بقلم: محمد محمود عثمان
بيت التُجار هو الحصن الحصين للقطاع الخاص في كل مكان وزمان وهو ما يطلق عليه غرف التجارة والصناعة ، وكان شهبندر التجار بمثابة رئيس الغرفة التجارية الآن.
وشهبندر التُجار هو شيخ التجاروهو كشيخ معني بكل ما يهمهم في حياتهم اليومية والمستقبلية ، يفصل في المشاكل بين التجار من خلال قانون عرفي غير مكتوب ، لذلك لابد أن يكون من بين التُجار،وكبار رجال الأعمال وليس طفيليا على التُجار الذين يمثلون أنشطة القطاع الخاص ،- فأهل مكة أدرى بشعابها - ويستمد التجار قوتهم من قوة بيت التجار، لذلك يجب مراجعة ضوابط وشروط اختيار الشهبندر، لتضمن أن يكون عالم ومطلع على خفايا وأسرار المهنة ،وممن يمتلكون خبرات وقدرات شخصية قيادية بما يضمن تحقيق مصالح كل الأطراف من تجار ومواطنين - أي المستهلكين- والحكومة ، لذلك يجب أن يتمتع بحصانة تحميه من تسلط الأجهزة الإدارية الحكومية ، ولا يجب عزلة إلا بواسطة التُجار أنفسهم ـ أو بواسطة القضاء في حالات الفساد الإداري الذي يضر بمصالح المجتمع ،لذلك مع التطورات الاقتصادية وتشعبها أصبح حريا ، بالقطاع الخاص أن يضع باستقلالية القوانين التي تنظم عمله وأنشطته وتضمن تحقيق مصالحة العادلة بعيدا عن تدخل الحكومات ، التي من واجبها مراقبة مدي التزام القطاع الخاص بتطبيق القوانين التي شرعها لنفسه ، بما لا يضر بالاقتصاد الوطني أو بمصالح المواطن ، لذلك هناك مسؤولية تبادلية بين الناخيبين والمنتخبين عند اختيار من يمثلهم في غرف التجارة والصناعة الشريك الأساسي في التنمية ، خاصة بعد أن أجرت سلطنة عُمان مؤخرا تعديلات على قانون الغرفة، في ظل المتغيرات الاقتصادية والاحتياجات التنموية المتنامية والأزمات العالمية المتتالية ،ومن هنا تأتي أهمية انتخاب الكوادر الوطنية المؤهلة االقادرة على تحمل أمانة هذه المسؤولية في المرحلة المقبلة ،في ظل التطورات الاقتصادية التي يشهدها العالم.
لذلك تقع على الناخبين مسؤولية أساسية وضخمة تستوجب انتخاب الأفضل أخلاقا والأغزرمعرفة والأكثرعلما والأقرب تخصصا ، وأصحاب الخبرات في التجارة و أنشطة القطاع الخاص وفي أسواق المال ومن لديهم المهارات القانونية حول تعاملات البورصة ، والمُحب للعمل التطوعي وإنكار الذات وخدمة الآخرين ، بعيدا عن العواطف أو القبلية أو الطائفية إذا وجدت ،ليكون الهدف هو مصلحة القطاع الخاص، وفي الجانب الآخرعلى المنتخبين من المترشحين واجب تحمل مسؤولية تمثيل القطاع الخاص باعتبارهم حلقة الوصل مع المؤسسات الحكومية، للدفاع عن رؤيته وتبني حل مشاكله وقضاياه وأن يكونوا محل ثقة الناخبين ، ولهم القدرة على الإسهام الإيجابي في التواصل إقليميا وعالميا لتدعيم العلاقات الخارجية التجارية والاقتصادية والسياحية.
ومن الضروري قبل الإنتخبات المقبلة للغرفة أن يقدم أعضاء مجالس إدارات الغرفة وفروعها بكل شفافية كشف حسا ب بالأرقام عن حصاد الزيارات الخارجية التي تمت ، وما تم تحقيقه من خلال الوفود التي توجهت إلى مختلف دول العالم في الفترة الفائته على نفقة الغرفة ، وتقييم ما حققه كل وفد في مجالات جذب الاستثمارات الأجنبية و الشراكات التجارية مع القطاع الخاص الأجنبي،
وكذلك تسجيل الإنجازات التي تحققت ونواحي القصور التى تتطلب المعالجة ليتمكن مجلس الإدارة المقبل من البناء عليها ، حتى لا يقال « إنا نسمع ضجيجا ولا نرى طحينا «،
لأن التحديات كبيرة التي تواجه غرفة تجارة وصناعة عُمان والقطاع الخاص في الدورة المقبلة، بعد أن جفت تماما - منذ سنوات - منابع التوظيف في الحكومة والمؤسسات العامة ، وعجز القطاع الخاص عن استيعاب مخرجات التعليم ، حتى قُبيل أزمة كورونا، حيث يتهدد الكيان الاقتصادي لبعض الشركات - التي تعاني في الأساس من الضعف والهشاشة - وكذلك مؤسسات القطاع الخاص ، الذي لم يجد من يعالج قضاياه أو يهتم بها بإسلوب علمي وعملي ،
ولا سيما أن غرفة التجارة والصناعة وهى المعنية بمشاكل وبمستقبل القطاع الخاص ، لم تحقق الكثير من طموحات شركات القطاع الخاص التي تعثرت أو التي تعاني في الحصول على أيد عاملة مدربة ومنتجة،وتعاني في الوقت ذاته من فرض العديد من الوظائف عليها - وهى ليست في حاجة لها-
ولعل الإدارة الجديدة للغرفة ، عندما تستهل دورتها القادمة ، أن تضُم خبرات وكوادر ودماء جديدة ،تستعيد دورها المفقود ،وأن تتحول من دورها الاستشاري والشكلي والتقليدي إلى صاحبة قرار مستقل ومؤثرفي الوقت ذاته ، ومبادرات من خارج الصندوق تعالج الأمراض المستوطنة التي يعاني منها القطاع الخاص منذ سنوات ، ومنها نقص أو ندرة فرص العمل الحقيقية والدائمة لمواجهة جحافل الخريجين الجدد المتراكمة والمسرحين والمفصولين من وظائفهم والباحثين عن عمل ، واستثمار العلاقات القائمة مع اتحاد غرف التجارة الخليجية وغرف التجارة العربية والأجنبية المشتركة ، في البحث عن البدائل وفرص العمل في الأسواق القادرة على التشغيل في المستقبل ،وكذلك معالجة الأخطاء في تطبيق المرسوم السلطاني الذي ينص في مادته الرابعة على الآتي :» يكون المقر الرئيسي للغرفة في محافظة مسقط و يكون لها فروع في كل محافظة...» ولكن التطبيق الخاطيء للمرسوم حرم محافظة مسقط من إنشاء فرع خاص بها على غرار المحافظات الأخرى ،على الرغم أن بها أكبر عدد من المنتسبين ومن الشركات، اكتفاء بوجود الفرع الرئيسي بالعاصمة ،وكذلك التغلب على إشكالية إمكانية التحدث بالعربية للعضو المُنتخب من المستثمرين الأجانب ، التي قد تمثل عبئا في التواصل أو التفاعل.