بقلم: علي المطاعني
تكتسب العلاقات العُمانية الإماراتية أهمية كبيرة على العديد من المستويات والأصعدة لما يربط البلدين والشعبين الشقيقين من روابط إجتماعية ووشائج وتصاهر وتداخل سكاني وحدودي وتعامل وتعاون شعبي وأخوي، هو إرتباط وجداني عميق الأغوار يستحيل فك إرتباطه وسيبقى هكذا متوهجاً في سماء البلدين وإلى يوم يبعثون، هذا فضلا عن التاريخ المشترك عبر الحقب والأزمان الفائتة وهذا يقودنا كأمر تلقائي إلى المصالح التجارية والإقتصادية المشتركة حيث تمثل كل دولة العمق التجاري الطبيعي والإستراتيجي للآخر.
وبما أن الأمر كذلك فمن الطبيعي أن ينمو التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين بنسبة 470% خلال السنوات العشر الفائتة وسط إزدهار قطاع التصدير وإعادة التصدير بين البلدين وهو ما تدلل عليه الأرقام حيث أن بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات تشير إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل المرتبة الأولى في الدول المستقبلة للصادرات العُمانية غير النفطية والتي بلغت بنهاية الربع الثالث من العام 2021 نحو 764 مليونا و100 ألف ريال عُماني كما تتصدر الإمارات أيضا عملية إعادة التصدير من السلطنة بما قيمته 393 مليونا و500 ألف ريال عُماني.
كما نجد أن دولة الإمارات في مقدمة الدول التي تستورد منها السلطنة وذلك بما قيمته 3 بلايين و164 مليونا و800 ألف ريال عُماني بنهاية الربع الثالث من عام 2021.
وفي مجال الإستثمار نجد أن دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن الدول الثلاث الأولى في الإستثمار الأجنبي المباشر إلى السلطنة حيث أنه ووفق مسح الإستثمار الأجنبي المباشر الصادر عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات بلغ حجم الإستثمارات من دولة الإمارات العربية المتحدة 846 مليون ريال عُماني في أنشطة الصناعات التحويلية بـ 175.9 مليون ريال والوساطة المالية بـ 306 ملايين ريال والعقارية والإيجارية والمشاريع التجارية بـ 98.7 مليون ريال والإنشاءات بـ 21 مليون ريال والتجارة بـ 148.6 مليون ريال والنقل والتخزين والإتصالات بـ 4.6 مليون ريال والفنادق والمطاعم بـ 67.3 مليون ريال وأنشطة اخرى بـ 23.9 مليون ريال.
وفي المقابل فإن الإمارات تحتل المرتبة الأولى كوجهة للإستثمارات العُمانية المباشرة إلى الخارج، وقد بلغ الإستثمار العُماني المباشر في الإمارات بنهاية عام 2015 نحو 528.4 مليون ريال.
وإذا كان الأمر كذلك ومن خلال لغة الأرقام التي ليس بعدها حديث كما أشرنا وأوضحنا بعاليه فإن الإرث الثقافي والحضاري بين البلدين يعد ملهما للمزيد من التعاون بين حكومتي البلدين وتآزرهما وتعاضدهما لتجاوز التحديات والنظر إلى التطورات والمتغيرات التي يشهدها العالم بإستمرار والمنطقة على وجه الخصوص، كما إن ذات القواسم المشتركة تعد مدخلا ولا أفضل لمضاعفة الشراكة الإستراتيجية بينهما والعمل معا أكثر من أي وقت مضى لتحقيق المزيد من التلاحم بما يخدم البلدين اللذين ينظران معا إلى أهمية تعظيم التعاون بينهما وصولا للصيغة المفتوحة أو للسماوات اللا نهائية، أو للصيغة التي لاتحدها حدود ولا تمنعها حوائط صد أو جدران منع.
لقد أثبتت الأيام والأعوام الفائتة أن الجوار الجغرافي له أهميته في كل جوانب العمل المشترك وعلى كافة أشكالة وأنماطه العسكرية والأمنية والإقتصادية والسياسية، كما أكدت لنا التجرية الميدانية والعملية أن الدول العريقة والثابتة على مواقفها السياسية الواضحة حيال كافة القضايا والأزمات التي تمور في عالمنا المترعة فضاءاته بمطر السوء لا بماء النماء والخير، هي الوحيدة القادرة على التصدي لكل تلك الأزمات وهي القادرة أيضا على تقديم النصيحة والمشورة لكل من يحتاجها وبإعتبارهما حملة لأغصان الزيتون.
لقد قدمت السلطنة والإمارات هذا النموذج إنطلاقا من ثوابتهما الراسخة وإرتكازا لتاريخهما المشترك والموغل في الأصالة والعراقة ومن نظرتهما الثاقبة للأمور التي جسدتها القيادات التاريخية للبلدين.
نأمل أن يستمر هذا الزخم الأخوي في تنمية العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين وصولا لتحقيق الآمال العريضة المرتجاة ولما فيه خير الجميع بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم واخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد حفظهما الله -.