بقلم : محمد بن علي البلوشي
من حق الناس الحصول على رعاية صحية جيدة وألاتتعرض حياتهم للخطر بسبب الأمراض التي يعانون منها والتي قد تتطلب أحيانا تدخلا طبيا عاجلا..هذا ماتقوم به المستشفيات عند باب الطوارئ ولذلك يشعر الجميع بالاطمئنان لهذا الجانب الذي حتما متوفر..لكن ذلك لايغلق الباب والعيون أمام معظلات اخرى تشوب حاليا النظام الصحي في المستشفيات الحكومية.
أسوأ قصة سمعتها هي مطالبات أطباء الامتياز في وقت مضى حينما كانت وزارة الصحة تمتنع عن تلبية مطالبهم بالحد المعقول منها واطباء الامتياز هم مواطنون عمانيون درسوا وعملوا في تخصص مهم يتعلق بحياة البشر ومع ذلك كانت وزارة الصحة تناور للخروج من هذه المطالبات والسبب كما اتضح هو الاعتمادات المالية حيث كانت البلاد تمر في وضع مالي مخيف جدا اقتضى فقط أن تسير الحكومة رواتب الموظفين وأن تقترض لرواتبهم..هذه المسألة تقود إلى السؤال وهو كيفية التصرف أمام هذه المعضلات..المالية تتعامل بالأرقام فقط وقد تضع المنظومة الصحية في خطر.
أخر إنجازات المنظومة الصحية في البلاد هي تلك المستشفيات المرجعية الكبرى من السلطاني إلى خولة إلى النهضة في مسقط وبعدها توقف إنشاء مستشفيات مماثلة وفي حجم قدراتها فأزداد الضغط عليها بعد زيادة الكثافة السكانية..وبالإضافة إلى مسقط فإن مراجعيها هم الشمال إلى الجنوب...تقوم المستشفيات المرجعية في المحافظات بتحويل عدد كبير من الحالات إلى مسقط لافتقارها إلى الكوادر الطبية القادرة على إجراء العمليات الدقيقة في مختلف التخصصات ربما ينتج عن ذلك مواعيد وهجرات يومية إلى مسقط ويفترش القادمون من بعيد ساحات وحدائق المستشفيات في انتظار أخبار مفرحة تفرج عن ألم الانتظار والمراجعة الأسبوعية أو الشهرية لمسقط. ثم ماذا حدث..لاشيء سوى أن رأى الناس في الوقت الحالي وبعد كل التراكمات أن الحصول على المواعيد مثل عملية التنقيب عن الذهب واستخراجه بالطرق التقليدية في الماضي. واليوم يعرض الناس نماذج من المواعيد الطبية التي بدأت تأخذ منحنى زمنيا تصاعديا بالسنوات.
مايحدث حاليا ليس على مستوى المستشفيات الحكومية المدنية فقط بل امتد كذلك إلى مستشفيات القطاع العسكري وتتمثل في المواعيد الطويلة والتي قد تستغرق سنة أو سنتين لمقابلة أو إجراء عملية أو موعدا طبيا..هذا إن كنا نتحدث عن المواعيد الطويلة في هذا القطاع والتي قد تتسبب باستمرار آلام المريض حتى يحين موعده المرتقب.والمشكلة واضحة جدا..ضغط وطلب على الخدمات العلاجية في مقابل نقص في الكوادر الطبية وهي مشكلة ليست خارج إرادة الصحة بل أوجدتها بذاتها.وقد يستطيع المقتدرون أن يتجهوا إلى المستشفيات الخاصة القادرة على إجراء العلاجات التي تطول مواعيدها في مستشفيات الحكومة لكن ذلك له فاتورة مالية باهضة والأغلبية الساحقة من الناس لاطاقة لها بها.
تسلم الوزير الجديد الوزارة وقام بخطوات إيجابية تصحيحية جيدة يشكر عليها من فتح المراكز الصحية وإعادة جدولة مواعيدها وزيارات للوقوف على الجانب الميداني والعملي في المؤسسات والمراكز والمستشفيات الصحية لكن ذلك لايكفي..السؤال هل تسلم الوزير الجديد تركة ثقيلة من البيروقراطية والمواعيد الطويلة ونقص الأدوية واصنافها وجودتها إلى أخر التركة..المكان هنا ليس للتجني على أحد فالوزير السابق عمل واجتهد..والأزمة الحالية متداخلة وتتشابك فيها وزارة المالية مع الصحة فيما مضى ومنذ سنوات طويلة التي لربما لم تقرأ المستقبل من ارتفاع عدد السكان وزيادة طبيعية في الأمراض إلى أن باتت المواعيد في المستشفيات بالسنوات حتى تقرر مقابلة المختص في العلاج لتأتي لاحقا مرحلة العملية أو غيرها..لربما رفضت المالية أي توسعات بحجة المخصصات قليلة لكن صحة الناس تتطلب توفير المخصصات.اليوم تتمثل المعاناة وهي تراكمية كما ذكرت في قلة الكوادر الطبية والفراغ الذي تركه خروج عدد كبير من الكادر الطبي والاستشاريين وعدم وجود البدلاء ولازالنا بحاجة لسنوات لوجود كوادر طبية عمانية أو غيرها لحل هذه المعضلة.بات الناس يشعرون باليأس من هذه الدورة المتعبة..أقول لمعالي وزير الصحة: نحن بحاجة إلى فك الاختناقات في المواعيد السنوية..أنقذوا الناس من المواعيد الكهفية.