بقلم : علي المطاعني
تكتسب زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة إلى سلطنة عُمان كأول زيارة له منذ توليه مقاليد الحكم في الإمارات أهمية كبيرة على العديد من الأصعدة والمستويات الرسمية والشعبية لما تشكله لقاءات قيادة البلدين الشقيقين من محطات يتوقف عندها الزمن للمزيد من التأمل.
كما أنها تفتح آفاقا أوسع لهذه العلاقات للوصول لما يتطلع له شعبا البلدين الشقيقين اللذين تربط بينهما الكثير من الروابط والأواصر الأخوية والوشائج الإجتماعية التي تفرض على الحكومات الإرتقاء بها إلى مستويات أعلى وأفضل من أي علاقة أخرى مع دول العالم ، وعلى إعتبار أن الجوار الجغرافي والتاريخ المشترك والمصالح المتبادلة عناصر متوهجة لها قيمتها وأهميتها في رفد العلاقات بين الدول بماء النماء ، فضلا عن ما يتمتع به كلا البلدين من مزايا تكاملية يحتاج بموجبها كل طرف للآخر بشكل أكبر يوما بعد الآخر.
على ذلك فإن هذه الزيارة تمثل منعطفا مهما في السجل الحافل بالود الجميل بين البلدين ، ورحيق عطاء الزيارة سوف ينعكس حتما على الكثير من مجالات التعاون المشترك وعلى إحداث نقلة نوعية في مسار التعاون البناء ، ذلك إن هذه العلاقات وهي خاصة بحكم الأخاء والتآخي الممتد في أعماق الوجدان لا تنفصم عن بعضها البعض مهما كانت الظروف ومهما تقلبت مناخات السياسة في كوكبنا ، ومهما كانت قوة مد وجزر البحار والمحيطات والخلجان ، تلك حقيقة راسخة كعاتيات الجبال لدى قيادة البلدين حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله - و أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، فهما يعملان كما يحب ربنا ويرضى لتنزيل طموحات الشعبين لأرض الواقع ومدها بالمزيد من عنفوان التلاحم والتعاضد والنهوض وبكل ما يمكنهما من قطف الثمار الناضجة لهذه العلاقات عبر فتح آفاق أوسع للتعاون غير المحدود بينهما ، وذلك سيصب خيرا بكل تأكيد في شرايين أمتنا العربية الكبيرة وإذ هي تتطلع أصلا لهكذا ترابط بين دول الجامعة العربية وحتى يتسنى منازلة التحديات العاصفة التي تواجهها الأمة كما ينبغي.
إن سجل التعاون بين البلدين الشقيقين كان أبدا وسيظل حافلا بالكثير من جوانب العمل التي تأسست خلال المراحل الماضية من مسيرة التعاون الثنائي بقيادة المغفور لهم بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه ، وأخيه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ خليفة بن زايد طيب الله ثراهم.
فاليوم فإن البناء على إرث هذا التعاون والإنتقال به إلى مرحلة أخرى تضاف إلى سجل التعاون بين مسقط وأبوظبي يُعد من أبرز ملامح المرحلة القادمة التي من الطبيعي أن قيادة البلدين تدركها بشكل كبير، وترغب أن تضيف لبنات أخرى إلى المتحقق منها على الأرض في سبيل رفع مسارات التعاون ومجالاته إلى أكبر وأعلى سقف يليق بمستويات العلاقات الطيبة بين البلدين ويختزل الكثير من الوقت الذي تباطأت فيه مجالات التعاون ويتجاوز بعض التحديات التي تعيق مسيرة التعاون الحقيقي بين البلدين وترتقي بالود والمحبة التي يكنها شعبي البلدين لبعضهما البعض ، وفي أن يرى كل منهما الآخر أكثر قربا وانسجاما من بعد أن تتضافر جهودهما وتتلاحم لمواجهة أي أخطار محتملة.
ولعل بيان ديون البلاط السلطاني حول زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وتسميتها زيارة دولة وهي أرفع أنواع الزيارات للدول تعكس ما تكنه سلطنة عُمان حكومة وشعبا لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وشعبها الشقيق من ود وحب وإعزاز ، كما أن ذلك يعد تعبيرا صادقا عن المكانة التي تتبوأها الدولة الجارة في وجدان العُمانيين وباعتبارهم أهلاً وأخوة وأصدقاء يتقاسمون الأفراح والأتراح معا.كما أن السلطنة كانت دائما وأبدا سباقة إلى كل ما يسهم في دفع التعاون مع الأخوة في الإمارات إيمانا منها بأن ذلك هو السبيل الوحيد لتعظيم مكاسب العلاقات وتوظيفها لصالح الشعوب ، بل أن السلطنة وعبر خبراتها التراكمية الطويلة تعمل دائما لما فيه تحقيق الإستقرار وغرس شجيرات السلام في كل الأزقة والمنحدرات وعلى مستوى الكوكب.
بالطبع الحديث عن عمق وخصوصية العلاقات العُمانية الإماراتية لايمكن إختزالها في هذه العجالة ولا تستطيع الأقلام وإن فاضت مدامعها وجدا وحبا أن توفيها حقها عبر بضع وريقات إذ لابد لنا كإعلاميين أن نتحرى الصدق ونتوخى الأمانة كمنهاج عمل وأن نعمل جاهدين لمؤازرة كل الجهود الرسمية الخيرة الرامية لتفعيل وتأصيل وتوثيق هذه العلاقات التي وصفناها بالخاصة مع الإمارات الشقيقة.
نأمل أن تكلل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والوفد المرافق له بالنجاح والسداد الذي يضيف بعدا إيجابيا لهذه العلاقات ويعزز مكانتها لما يطمح له الشعبان الشقيقان وتضيف إلى سجل مجالات التعاون بين البلدين دفعا جديدا يسجل في تاريخ البلدين وتذكره الأجيال القادمة بالإمتنان والعرفان.