بقلم : علي المطاعني
في الوقت الذي تبذل فيه وزارة الصحة جهودا كبيرة في تعزيز منظومة الخدمات الصحية الأولى والثانية والثالثة وفقا للإمكانيات المتاحة والخطط الموضوعة للمشاريع الإنمانية للقطاع الصحي في البلاد ، حيث يتزايد الإهتمام والحاجة إليها نظرا للنمو السكاني وتطور المراحل السنية للمجتمع وما يتطلبه من خدمات نوعية تخصصية ، وبناء على اعلان طرح مجلس المناقصات بناء ثلاثة مستشفيات جديدة في محافظات سلطنة عُمان ، على ضوء كل هذه الجهود الحكومية الملموسة ينبري بعض الخيرين من أبناء هذا الوطن العزيز للإسهام في هذا الجهد الوطني الكبير لبناء مراكز صحية هنا وهناك ومركز لغسيل الكلي وأمراض القلب في ربوع هذا الوطن العزيز لتضاف لسجلاتهم الخيرية.
وحتى في العصر الجاهلي فقد أدرك حاتم الطائي هذا السر قديما عندما قال :
أماوي أن المال غاد ورائح ـ ويبقى من المال الأحاديث والذكر
أماوي إني لا أقول لسائل ـ إذا جاء يوما حل في مالنا نزر
إذن وفعلا يبقى من المال الأحاديث والذكر، وتبقى الدعوات الطيبات والحسنات المنجيات تنهمر كماء السماء على المتصدقين والمتصدقات المرتقين بمال الله الذي آتاهم لمرتبة الأنبياء والصالحين وهنا يكمن المغنم الحقيقي وهذا هو عصب الفلاح في الدنيا والأخرة ، وينتهي الحديث إلى أقصى غاياته عندما نتذكر بالإجلال ما قاله رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه أن المرء في ظل صدقته يوم القيامة هنا رفعت الأقلام وجفت الصحف. كما يمكننا القول وبثقة تامة أننا اليوم نقف على ربوة عالية من الفهم المتقدم والراقي وبعيد المرامى والأهداف والغايات الجميلة حيث وجدنا أنفسنا نقف مبهورين مشدوهين متأملين في الخطوة الجديدة غير المسبوقة والمباركة والمُشاد بها عاليا وشاهقا من قبل المواطن الشيخ / خليفه بن خلفان بن محمد الرحبي الذي قام وتحت رعاية وزارة الصحة بتمويل مشروع إنشاء مركز الجرداء الصحي بولاية المضيبي بمبلغ وقدره (أربعمائة ألف ريال عُماني). حدث هذا في الوقت الذي يشهد فيه القطاع الصحي في البلاد تطورات ملموسة في البنى الأساسية المتمثلة في المستشفيات والمراكز الصحية ومايزيد عن 56 مستشفي و 55 مجمعا صحيا و 185 مركزا صحيا ، فضلا عن المراكز المتخصصة وغيرها من البنى الأساسية ولكن مع كل ذلك لا تزال الحاجة قائمة للمزيد من المراكز الصحية والمستشفيات لمواكبة التوسع العمراني والسكاني وزيادة الطلب على الخدمات العلاجية ، مما حدا ببعض الخيرين للإسهام في هذا الجهد لتوفير المنشآت الصحية التي تفي بالغرض في بعض الولايات والمحافظات انطلاقا من حقيقة أنهم جبلوا على أعمال الخيرلوطنهم ومواطنيهم.
إن ماقام به الشيخ خليفه يؤكد لنا وبما لايدع مجالا للشك أن رجال الأعمال في السلطنة يعايشون مع الحكومة هموم الوطن ، ويضعون أياديهم فوق يدها للنهوض بالبلاد وخدمة العباد في كل ولايات ومحافظات السلطنة ، وأنهم جزء لايتجزأ من منظومة البناء والتعمير والتحديث وأن جهدهم يصب خيرا في رؤية عُمان 2040 إذ يضيف إليها زخما لايُستهان به وتسريعا لوتيرة تحقيق الرؤية على أرض الواقع وبكل المعايير الدقيقة التي صممت على هداها.
ومن حسن الطالع بأن الجهات المختصة بدأت تظهر هده النماذج الطيبة في العمل الخيري كاشخاص ومؤسسات وكإعتراف بدورهم وشكرهم وتحفيز الأخرين لمثل هذه الأعمال من خلال توقيع الإتفاقيات والإحتفاء بهم كما ينبغي ، فهم الأحق بالإهتمام والتكريم. بالطبع هناك مجال كبير للتبرعات في بناء المراكز والمستشفيات ورفد القطاع الصحي بالأجهزة الطبية والمعينات الضرورية وفي هذا الإطار يمكن لوزارة الصحة ولباقي الوزارت الخدمية إعداد خرائط بالمشاريع الطموحة المطروحة للتنفيذ والمؤطرة تحت غلاف (صدقة ابدية جارية) ليتناولها من يرغب في ذلك من قبل رجال الأعمال والمقتدرين من أبناء الوطن ، وأخرها ما أعلنته الأمانة العامة لمجلس المناقصات عن طرح مناقصة التأهيل المسبق إنشاء مستشفى النماء العام بمحافظة شمال الشرقية ولاية المضيبي وسناو .نأمل أن تتكرر هذه المبادرات الطيبة من المقتدرين من أبناء الوطن لنضرب من خلالها أروع الأمثلة في الوفاء باستحقاقات المرحلة القادمة وما تتطلبه من تضحيات وتكاتف كبير من الجميع.