ابن سائق الحافلات المسلم أصبح رئيساً لبلدية لندن صادق خان..

الحدث السبت ٠٧/مايو/٢٠١٦ ٢٣:٣٩ م

لندن –
فاز النائب من المعارضة العمالية البريطانية صادق خان برئاسة بلدية لندن ليصبح بذلك أول مسلم يتبوأ منصب رئيس بلدية عاصمة غربية كبرى.

وفاز صادق خان (45 عاماُ)، ابن مهاجر باكستاني كان يعمل سائق حافلة، على خصمه الرئيسي المحافظ زاك جولدسميث (41 عاماً) أبن الملياردير جيمي جولدسميث، بحصوله على 1310143 صوتاً تمثل 57 % من الأصوات، مقابل 994614 صـــــوتاً لجولدسميث، بحسب النتائج النهائية التي أعلنت رسمياً ليلة الجمعة.

وفاز صادق خان المحامي السابق المتخصص في حقوق الإنسان، في الانتخابات في ختام حملة شديدة اتهمه خلالها خصومه وحتى رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كاميــرون، بالارتباط بمتطرفين إسلاميين، وهو ما نفاه.
وعلى وقع تصفيق أنصاره وهتافاتهم، قال خان بعد إعلان النتائج في مقر بلدية العاصمة البريطانية أن «هذه الانتخابات لم تجر بدون سجال، وأنا فخور بأن أرى أن لندن اختارت اليوم الآمل بدلاً من الخوف والوحدة بدلاً من الانقسام»
وأضاف «آمل أن لا نوضع مجدداً أمام خيار صعب إلى هذه الدرجة. الخوف لا يجلب لنا آمنا أكثر، أنه يجعلنا اضعف، وسياسة الخوف ليست موضع ترحيب في مدينتنا».
وفيما كان يلقي كلمته وخلفه المرشحون الآخرون واقفون في صف، أدار له مرشح حزب «بريطانيا أولاً» اليميني المتطرف بول جولدينغ ظهره.
وأشاد زعيم حزب العمال جيريمي كوربين بانتخاب المرشح العمالي وكتب على توتير «التهاني لصادق خان. أتطلع للعمل معك لجعل لندن مدينة عادلة للجميع!».
ويخلف خان، النائب عن حي توتينج الشعبي في جنوب لندن، المحافظ بوريس جونسون المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والذي يقول البعض أنه يطمح للوصول إلى رئاسة الحكومة.
وتعهد خان الوزير السابق والأب لفتاتين، بمعالجة المشكلات الأكثر إلحاحاُ في العاصمة التي ازداد عدد سكانها بحوالي 900 ألف نسمة خلال ثمانية أعوام ليصل إلى 8,6 ملايين، وفي مقدمها، ارتفاع أسعار المساكن ووسائل النقل المكتظة والتلوث.

مدينة عالم

ورأى الخبير توني ترافرز من معهد «لندن سكول اوف ايكونوميكس» أن انتخابه هو «مؤشر ملفت إلى الطابع الكوني» للندن التي وصفها بأنها «مدينة عالم» حيث 30% من السكان من غير البيض.
وفي توتينج أثار إعلان فوز خان ببلدية العاصمة ردود فعل شديدة الحماس بين العديد من السكان.
وقال مالك أحمد (32 عاماً) الموظف في مطعم «لاهور كاراهي» الذي يرتاده خان، متحدثاً لوكالة فرانس برس «إننا مسرورون وفخورون».
وفي الخارج، رحــب عدة رؤســـاء بلديات مدن كبرى بانتخابه وعبروا عن رغبة في العمل معه في أسرع وقت ممكن.
وكتبت رئيســة بلدية باريس آن هيدالغو في تغريدة على تويتر «تهاني لصادق خان الذي انتخب رئيس بلدية لندن! إن إنســـانيته وتقدميــته ســيفيدان اللندنيين».
كما كتب رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو على توتير «التهاني لرئيس بلدية لندن الجديد ورفيق السلاح في مسالة المساكن المعتدلة الثمن».
وأعلنت الجمعة أيضاً نتائج عدة انتخابات محلية جرت الخميس وشكلت اختباراً لحزب العمال، حزب المعارضة الرئيسي لحكومة كاميرون المحافظة.
وفي اسكتلندا، فاز الحزب القومي الإسكتلندي المؤيد للاستقلال في الانتخابات البرلمانية، إلا أن فوزه أتى هذه المرة محدوداً إذ خسر الأكثرية المطلقة التي كان يتمتع بها في البرلمان السابق (69 مقعداً) واقتصر فوزه هذه المرة على 63 مقعداً من أصل 129 في البرلمان المحلي. وبالتالي لن يكون بوسع الحزب القومي تشكيل حكومة ذات غالبية بمفرده، في مواجهة المحافظين الذين فازوا بـ31 مقعداً، بزيادة 16 مقعداً عن انتخابات 2011. وهذا التراجع الطفيف قد يحمل القوميين على خفض نبرة مطالبهم الاستقلالية، ما لم يصوت البريطانيون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء حول هذه المسألة في 23 يونيو.
وأعلنت زعيمة الحزب القومي الإسكتلندي نيكولا ستورجن بهذا الصدد أن حزبها «سيواصل الدفاع عن قضيته بحماسة، إنما أيضاً بصبر واحترام» مؤكدة أن هدفها هو «الإقناع وليس التقسيم».
وخسر حزب العمال الإسكتلندي 13 مقعداُ ولم يوصل سوى 24 نائباُ، غير أن نتائجه كانت أفضل في ويلز حيث حصل على 29 مقعداً من أصل 60، وهي نتيجة كافية لبقائه في السلطة.
وقال أيان بيج من «لندن سكول اوف ايكونوميكس» إن حزب العمال لم يكن أداءه «بالمستوى الذي كان يجدر أن يحققه بعد عام على الانتخابات» التشريعية في مايو 2015. أما «حزب الاستقلال» (يوكيب) الداعي للخروج من الاتحاد الأوروبي، ففاز بأول مقعد له في البرلمان الإسكتلندي، وبمقعدين في لندن. وستكون نتائج هذه الانتخابات موضع تدقيق عن كثب من قبل شريحة من حزب العمال تبحث عن فرصة للطعن في سلطة جيريمي كوربين، وهي لم تتقبل انتخابه على رأس الحزب في سبتمبر وتعتبره عاجزاً عن قيادة العماليين إلى النصر في الانتخابات التشريعية العام 2020.

