الاثنين المضيء

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٦/أكتوبر/٢٠٢٢ ٠٨:٢٢ ص
الاثنين المضيء

بقلم : محمد بن رامس الرواس

وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَّ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ

فَنَحْنُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ فِي الضِّيَاءِ وسُبْلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ

العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه

لقد تباركت البشرية كما لم تتبارك من قبل، ولا زالت تتبارك إلى يوم الدين، وإلى ما شاء ربنا - جل جلاله وعظم شأنه - بمولد المصطفى - عليه الصلاة وأزكى التسليم -.

حدث لا يقارن بحدث، ولا يساويه خبر جلل مر بتاريخ البشر، قال - عليه الصلاة والسلام -: « ذاك يومٌ وُلْدتُ فيه ويومٌ أنْزل عليَّ فيه «. صحيح مسلم

يومٌ اختاره المولى - عز وجل - في بداية شهر ربيع الأول، وهو الشهر الثالث من الشهور الهجرية المباركة، ليتشرف بحصول النبأ العظيم فيه بميلاد سيدنا محمد - عليه أفضل الصلاة والسلام -.

يوم مولده حدث جليل منَّ الله فيه على البشرية جمعاء بخاتم رسله وأنبيائه الكرام، فكانت العناية الإلهية تحيط بكل ثانية من تفاصيل مولده - عليه الصلاة والسلام - وتكلؤها بعنايته الكاملة في كل لحظة منها.

يوم الإثنين السعيد وفي الساعة المباركة عندما تشرفت السماوات والأرض بل الكون بأجمعه بميلاد الحبيب - عليه الصلاة والسلام -.

روي عن ابن سعد في الطبقات، عن السيدة آمنة أنها قالت: « لما ولدته خرج مني نور أضاءت له قصور الشام «.

وفي دلائل النبوة روى البيهقي: « حدثت كتب السيرة عن النور الذي كان يخرج من أم النبي - صلى الله عليه وسلم - أثناء الحمل فيه، فعن لقمان بن عامر قال: «سَمِعْتُ أَبَا أمامة يقول: «قُلْتُ يَا نَبِيَّ الله ما كان أَوَّلُ بَدْءِ أَمْرِك؟ قال: نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأتْ أمي حين حملت بي أنه خرج منها نور أضاء لها قصور الشام». رواه أحمد والحاكم

إن إرهاصات عديدة ما قبل البعثة وقعت حين بزغ نجمه بمولده - عليه الصلاة والسلام -، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان كسرى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس، وغاضت بحيرة ساوه.

كل هذه الأحداث وغيرها من المعجزات نستذكر منها حادثة الفيل، فكانت كلها دلائل واضحة بقرب نزول الخبر اليقين من رب العالمين والوحي المبين، لإصلاح شأن البشرية، ودعوتها إلى ترك الشرك بالله، ونبذ الكفر، وإشارة إلهية عظيمة ترشد إلى نشر دين الله الحنيف الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها.

لقد جاء السراج المنير والقمر المضئ ليزيل الظلمة والجاهلية التي جثمت على كاهل البشرية عقودا طويلة من الزمن، جاء ليحيل السواد إلى ضياء، والعتمة إلى نور، جاء - عليه الصلاة والسلام - حاملًا رسالة السماء بكل أمانة ورحمة من المولى عزوجل.

لقد جاء - عليه صلوات ربي وسلامه - بسنة نبوية مباركة، جسدها بنفسه قولًا وفعلًا وتقريرًا، يتقدمها قرآن كريم يتلى هو منهاج الله للناس أجمعين، والرسول - عليه الصلاة والسلام - يطبقه وكأنه قرآن يمشي على الأرض، كما ذكرت سيدتنا عائشة - رضي الله عنها - ذلك عندما سئلت عن صفاته - صلى الله عليه وسلم -.

لقد استقبلت الأرض هدية السماء بكل ترحاب ومِنَّة، شاكرة للمولى فضله وعطائه بأن بعث سيد الكونين، وأشرف الثقلين.