العمانية - الشبيبة
سوسة النخيل الحمراء إحدى أخطر الآفات من حيث الضرر الذي تسببه في نخيل التمر، بالرغم من أن نخيل التمر معرضة للإصابة بالعديد من الآفات الأخرى مثل حشرة دوباس النخيل ومرض اللفحة السوداء وأنواع العفن إلا أن آفة سوسة النخيل أخطرها من حيث تأثيرها على النخلة وسرعة انتشارها وصعوبة السيطرة عليها، إضافة إلى سرعة أطوارها في دورة حياتها مما يجعلها سريعة التكاثر أيضا.
ووضح المهندس خالد بن خميس الشماخي، مدير دائرة التنمية الزراعية بالمديرية العامة للثروة الزراعية وموارد المياه بمحافظة الظاهرة أن سوسة النخيل من الحشرات الغازية، و الموطن الأصلي لها هي دول جنوب شرق آسيا، مشيرا إلى أن أول تسجيل لظهور الحشرة في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي كان في عام 1983 عن طريق استيراد فسائل نخيل الزينة من دول جنوب شرق آسيا مما أدى لدخول الحشرة إلى دول شبه الجزيرة واستيطانها لنخيل التمر لتكون عائلا لها وتكاثرها بين نخيل التمر منذ ذلك الوقت لتصل إلى ولايات سلطنة عُمان في منتصف تسعينات القرن الماضي، حيث تبنت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه منذ ذلك الوقت منظومة الإدارة المتكاملة لمكافحة حشرة سوسة النخيل الحمراء وللحد من انتشارها.
وأشار الشماخي إلى أن سوسة النخيل الحمراء لا تغزو نخيل التمر فحسب، إنما تغزو معظم أنواع النخيل كنخيل الزيت ونخيل الزينة ونخيل الواشنطونيا ونخيل الكناري إضافة إلى إمكانية تعرض نخيل جوز الهند للإصابة بآفة سوسة النخيل إلا أنه لم يتم تسجيل إصابة بالحشرة فيما يخص نخيل جوز الهند حيث إن الإصابات المرصودة من قبل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه تتركز في محافظات شمال سلطنة عمان.
وفي محافظة الظاهرة، وضح الشماخي أن أول ظهور لحشرة سوسة النخيل في المحافظة كان في قرى ولاية ينقل في عام 1998 حيث تم القضاء على وجود الافة، ولكن في عام 2004 ظهرت الإصابة مجددا في عدد من قرى ولاية ضنك لتنتشر بعدها إلى قرى الولايات الأخرى في المحافظة نتيجة نقل الفسائل بين مختلف المناطق مع تهاون بعض المزارعين بخطورة هذه الممارسة ودورها الكبير في انتشار الآفة بين مختلف المناطق بالرغم من وجود الحملات التوعوية التي تبنتها الوزارة.
وأشار المهندس خالد الشماخي أن الوزارة لا تألوا جهدا في مكافحة هذه الآفة الزراعية إلا أن القضاء التام على هذه الحشرة يتطلب جهدًا مشتركًا بين الجانب الحكومي وبين المواطنين والمزارعين لنجاح استئصال الآفة، حيث إن التهاون في نقل الفسائل بين منطقة وأخرى يمكن أن يشكل ضررًا بالغًا للمناطق السليمة، كما أن عدم الاهتمام بالفحص الدوري للنخيل يمكن أن يؤدي إلى تكاثر الحشرة واستفحال تواجدها في جذع النخلة مما يجعلها مصدرًا لتكاثر الحشرة وتأثيرها فيما بعد على النخيل المجاورة في المزرعة والمزارع المحيطة.
وأضاف الشماخي أن عمليات الفحص الدوري التي تقوم بها المديرية في المحافظة تعمل بشكل مكثف من خلال الفرق الميدانية المتوزعة والفرق الأهلية المتعاونة في مختلف قرى وولايات المحافظة من أجل فحص وكشف المناطق المتأثرة في وقت مبكر مما يسهل عملية القضاء على أماكن التكاثر ولحماية باقي النخيل السليمة.
