مسقط -
غزت وسائل الإعلام منذ أيام أخبار المطعم الفرنسي الذي يحصل على مواده الأولية من سلال مهملات الآخرين، الخبر لم يكن في سياق إلقاء القبض على أصحاب المطعم لمخالفتهم الاشتراطات الصحية وغيرها، بل كان على العكس تماماً، فالخبر أشاد بالتجربة التي تسلط الضوء على حجم الهدر الهائل الذي يقوم به البشر عبر رمي بقايا الأطعمة في القمامة، في الوقت الذي يؤكد فيه على جدوى إعادة التدوير التي يمكن لها أن تكون الحل للاستفادة من آلاف الأطنان من المواد التي ترمى في المهملات وهي لاتزال صالحة للاستخدام.
فإذا كان الوضع هكذا في فرنسا التي لا يصل حجم النفايات التي يرميها الفرد الواحد فيها يومياً إلى نصف كيلوجرام، فهل لكم أن تتخيلوا حجم الهدر لدينا هنا عندما تعرفون أن الفرد منا يرمي في سلال المهملات ما يصل وسطياً إلى 2.5 كيلوجرام يومياً، أي قرابة الطن سنوياً لكل فرد، ولكم أن تحسبوا بأنفسكم الحجم الإجمالي تبعاً لعدد السكان وبالتالي حجم الهدر المقدر بملايين الأطنان. يكفي أن تحضر حفلة عرس واحدة لتشاهد بأم عينك مئات الكيلوجرامات من الأرز واللحم التي ترمى في نهاية الليلة السعيدة في حاويات القمامة القريبة. يكفي أن تنظر إلى موائد رمضان المقبل قريبا التي تكون حافلة بكل مالذ وطاب والتي سيكون مصير أغلبها حاويات القمامة.
المطعم الفرنسي استطاع أن يحول هذه «القمامة» التي يحصل عليها من «بنك النفايات» أو «بنك الطعام» إلى أطباق فاخرة بشهادة مئات الزبائن الذين يصطفون يومياً أمام طهاته ليتابعوا مباشرة كيفية تحويل الأطعمة المرمية إلى أطباق لذيذة متنوعة وصحية بكل ما للكلمة من معنى، والتساؤل المشروع هنا، هل سنشهد في قادم الأيام تجارب مماثلة أو شبيه تعتمد على بنوك نفاياتنا التي تنافس في أرصدتها الهائلة أكبر بنوك النفايات في العالم، نتمنى فعلاً أن يحدث هذا، فهي في النهاية ثروة حقيقية نرميها بكامل إرادتنا نحو حاويات القمامة لتقوم الشركات المتخصصة لدينا بدفنها لاحقاً في باطن الأرض، بينما يقوم الآخرون باستثمارها وإعادة إنتاجها تحت مسمى إعادة التدوير لنشتريها نحن ربما في المستقبل بعد أن تكون قد تحولت إلى سلعة راقية بتغليف جذاب.