بقلم : علي المطاعني
صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الإقتصادية والتنمية رئيس مجلس إدارة صندوق الإستثمارات العامة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة أعلن في النسخة السادسة من مبادرة مستقبل الإستثمار المنعقد بالرياض مؤخرا بحضور نخبة من المستثمرين والمبتكرين والقادة من أنحاء العالم.
أعلن عن تأسيس خمس شركات إقليمية تستهدف الإستثمار في كل من المملكة الأردنية الهاشمية ، ومملكة البحرين ، وجمهورية السودان ، وجمهورية العراق ، وسلطنة عُمان، وذلك بعد إطلاق الشركة السعودية المصرية للإستثمار في شهر أغسطس الفائت، حيث ستبلغ قيمة الإستثمارات المستهدفة ما يصل إلى 90 بليون ريال سعودي (24 بليون دولار) .
بالطبع قد يسأل البعض عن صندوق الإستثمارات العامة بالمملكة العربية السعودية وعن سر قيامه بهذه المبادرات العربية القومية الإقتصادية والتنموية الضخمة ، الإجابة تأت سريعا لتشحذ ذهن القارئ والمثقف العربي فهذا الصندوق ليس وليد اليوم كما إنه ليس وليد الصدفة فقد تأسس أصلا عام 1971 ، علي يد المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ، أي منذ 51 عاما خلت ، وهو بذلك يعد أكبر وأقدم صندوق سيادي لا على المستوى القومي فحسب بل على المستوى العالمي أيضا ، إذ تبلغ أصوله المرصودة حتى العام الجاري 2022 حوالي 620 بليون دولار .
الجديد في ما أعلنه سمو الأمير محمد بن سلمان هو إضطلاع الصندوق بدور قومي عربي هو الأضخم في تاريخ الأمة الحديث والقديم ، وذلك إستشعارا من المملكة ومن الصندوق بالظروف الإستثنائية التي يمر بها العالم على ضوء الأحداث والإسقاطات الناجمة من الحرب في أوكرانيا ومع يلي ذلك من ظهور ملامح أشباح للجوع والركود والعوز وهي تحلق منخفضا كالمسيرات لتغطي سماوات أوروبا والعالم باسره الآن.
كما أن الصندوق لبى التطلعات القومية من ضرورة تعضيد جهود الدول العربية التي ستعمد الشركات الجديدة على الإستثمار فيها ، فالدول العربية المختارة والتي ستعمل الشركات الجديدة بها برعاية الصندوق تملك إمكانات وثروات طبيعية ضخمة ، كانت أصلا تنتظر منذ عقود طويلة خلت مبادرات من هذا النوع.
والمؤكد هنا هو أن هذه الدول ستوفر للمواطن العربي كل إحتياجاته من الغذاء والكساء والدواء وكل متطلبات وأبجديات وضروريات التنمية المستدامة ، لتتبوأ الأمة العربية المكانة اللائقة بها تحت الشمس ، سيما في ظل إرهاصات شبه مؤكدة تشير إلى إقتراب أفول أوروبا وتنازلها طوعا أو كرها عن مكانتها كقارة تقود الحراك الأممي إلى قارة مهيضة الجناح وإذ هي في التو تواجه نذر شتاء قاس وفي ظل أزمة الطاقة المعروفة لديهم ولدينا والتي تشير إلى الأسوأ المقبل حتى شهر يناير المقبل.
بالطبع فإن جامعة الدول العربية وبكل أماناتها وأمكاناتها ستضع يدها على يد الصندوق وفوق أيادي عواصم الدول العربية المختارة لتنزيل وتسهيل عمل الشركات الست بعيدا عن البروقرطية والسلحفاتية والتي نشتهر بها كعرب للآسف.
نامل أن نرى في السنوات القليلة المقبلة ثمار هذه الشركات الجديدة وقد إستطاعت إمتصاص البطالة في كل عواصم هذه الدول ، تمهيدا لنهضة قومية عربية إقتصادية ضخمة تؤكد للعالم بأن الأمة العربية قد عادت للساحة مجددا بعد مئات السنين العجاف التي مرت بها ، وأنها الآن تقول ولا تُقاد.