اتهامات

وعلى حسابه في موقع تويتر، قال خان -وهو محام وحقوقي سابق، ومسلم من أصول باكستانية- بعد إدلائه بصوته الخميس، «سأكون عمدة لكل اللندنيين».
وخلال الفترة الأخيرة، واجه خان اتهامات من دوائر المحافظين -وعلى رأســهم رئيس الوزراء ديفد كاميرون- بأن له صلات «بإرهابيين»، بينما يُتهم جولـــد ســميث من قبل خصــومه بأنه يحاول بث الخوف وتفريق الناخبين في واحدة من كبرى مدن العالم.
ودأب جولد سميث على وصم خان بأوصاف من قبيل «متطرف وخطر». وقال في أحد خطاباته إن خصمه «أتاح للساعين لإلحاق الأذى بشرطتنا وعاصمتنا منابر وأوكسجينا وغطاء مرات ومرات». لكن خان دافع عن نفسه قائلاً «أنا فخور بأنني مسلم»، وأضاف في إحدى المناسبات «أنا لندني، أنا بريطاني.. لدي أصول باكستانية. وأنا أب وزوج ومناصر لنادي ليفربول منذ زمن طويل. أنا كل هذا». وكان ملايين الناخبين أدلوا بأصواتهم أمس الخميس لاختيار المرشحين الذين يتنافسون على 2700 مقعــد في 124 مجلــساً محـلياً وثلاثة مجالس إقليمية، والعديد من عمد المدن و41 مفوضاً للشرطة.

حقائق مهمة

■ صادق خان من أصول باكستانية، وعضو في حزب العمال البريطاني، وفيما يلي بعض الحقائق عن عمدة لندن الجديد.

■أول مسلم يفوز بمنصب عمدة لندن حاصل على شهادة الحقوق وبعد أن أنهى دراسته الجامعية عمل محامياً.

■عمدة لندن الجديد أصبح عضواً في البرلمان عن حزب العمال البريطاني في العام 2005.

■تولى عمدة لندن صادق خان منصب وزير دولة لشؤون الإدارة الذاتية والنقل في حكومة جوردن براون بين العامي 2008 و2010.

■ترأس صادق خان حملة إيد ميليباند لرئاســة حزب العمال البريطاني.

■يعد جولد سميث اليهودي من أشد المعارضين لصادق خان، حيث وصفه الأول بأنه ينتمى للمتطرفين المسلمين، إذ أنه يُنظر الآن إلى صادق خان بأنه المسلم الأكثر نفوذًا في بريطانيا بميزانية سيقوم برعايتها تقدر بـ17 مليار جنيه استرليني، للإنفاق على لندن من أجل الأمن والنقل والتخطيط والبيئة.

■والد عمدة لندن الجديد، كان يعمل سائق للحافلات، وتوفى في العام 2003، أما والدته فقد عملت «خياطة بالقطعة».

■تعهد عمدة لندن بدعم الأعمال التجارية في لندن وتغيير قواعد التخطيط للمساعدة على زيادة عدد المنازل بأسعار مناسبة.

■هناك العديد من المقولات التي قالها صادق خان، من أهمها وأشهرها «فخورٌ بأني مسلم، وبريطاني من أصل باكستاني، وأني أب، ومناصر لنادي ليفربول منذ زمن طويل».

■صادق خان من أسرة فقيرة تعيش في لندن، ورغم ذلك تجاوز كافة الصعوبات التي كانت تواجه حتى أصبح نائباً بمجلس العموم البريطاني.

■في العام 2008 أصبح «خان» وزيراً للنقل، وهو متزوج من باكستانية تدعى سعيدة أحمد.

ورداً على سؤال حول كونه المسلم الأول الذي سيرأس بلدية لندن وعاصمة غربية، قال خان: «أنا لندني، أنا بريطاني، أنا مسلم الديانة، وبالطبع أنا فخور بإسلامي».

وتابع قائلاً: «لدي أصول (...) باكستانية. أنا أب وزوج ومناصر لنادي ليفربول منذ زمن طويل. أنا كل هذا»، مضيفاً «لكن العظيم في هذه المدينة هو أنك تستطيع أن تكون لندنيا من أي معتقد أو بلا أي معتقد، ونحن لا نتقبل بعضنا فقط، بل نحترم بعضنا ونحتضن بعضنا ونحتفي ببعضنا. هذه إحدى المزايا العظيمة للندن».
ويعتبر خان بشكل عام تقدمياً، وصوت في السابق لصالح الزواج المثلي ما جعله يتلقى تهديدات بالقتل، كما نأى بنفسه عن فضيحة تتعلق بمعاداة السامية لحقت بـ «حزب العمال».