منتدى رواد الأعمال الخليجي لبنة المستقبل

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٩/أكتوبر/٢٠٢٢ ١٠:١٦ ص
منتدى رواد الأعمال الخليجي لبنة المستقبل

بقلم : علي المطاعني

يشكل أعمال المنتدى الخليجي لرواد الأعمال بنسخته الثانية، التي تنظمه الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) بالمملكة العربية السعودية الشقيقة منعطفا مهما لتمكين رواد الأعمال في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الذي توليه الحكومات الخليجية اهتماما بالغا لما تشكله ريادة الأعمال من أهمية في مستقبل دولنا وشعوبنا الخليجية ولإستيعاب الباحثين عن عمل في إطار القيمة المضافة العالية لريادة الاعمال المفضية لإيجاد رجالات أعمال في المستقبل والنهوض بالإبتكارات وغيرها التي ترتقي بهذا الجانب المهم من الأعمال التجارية.

بلاشك أن ريادة الأعمال في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تُعد أحد أهم الخيارات لتفعيل الإقتصادات الخليجية والحد من التجارة المستترة التي تعاني منها دول المجلس بشكل أو بأخر، فضلا عن أهمية دوران رؤوس الأموال داخل دول المجلس، وتفعيل الطاقات الوطنية نحو الأعمال الحرة والتشغيل الذاتي.

ان تمكين رواد الأعمال يجب ان يكون الشغل الشاغل لحكومات دول المجلس وتهيئة كل السبل أمامهم لإطلاق ملكاتهم الإبداعية نحو مباردات ومشروعات ذات قيمة مضافة عالية ومستدامة ولتسهم في تحقيق الإكتفاء الذاتي من المنتجات والخدمات، وتستوعب المخرجات المتدفقة من الجامعات والكليات في دول الخليج.

اليوم وفي أكبر الاقتصاديات في العالم تشكل المؤسسات الصغيرة ‏نسبة 90% منها، وتبذل الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا جهودا كبيرة لتمكين رواد الأعمال، إداركا منها بأنه الوسيلة المثلى لإستيعاب المخرجات، وهو ما يجب أن تدركه حكومات دول المجلس بأن تمكين رواد الأعمال هو السبيل الأفضل لحلحلة العديد من المشكلات التي تعاني منها الإقتصاديات الخليجية، لعل من أهمها إستيعاب البطالة التي تتزايد عاما بعد آخر في دولنا.

ان ما يواجه ريادة الأعمال هو المنافسة غير المتكافئة في الأسواق الخليجية بينها والعمالة الأجنبية التي تسيطر على الأسواق الخليجية، فهذه التكتلات واللوبيات التي تمارس أساليبا ملتوية لإبعاد الكوادر الخليجية عن الإشتغال في المهن الحرة ومنافستها بشكل غير متكافئ.

كما يشكل التمويل معضلة كبيرة لرواد الأعمال على ضوء إجراءته الصعبة كالضمانات ونسبة الفائدة بشكل عام إلا ما ندر من بعض المؤسسات التمويلية الحكومية التي تركز على تمويل الأنشطة الإنتاجية والخدمية.

ومن حسن الطالع أن المنتدى يستهدف رواد الأعمال الخليجيين والجهات الداعمة لريادة الأعمال، وحاضنات ومسرعات وميسرات الأعمال، والجهات التمويلية في دول مجلس التعاون الخليجي، بهدف تمكين رواد الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة من التوسع خليجيًا وهو هدف وغاية نتطلع إليها في المرحلة القادمة.

ومن التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أيضا عدم وجود معايير دقيقة لقياس القيمة المحلية المضافة التي يتطلب إسنادها للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما ليست هناك رقابة وتقييم دقيق يسهم في توفير مشروعات وتوريدات لرواد الأعمال.

فهذه الجزئية افتراضية على ما يبدو أكثر من كونها واقعية، فالواقع الصعب الذي يواجه رواد الأعمال يات من الشركات الكبيرة التي تحصل على مناقصات بمستواها، ثم تتحايل في الإلتزام بالقيمة المضافة المحلية وببعض الأطر والتشريعات الخاصة بتعزيز القيمة المحلية المضافة.

ومن الجوانب المهمة التي يتطلب أن تناقش حقيقة أن ريادة الأعمال يجب أن ترتبط بالإبتكار، بحيث يوفر رواد الأعمال أفكارا جديدة وخلاقة وخيارات أفضل للمنتجات والخدمات وبما يسهم في إقناع المستفيدين من ريادة الأعمال ويجدوا فيها ضالتهم إزاء توفير سلع وبضائع عالية المستوى (سيوبر).

كذلك من الأهمية بمكان أن تعمل الحكومات على تحفيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتعمق في أنشطتهم التجارية وإتاحة الفرص الإستثمارية وعدم فتح أنشطة سطحية تتعلق ببعض المنتجات التي لا تتطلب أي جهد يذكر فهذه المشروعات قيمتها ضعيفة، وأيضا تأكيد سياسات الإحلال بحيث تتواكب مع تصاعد مد ريادة الأعمال.

إذن فإن هذه المنتديات تشكل إضافة هامة لعنصر تبادل الخبرات بين القائمين على تطوير القطاع ومناقشة تحدياته، والتعرف على الفرص التمويلية المتاحة والبدائل المتوفرة، باعتبارها أنسب الحلول لمواجهة التحديات وتشجيع الإبتكار لتعزيز النمو الإقتصادي وتبادل الخبرات.

ولا نغفل هنا أهمية الحاضنات في تعزيز ريادة الأعمال وتمكينها ببعض الوسائل التي تساعدها على المضي قدما في مشروعاتها لتوفير ملاذات آمنه تقيهم من عاديات الدهر، وعلى ضوء فعاليات المنتدى التي تتضمن عدة لقاءات وجلسات، منها:

تجربة دول المجلس في حاضنات الأعمال، وبحث ممكنات بيئة التمويل والإستثمار الجريء لرواد الأعمال في دول مجلس التعاون، وأثر ريادة الأعمال والإبتكار في الأمن الغذائي والبيئي لدول مجلس التعاون، والإطلاع على الفرص الريادية لرواد الأعمال في الخليج، والتحديات التي تواجه رواد الأعمال، والتوسع في دول الخليج ومعرفة التسهيلات المتاحة لرواد الأعمال.

ومع كل ذلك نقول بأن الطريق إلى ريادة الأعمال ليس مفروشا بالورود زاهية الألوان ذات العبق والأريج، ولا بالسجاجيد الحمراء الناعمة، وإنما هو عالم يمور بالتحديات، ولا يجب أن نخدع أبناءنا بأن الماء عذب فرات، بل هو ملح أجاج.

نأمل أن تكلل أعمال المنتدى بالنجاح والتوفيق والخروج بتوصيات ورؤى تعضد من مسيرة ومفهوم ريادة الأعمال بالخليــــــج، مع أهمية تمكين المرأة في كل مفاصــــل العمل والإنتاج محليا وخليجيا.