برلماننا الجميل

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٦/نوفمبر/٢٠٢٢ ٠٨:٣٣ ص
برلماننا الجميل

بقلم : محمد بن علي البلوشي

كثيراً مايردد البعض أين دور البرلمان؟ وأين صلاحيات البرلمان؟ حينما يعتقد الناس أن هناك قضية تسببت بها الحكومة مما يتطلب تدخلاً برلمانياً وإن كان المقصود في عمان فهو دور مجلس الشورى..وكم قرأت لأعضاء يرددون على المسامع أنهم بلاصلاحيات وان المجلس ليست له صلاحيات..وهنا سؤالي ماهي الصلاحيات التي يريدها البعض وغير متوفرة في آليات واختصاصات المجلس..إدارة البلد على انفراد أم المشاركة الإيجابية لخدمة عمان أولا واخيرا..

صممت البرلمانات على طبيعة المجتمعات واتجاهاتها وتركيبتها الاجتماعية بأبعادها المختلفة عشائرية أو دينية إلى أخر الصفات التي تطبع أي مجتمع..

البرلمانات العريقة التي نتابعها ونسمع عنها وقد نميل إليها قد لاتتوافق مع طبيعة مجتمعنا وبخاصة في حكومات الاحزاب كما ذكرت سابقا في هذا المكان لكنها ليست حجة مقنعة لأن تستفرد الحكومة بالسلطة.فهي قد تعطي نتائج عكسية.. النائب أو العضو المنتخب -أيا كان مسماه-مطالب بالتجرد من كل اتجاهاته الشخصية..يتجرد من نوازعه إلى أن يتفق مع الجميع على الخيارات الوسط:وفي مجتمعاتنا ليست في عمان وحسب بل الاقليم والمنطقة يخضع بعض النواب لأهوائهم وايديولوجياتهم فيسعون بل ويحاولون فرضها كوصاية وحق لهم على المجتمع عبر قانون أو تشريع كما تفعل الاحزاب الدينية وكما تفعل سلطة طالبان في الناس وأمثلة اخرى سأتجنب ذكرها هنا درءاً للمشاكل والفتن..البرلمانات الغربية مصممة على المجتمع وهي نتاج له..لها ما لها وعليها ماعليها من محاسن ومن شرور ويحددها الناخبون بوعي متجرد أو دون وعي وتلعب الدعاية الإنتخابية دورا في تشكيل اتجاهاتهم تجاه المترشحين فيرفعون شعارات براقة وآمالا كاذبة في بعض الأحيان.كل ذلك تحت بند المنافسة والصراع الانتخابي على السلطة.

حاليا بدأ في الولايات المتحدة سباق انتخابي بين الجمهوريين والديمقراطيين للكونغرس..يسعى الكل لطرح اجندته ورؤاه للوصول إلى المقاعد واستحواذهم عليها ..فتصل الحملات الانتخابية إلى درجة شيطنة كل طرف للاخر .هذه انتخابات لا اميل لها وهي تصادمية وتحمل فيها الحملات الانتخابية المبالغة والكذب احيانا وطمس الحقائق أو طرح الوعود المعسولة ثم يعاني من ذلك البسطاء والمغلوب على امرهم والمصدقون لكل سحر الدعاية والخطابة الانتخابية..ولابأس في دولة بحجم الولايات المتحدة كزعيمة للعالم كما يقال أن يشتم ساستها الدول الاخرى لكسب الناخبين..ثم يعاني من ذلك حال الوصول للسلطة.هذه لاتتناسب معنا..ولذلك منعت وزارة الداخلية الحملات الإنتخابية كالخطابة والوعود وغير ذلك جهارا نهارا واقتصرت على تعريف الناخب بنفسه مهنيا ورؤيته في المجلس ضمن حدود مسموح بها ولايغلب عليها التدليس والمبالغة.

يتصادف اليوم بدء أعمال مجلس عمان بين الدولة والشورى..الدولة يضم نخبا من أصحاب الخبرة من المهنيين والاكاديميين الذين رأت الدولة ان تستأنس بآرائهم وتستفيد من خبراتهم في منظومة مؤسسية فصدرت المراسيم بتعيينهم.

اما الشورى فهم منتخبون وليست كل إرادة الناخبين صائبة فهي كذلك تخضع لاعتبارات يعرفها الجميع من قبلية وطائفية ودينية ولابأس بذلك إن كان صاحب المقعد الجديد كفؤا وعلى قدر المسؤولية.

في هذه الفترة حينما يبدأ عمل المجلسين يمكن أن ألخص بعض الاراء في ادائهما فمجلس الدولة يتصف اعضاؤه بالهدوء والتروي والتأني والحكمة ولايعني ذلك أنهم مبالغون أو أنهم يميلون إلى الدولة..لكنهم يتخذون القرارات والدراسات بدون شحن شعبي وجماهيري أو حسابات الناخبين، ومشروعاتهم ترفع للمقام السامي بعد أن يتم التوافق عليها مع مجلس الوزراء.الحقيقة ادهش احيانا في مجلس الشورى حينما يرى الكثيرون أن على مجلس الشورى التدخل في كل صغيرة وكبيرة فيما يخص صلاحياتهم وفيما لايخصهم..ورايت أن الكثيرين منهم تحولوا في ساحات الاعلام إلى خطابات شعبوية ظاهرها المصلحة العامة وجوهرها دغدغة مشاعر الناس لحسابات انتخابية لاحقة .ومع ذلك فللمجلسين حسناتهما ايضا في مراجعة القوانين ورفعها في تقرير أو مشروع واحد للمقام السامي.صلاحيات الأسئلة التي توجه إلى المسؤولين من مجلس الشورى جيدة وبخاصة إن كان السؤال البرلماني واقعيا ومهنيا جدا.

الفكرة هنا أن على أعضاء مجلس الشورى التحلي بالواقعية مثلهم مثل مجلس الدولة بدلا من جنوح بعضهم في جلسات ما للخطابات النارية والتي لاتنسجم مع تصميم مجلس الشورى على المجتمع الذي قد لايميل لهذه «الخزعبلات» والمهاترات والبعض قد تستهويه تلك بدافع الشجاعة وعدم الخوف من الحكومة وهي عواطف سطحية للبسطاء من الناس لاتستند على مهنية العضو التي قد يزج بها البعض في القاعة وتخرج عن ادبيات المجلس.

دلت بعض الأحداث السابقة أن هناك من يميل إلى تلك النزعات المزيفة..كما ان هناك من يتطرف في تهويل وقائع صغيرة جدا في محاولة لفرض وصاية على المجتمع ومنها الوصاية ذات البعد الديني وإلغاء الأشياء الاخرى التي هي موجودة ومحاولة حتى إغلاق البلاد تحت مسميات وحجج عديدة..هل ينبغي أن يحتج الشورى على مسلسل تلفزيوني تعرضه قناة رسمية بسبب أن البعض لم يعجبه ذلك.بعد أن يرى عضو أو عضوان أنه لايتوافق مع اتجاهاتهما..هذه آفة ينبغي أن تتوقف.البرلمان يراقب اداء الحكومة ويساعدها في عملها لصالح البلاد بأكملها ..اما افتعال الازمات في الجلسات كما حدث في الماضي فهي فوضى مصطنعة.وإن سألتم عن رأيي فأقول لكم أنها تشبهنا ولاتشبهنا احيانا.