وأكد الشماخي على أن مديرية الزراعة وموارد المياه بمحافظة الظاهرة قد تمكنت منذ بداية هذا العام وحتى نهاية شهر يوليو الماضي من رصد 12249 نخلة مصابة بسوسة النخيل، حيث تمت إزالة 1912 نخلة شديدة الإصابة ويصعب علاجها، بينما تم علاج 1337 نخلة متوزعة في 100 قرية بمختلف ولايات عبري وينقل وضنك، موضحا أن إزالة النخيل شديدة الإصابة والتي يتعذر علاجها بسبب استفحال إصابتها وتجوف جذعها وتآكلها بسبب الحشرة يتطلب الكثير من الجهد، حيث إن النخلة المصابة لا تزال خضراء وجذوعها رطبة ويصعب حرقها ولذلك يتم تقطيعها وحفر حفرة بعمق ثلاثة أمتار ودفنها بعد ذلك لضمان عدم خروج الحشرات واليرقات المتبقية بداخلها.
وأشار إلى أن المشكلة التي تكمن في سوسة النخيل أن هذه الحشرة تقضي معظم دورة حياتها وأطوارها في داخل جذع النخل، الأمر الذي يحول دون اكتشافها أو ملاحظتها في بعض الأحيان بالرغم من أن شكل النخلة من الخارج يوحي بأنها سليمة وغير مصابة ومحملة بالثمار، مؤكدا على الدور الرقابي للمزارع في الرقابة المستمرة للنخيل ليس فقط في بيئة المزرعة وإنما أيضا يمكن أن تكون الإصابة في النخيل التي في المنزل، حيث إن هناك عددًا من الأعراض التي تشير إلى إصابة النخلة مثل خروج السوائل من النخلة نتيجة وجود النشارة على النخلة وسهولة نزع وسقوط السعف وموت الفسائل من حول النخلة التي تكون أحياناً مؤشر للتعرف على الإصابة.
وفيما يخص الجانب الوقائي للحد من انتشار آفة سوسة النخيل، وضح الشماخي أن برنامج الوقاية يشتمل على عدة محاور مثل المكافحة التشريعية من خلال سن القوانين والتشريعات للحدّ من انتشار الآفة ولضمان سلامة مزارع المواطنين من خلال حظر نقل الفسائل بين مختلف المناطق للحيلولة دون انتقال الحشرة للمناطق السليمة، إضافة إلى إلزام الحجر الخارجي من خلال منع استيراد الفسائل من الدول المصابة على داخل سلطنة عمان، إلى جانب المكافحة الزراعية التي تعتمد على الرش الوقائي للنخيل وتقليم وإزالة الفسائل التي تنمو حول النخلة مما يسهم في تسهيل اكتشاف الإصابة في حالة حصولها.
وأضاف أن المصائد الفرمونية تسهم أيضا في الوقاية من إصابة النخيل السليمة والحد أيضا من تكاثر أعداد حشرة سوسة النخيل، حيث تقوم هذه المصائد على جذب الحشرات بواسطة نشر الروائح الفرمونية والتي عادة تقوم أجسام هذه الحشرات بإفرازها وتعتبر ذات كميائية معينة تعمد إلى جذب واستجابة أفراد الصنف ذاته من الحشرات، مما يجذب الحشرة إلى داخل المصيدة التي تكون عادة ذات عمق معين يحول دون مقدرة الحشرة على الخروج من المصيدة، حيث تم نشر 1000 مصيدة فرمونية مخصصة لصيد حشرة سوسة النخيل في قرى محافظة الظاهرة الأمر الذي نتج عنه اصطياد أكثر من 34 ألف حشرة خلال السبعة شهور الأولى من هذا العام، الأمر الذي حال دون تفاقم تكاثرها وانتشارها، حيث إن أنثى سوسة النخيل تقوم بوضع ما بين 150 و 300 بيضة أثناء فترة التبويض ما يجعلها مصدر خطر قائم يهدد محاصيل نخيل التمور.
وتطرق الشماخي إلآ أن النخيل المصابة يتم التعامل معها لعلاجها بواسطة العلاج بالحقن حيث يتم ثقب المكان الذي تخرج منه العصارة نتيجة الإصابة ويتم حقن المبيد بداخل جذع النخلة والذي بدوره ينتشر بداخل النخلة وبالتالي يقضي على أطوار الحشرة الموجودة بداخل الجذع، مع الاخذ في الاعتبار أن هذا النوع من العلاج يجيب أن يكون بعد إزالة ثمار النخلة تحسبا لوجود متبقيات من المبيد الحشري في الثمار.
يذكر أن الحملات الدورية في مختلف قرى المحافظة مستمرة على مدار العام ضمن خطط وجهود وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياه في القضاء على آفة سوسة النخيل والحد من انتشارها في مختلف محافظات سلطنة عمان، إضافةً إلى توفير المعدات والأدوية والمصائد الخاصة لمكافحة هذه الأفة.