماعي أو مدعو التأثير مشاريع مثل "سنو عمان" على سبيل المثال.. ولو أردت الحديث عن "سنو عمان " فما أن افتتح هذا المكان إلا ووجدنا موجة كبيرة من حملات وسائل التواصل الاجتماعي ضده، وأن كثير منهم يقولون بأن أسعاره مبالغ فيها، وأنها مرتفعة جدا مقارنة بدول الجوار، وغيرها الكثير من البوستات والإدعات المغلوطة ، والتي لو فندناها بالمنطق والعقل والبرهان لوجدنا أنها مجرد إدعاءات وأكاذيب باطلة.
فبداية إذا نظرنا إلى أسعار تذاكر "سنو عمان" لوجدنا أن بها مرونة في الأسعار تتناسب مع الفئات المختلفة، وأن سعر التذكرة الواحدة المتاح والأنسب لكثير من الأشخاص هو التذاكر بقيمة 12.5 أو بقيمة 16 ريالا عمانيا - وبالطبع هناك أسعار أخرى بمبالغ أعلى ولكنها تعطي خيارات وفرص ألعاب أكثر، وهذا موجود في كثير من أماكن الترفيه في العالم.
ولكن عودة إلى أقل الأسعار المعروضة فهي ليست بأعلى من الدول المجاورة وإنما بنفس القيمة بل أقل إذا ما قارناها بالنسبة والتناسب ، وقياسا على مبدأ ومنطق العرض والطلب .. ثم إن الأهم أن هذه الوجهة السياحية افتتحت منذ فترة قليلة (أسابيع) وأنه كمرفق سياحي مكلف جدا ، بالطبع ليس لدى احصائية بمبلغ تكلفته ولكن بالعقل أيضا مثل هذه المرافق مكلفة جدا، و من ثم فالمستثمر فيها يريد أن يسترجع بعضا من استثماراته .. وهناك سبب آخر يجب التفكير فيه وهو أن مثل هذه المشاريع أو المرافق السياحية من يزورها مرة فربما لا يزورها مرة كل أسبوع أو شهر ، وهناك بعض الأشخاص ممن يشعرون أن سعرها عال لا يزورونها إلا بضع مرات محدودة بالعام، بل ومنهم ربما يزورها مرة واحدة، وبالتالي فهي مع تكلفتها المرتفعة لا تقاس مع المشاريع التي يتردد عليها الزبائن يوميا أو أسبوعيا كالمطاعم على سبيل المثال، أو بعض الألعاب الأقل تكلفة، ومن ثم فيجب أن يكون هناك تفهم لطبيعة ارتفاع أسعار هذه الأماكن السياحية والترفيهية.
أيضا معلومة مهمة ومفيدة، من المستثمر في مشروع "سنو عمان"؟ أليست مجموعة الفطيم، وهي المستثمرة في مول عمان، وهي أيضا المالكة والمستثمرة لمشاريع التزلج في الدول المجاورة، فهل يا جماعة الخير مجموعة بهذه الخبرات وهي المستثمرة والمالكة لنفس المشاريع ، تسّعر قيمة تذاكر الدخول في "سنو عمان" عشوائيا؟! أم هو تسعير بناء على مقاييس معتبرة، وبناء على دراسة السوق جيدا، ومراعاة لاعتبارات وطبيعة الزمان والمكان وغيرها.. ثم هل يعتقد أحد أن الجهات المسؤولة في الدولة لا تتابع ذلك ولا تقييم الأمر ؟!.. إنني أرى كما هو في كثير من المشاريع الاستهلاكية فإن السياسة المتبعة في السلطنة هي "سياسة السوق الحر، مع متابعة حاسمة و رقابة صارمة ولكنها عادلة ..
وفي نهاية الأمر فإنه كما يقول بعض أصحاب المشاريع الاستثمارية ، هناك مشاريع تجارية ليست كما مشاريع الحكومة أو الدولة يطلب منها البعض الأشياء مجانا أو الدعم لأقصى درجة، لأنها ليست مؤسسات اجتماعية، ولذا يقال عنها كما يقول المثل الشعبي المصري "اللي ما معهوش ما يلزموش".
بقي أن أشير إلى أن المدعين بأنهم رواد وسائل التواصل الاجتماعي ، ومدعو التأثير هؤلاء الذين يهاجمون "سنو عمان" وأسعارها .. أليسوا هم من لو كانت "سنو عمان" قد نظمت لهم مؤتمرا صحفيا أو حفلا و دعتهم وأكرمتهم كما تكرمهم شركات أخرى، أو لو كانت "سنو عمان" قد استفادت من خدماتهم الإعلانية لكان كبيرهم أعني أشهرهم وأغلاها سعرا وهم معروفون لنا جميعا بل ومدعون لفعل الخير قد قال: "يا جامعة الخير .. تعالوا شوفوا .. شوفوا الجمال .. شوفوا المتعة .. استمتعوا بأوقاتكم مع أولادكم بأقل الأسعار.. وكانوا مدحوها حتى مطلع الفجر؟! إذا رواد وسائل التواصل الاجتماعي في كل مكان ليسوا المقياس.. ولن يكونوا، ولذا فيجب أن نقيّم الأمور ولا ننساق وراء آراءهم.