بقلم : خالد النجاشي
سلطنة عمان والاستثمار 2
كنا قد انتهينا في المقال السابق إلى أن التوجهات الطموحة للدولة من أجل تعزيز الاستثمار وجذب رأس المال الأجنبي، قد تواجه بعض المشكلات العملية، وأن من أهم التحديات في هذا الصدد هي آليات تعزيز الضمانات القانونية للمتعاملين ولدائني شركات الاستثمار الأجنبي خاصة الشركات محدودة المسؤولية. فمن الملاحظ في الفترة الأخيرة لاسيما في شركات الاستثمار الأجنبي تفشي ظاهرة تصفيه الشركات وإشهر إفلاسها، لاسيما الشركات ذات المسؤولية المحدودة منها، وعليه فإننا سوف نكرس هذا المقال في إلقاء الضوء على الضمانات التي يمكن ان يتمتع بها دائني هذه الشركات وفقا للقانون، وكذلك سنلقي الضوء في المقالة القادمة على الضمانات الاتفاقية التي يمكن أن تُصاغ فيما بين هؤلاء الدائنين والشركات، وهي الضمانات الإضافية المتمثلة في الكفالة والرهن والضمانات المصرفية، كالكفاله المصرفيه والاعتماد المستندي وخطاب ضمان والتأمينات، وذلك لعدم كفايه الضمانات المقررة قانونا لدائني الشركات عموما. سنلقي الضوء على ضمانات دائني الشركات ذات المسؤولية المحدودة والتي لا يكون لأي شريك مساهم فيها مسؤولية إلا بقدر نسبة الحصص والأسهم التي يمتلكها في تلك الشركة، والشركات المساهمة العامة والشركات المساهمة المقفلة (الشركات المعروفة بشركات الأموال)، ففي هذه الشركات لا يكون لأي مساهم مسؤولية عن مديونيات تلك الشركة، بل الضمان الوحيد للدائنين هو رأسمال وموجودات الشركة إذ تعتبر ذمتها المالية مستقله عن ذمه المالية لكل مساهم فيها. بذلك لا يكون لدائني الشركات ذات المسؤولية المحدودة والشركات المساهمة العامة والمقفلة الا ضمان واحد ينحصر بأموال الشركة بصفتها شخصية اعتبارية مستقلة عن اشخاص الشركاء والمساهمين فيها. حينئذ تبرز الأهمية الكبرى لرأسمال تلك الشركات وأهمية مراقبة الجهات المعنية لاحتياطياتها وموجوداتها والتي تشكل الوعاء الوحيد الذي يكون بإماكن دائني هذه الأنواع الثلاثة من الشركات استيفاء حقوقها منها المشغولة بها ذمة هذه الشركات. فكما أن القانون قد نظم إجراءات صارمة على الشركات المساهمة لضمان استثمارات صغار المساهمين فيها، ومن ثم أيضا ضمان دائني هذه الشركات، فيتعين كذلك ولكي لا تتحول أموال الاستثمار رأس المال الجنبي إلى أموال ساخنة (سهلة الدخول والخروج من عباءة الاستثمار) من خلال الشركات محدودة المسؤولية، وضع ذات نظم الرقابة التي تشمل الشركات المساهمة، فرأس مال الشركة يجب أن يكون رأس مال فعلي له غطاء نقدي مودع في أحد البنوك العاملة في السلطنة أو عيني حقيقي، ويكون خاضع لتدقيق من مكاتب محاسبية معتمدة لدى الجهات المعنية، مع تحديد حد أدنى لرأس المال واحتياطي لهذه الشركات بما يتناسب واعمالها، وهذا يكون الضمان الأول للمتعاملين مع هذه الشركات مما يعزز التداول التجاري مع تلك الشركات مما يشجع على تدفق تلك الاستثمارات..إن تعزيز ضمانات المتعاملين والدائنين لشركات الاستثمار الأجنبي، إنما تمثل ركيزة هامة لإعطاء الثقة لرأس المال الوطني للتبادل التجاري مع تلك الشركات، وهو ما سيعظم أعمال تلك الشركات في سلطنة عمان والذي سيمثل وسيلة جذب مطردة لتلك الاستثمارات، ووسائل تعزيز تلك الضمانات عديدة سنقوم بطرحها في المقالات المقبلة.