دعوة القطاع الخاص للقيام بواجبه بشكل أكبر

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٨/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٤٣ ص
دعوة القطاع الخاص للقيام بواجبه بشكل أكبر

حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com

أبدى مجلسا الدولة والشورى مزيدا من الحرص على الأوضاع الاقتصادية المحلية، خاصة ما يتعلق بموضوع تراجع أسعار النفط منذ بداية منتصف عام 2014، وتأثير ذلك على الموازنة العامة للدولة وعلى حيوية الاقتصاد المحلي. فقد ناقش المجلسان مؤخرا هذا الموضوع من خلال اللجان الدائمة لهما بهدف توحيد الرؤى والأفكار والمقترحات لتخفيف آثار انخفاض أسعار النفط على الاوضاع المحلية، وذلك من خلال توجيه دعوة صريحة لمؤسسات وشركات القطاع الخاص العماني بالقيام بواجبها من أجل دعم مشاريع الاقتصاد الوطني، والتركيز على الاستثمار المحلي للاستمرار في عملية التنمية الشاملة.
اليوم فان المجتمع العماني يواجه تحديات اقتصادية جديدة كسائر المجتمعات الخليجية الأخرى والتي تضررت من التراجع الكبير من أسعار النفط بالرغم من أن أسعار هذه السلعة بدأت تتحسن رويدا، ولكن من الصعب التنبؤ بمستقبل هذا القطاع، الأمر الذي يتطلب من الجميع إبداء التعاون لمواجهة هذه الأزمة، في الوقت الذي يتطلب من القطاع الخاص، وخاصة المؤسسات والشركات التي حظيت منذ بداية النهضة المباركة وحصلت على الكثير من الامتيازات والحوافز السخية من المال والاراضي والخدمات المجانية بالمشاركة في دعم الاقتصاد الوطني من خلال توجيه المزيد من استثماراتها داخل البلد، وتكون بذلك شريكا أساسيا في هذا العمل الوطني تجاه التحديات التي نتجت من تراجع أسعار النفط العالمية، بحيث لا يؤدي ذلك إلى حدوث أضرار اقتصادية للمجتمع خلال الفترة المقبلة.
فالبرغم من ارتفاع أسعار النفط وبلوغها أكثر من 46 دولارا لبرميل برنت، إلا أن الكثير من الخبراء والمهتمين بسياسات التنويع الاقتصادي يؤكدون على ضرورة الاستفادة من النفط بأي شكل كان لخلق قاعدة اقتصادية متنوعة في المنطقة، مع ضرورة التركيز على إنشاء قاعدة صناعية قوية في المستقبل. وتوصيات هؤلاء المسؤولين الخبراء سواء في المنظمات الدولية أوفي مجال المال أو المصارف تتوقع بأن تتراوح أسعار النفط العالمية بأن تصل في النصف الثاني من العام الحالي 2016 ما بين 50 الى 60 دولارا للبرميل وربما أن تتجاور حاجز الـ 60 دولارا في العام المقبل. ورغم تعدد المشاريع التي تم تأسيسها في السلطنة وفي المنطقة الخليجية، إلا أنها تفتقر إلى التنويع الاقتصادي الذي يراه الخبراء بأنه تأخر كثيرا، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع فاتورة الواردات السنوية من السلع والمنتجات الأجنبية، في الوقت الذي تتزايد فيه قيم الاستهلاك اليومي نتيجة لزيادة النمو السكاني في المنطقة. ومن هذا المنطلق تكمن مهمة المؤسسات والشركات الخاصة في ضرورة التنويع وتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية لتقليص أرقام الباحثين عن العمل من جهة، والاستفادة من الموارد الوطنية والاستثمارات في إنشاء منظومة اقتصادية جديدة تعتمد على المصادر غير النفطية من جهة آخرى. وهذا الأمر بالطبع سوف تستفيد منه الأجيال المقبلة، باعتبار أن العمل على إنشاء قاعدة اقتصادية متنوعة سوف تعمل على مواجهة التحديات المستقبلية في حالة إذا ما تراجعت أسعار النفط مثلما نرى ذلك في أزمة اليوم.
فالسلطنة تتميز بكثير من الخيرات التي يمكن استغلالها بجانب الثروة النفطية لخلق قاعدة اقتصادية عريضة، فهي تتمتع بقطاع سياحي هام يمكن أن يشكل مصدر دخل كبير لها، الأمر الذي يتطلب من القطاع الأهلي تعزيز استثماراته في هذا القطاع، واستغلال الخدمات اللوجستية من المطارات والمؤانيء والطرق السريعة في تعزيز مصادر الدخل القومي، وتوظيف المزيد من العمالة الوطنية في قطاعات عديدة، مع بناء سياسات لإحلال الموارد الوطنية محل الوافدة منها وفقا لاحتياجات المؤسسات والشركات العاملة في البلاد.
ومؤسسات وشركات القطاع الخاص عليها اليوم تعظيم القيمة المضافة للبنية الاقتصادية القائمة في البلاد وتعزيزها من خلال إستثمار أموالها في مشاريع جديدة، لدفع عجلة الاقتصاد الوطني إلى مرحلة تتميز بالاستقرار الدائم، في الوقت الذي يتطلب من المؤسسات الحكومية العمل على تعزيز نسب مساهمة المؤسسات والهيئات الصغيرة والمتوسطة في الناتج الإجمالي المحلي، من خلال تسهيل إجراءات الاستثمار والعمل الحر بحيث يمكن للكثير من أبناء السلطنة تأسيس المشاريع التجارية ومحاربة التجارة المستترة التي يتحكم بها العمالة الوافدة.
إن الوضع الحالي يتطلب من قطاعي الحكومة والخاص بالعمل لما بعد مرحلة النفط وذلك من خلال التوسع في الاستثمار في المناطق الصناعية والاقتصادية الحرة، وتنمية وتطوير الخدمات اللوجتسية بجانب تطوير القطاعات المنتجة في الزراعة والاسماك والسياحة وغيرها، مع الاتساع في خطط الاستفادة من الموارد المتجددة كالطاقة الشمسية والرياح وأنواع الطاقة المتجددة الأخرى، وجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر إلى المنطقة، مع ضرورة الاستفادة من المورد النفطي والغاز لتعزيز التوجهات الوطنية في إيجاد قاعدة اقتصادية متنوعة في البلاد.