بقلم : محمد محمود عثمان
يارب..ونحن نستقبل العام الجديد ونودع عام 2022 بكل مافيه من اخفاقات أو نجاحات تمت على استحياء، أن نستطيع التفاؤل ولو قليلا في أن يكون المستقبل أفضل وأن نتخلص بسرعة من حالة النقاهة، ونحن نخرُج من غُرف الإنعاش التي قبعنا فيها عنوة مع جائحة كورونا، ثم دعمتها الحرب الروسية – الأوكرانية، وياارب تخيب توقعات صندوق النقد الدولي الذي أعلن أن التوقعات الاقتصادية العالمية أكثر كآبة مما كان متوقعا، مع احتمالات تراجع النمو العالمي إلى أقل من 2% في عام 2023، مع استمرار آثار الحرب في أوكرانيا لأن العام الجديد ينتظره العالم لتجاوز أزماته الراهنة، حتى مع التوقعات المتشائمة لمراكز الأبحاث الدولية والاقتصاديين والخبراء، التي تشير إلى المزيد من الركود، أوالانكماش لعدد من الاقتصادات، التي تشهد اتساع رقعة الفقر، بعد حالات الإفلاس والإغلاق والتعثر، للأنشطة الاقتصادية والتخلف عن سداد القروض، خاصة في البلدان النامية أو الفقيرة، التي تهرع إلى صندوق النقد الدولي، - فتكون كمن يستجير من الرمضاء بالنار - وما يفرضه من شروط، يعتبرها البعض الملاذ الأخير لإنقاذ الاقتصاد الذي تنخر في عضده سيناريوهات الفساد المتكررة، وسوء الإدارة والتخطيط، وضعف التنفيذ، وانخفاض الأجور والزيادات العشوائية في الأسعار ومعدلات التضخم المرتفعة، لأن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، ومدخلات الصناعة المحلية، يرتبط بتأخير سلاسل التوريد العالمية، والتي تسببت في النقص الحاد في مخزوناتها أو في حجم المعروض بالأسواق، في ظل نقص أو عجز برامج التحفيز الناجزة، والمبادرات الداعمة للشركات والمؤسسات الصغيرة ومؤسسات القطاع الخاص، الذي يئن ويُعاني في الأساس من الوهن والهشاشة، وهروب الاستثمارات، وتسريح العمال والزيادة المطردة في عدد الشركات التي تعلن إفلاسها تباعا، واعتماد القطاع الخاص على حجم الإنفاقات التي تضخها الحكومات بعد أن تأثر من التوقفات المتتالية بسبب وباء كورونا، إلى جانب ضعف مُمثليه في المؤسسات المالية وغرف التجارة والصناعة وأسواق المال، وافتقارهم للتجارب والخبرات التي تؤهلهم للقيادة وإدارة القطاع الخاص، بما فيها التصدي للإجراءات الحكومية التي انعكست سلبا على مسار القطاع الخاص، وأدت إلى تسريح أعداد كبيرة من العاملين المؤثرين في العمل والإنتاج، وزيادة المطالبات القضائية ضد الشركات والأفراد المسرحين من العمل، والأحكام بالسجن للمتخلفين عن السداد أوعدم الوفاء بالالتزامات والمغالاة في رسوم الخدمات الحكومية، ومتطلبات الاستثمار ومضاعفتها، وزيادة الضرائب، أوفرض أنواع جديدة من الضرائب، بغرض زيادة الموارد وتعويض العجز المرحل في الموازنات التي صاحبت النقص في عائدات النفط، في الاقتصادات التى لا تتنوع فيها مصادر الدخل، على دفع بيئة الأعمال والاستثمارات إلى مستويات أفضل وإذا كان القطاع الخاص هو المحرك الأساس للاقتصادات، فعلينا أن نعترف وبأعلى بصوت أن اقتصاداتنا المترهلة لن تنجو من مخاطر وجودها في غرف الإنعاش بين الحياة أو الموت، لأسباب داخلية تعود إلى: سوء إدارة الموارد، والاعتماد على الاستيراد، عدم الاهتمام بالقواعد الصناعية للصادرات، وتفشي الفساد الإداري والمالي، الافتقار لأهم أدوات الإنتاج وهي الأيدي العاملة الفنية الماهرة، والتمسك بالروتين والبيروقراطية التي تعوق الأداء، وافتقاد ثقافة العمل الحر، على الرغم من أهميته في الحد من نسب البطالة المتفاقمة، وفي إيجاد قاعدة عريضة من الأيدي العاملة الماهرة، والتي تمثل ميزة نسبية أمام المستثمرين. ولكن برغم الإحباطات ومساحات التشاؤم علينا أن نتفاءل ونحن نستقبل العام الجديد 2023 إذاعثرنا على طوق النجاة من خلال عودة الثقة في المناخ المنفر والطارد للاستثمار، واستقطاب المستثمرين والتشجيع على تأسيس المشروعات الجديدة وزيادة تنافسيتها عالميا ومحليا، من خلال خريطة للاستثمارات الجديدة المصحوبة بدراسات جدوى اقتصادية، تقود بيئة الأعمال والاستثمارات إلى مستويات أفضل، وإذا تم تحديث وتطوير التشريعات لمواجهة حالات الإعسار الناتجة عن الأزمات الخانقة المتتالية، ووجود حزم المحفزات الناجزة، وبرامج إنعاش واقعية تدفع بالاقتصاد وتحميه من السقوط، قبل أن يصير الوضع أكثر كارثية.