السيد أدهم آل سعيد: يجب التحوط.. هناك ركود اقتصادي قادم

مؤشر الاثنين ١٢/سبتمبر/٢٠٢٢ ١٦:٤٥ م
السيد أدهم آل سعيد: يجب التحوط.. هناك ركود اقتصادي قادم

مسقط - الشبيبة 

يرى صاحب السمو السيد د. أدهم بن تركي آل سعيد؛ أستاذ مساعد في الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس أنه يوجد ارتباط بين الأداء المالي والتحسن الاقتصادي ولكنه ليس بالمستوى المتوقع دائمًا حيث أن تحسّن المالية العامة ليس من الضروري أن يكون لها تأثير مباشر ولحظي على الاقتصاد، حيث بدأ الاقتصاد بنفسه بالتعافي في منتصف عام 2021 تقريبًا وذلك لعودة الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها، وفي عام 2022 بدأت الكثير من الأنشطة الاقتصادية بالعودة إلى وتيرتها، كما أن بعض الأنشطة قد تأثرت بالجائحة ولكنها تأثرت كذلك بخفض الإنفاق الحكومي والمشاريع التنموية المعنية في مجالات معينة مثل قطاع الإنشاء والخدمات الملحقة معها كذلك، والمتوقع أن خطط الحكومة في ضخ إنفاق تنموي إضافي ستنعكس في سرعة وتيرة التحسن في الاقتصاد، لكن الحذر في وجود تباطؤ عالمي في الوقت الحالي بسبب ارتفاع نسب التضخم وسلاسل التوريد والمؤثرات الخارجية للمنازعات والجيوسياسية والتي قد تؤثر مع ارتفاع أسعار النفط وزيادة المالية العامة أن بعض القطاعات لن تستفيد مباشرةً أو تتأثر سلبًا لأنها تستورد ما هو من الخارج ولا يصنّع محليًا.

تحسين الضخ في الإنفاق

وأضاف صاحب السمو أنه حتى الآن لا يرى توازن بين سداد الدين العام وتحسين الضخ في الإنفاق وتحسين الاقتصاد أو صيغة معينة في برنامج التوازن المالي لتحفيز الاقتصاد، ولكن ضرورة التوازن المالي يعني أن هناك تأثير ليس بالضرورة أن يكون سلبيًا على الاقتصاد من حيث وضع رسوم أو ضرائب وما شابه ذلك أو خفض الإنفاق وترشيده، وبهذا يعجز الاقتصاد عن النمو إلى المستويات المأمولة والطموحة، وليست المالية العامة هي المحرك الوحيد فقط في الاقتصاد العماني وإنما يوجد محرك يأتي من الخارج من حيث التغير في الطلب على المنتجات العمانية والنفط وغيره والتعقيدات الهيكلية في الاقتصاد المحلي خصوصًا بعد الجائحة وتأثر كثير من المؤسسات منها التي تعاود بعضها العمل، فلا زلنا نميل نحو الجانب المالي أكثر من الجانب الاقتصادي وهذه كانت حاجة آنية لمعالجة أمر ما، وفي الفترة الحالية يجب النظر إلى الموضوع بتوازن بين الاقتصاد والمالية حيث يجب أخذ الحيطة من أن هناك ركود اقتصادي مقبل في العالم من الممكن أن يبدأ في النصف الثاني من هذا العام، مما يعني أن أسعار النفط نفسها ستعود إلى مستويات ما دون التسعين أو الثمانين دولار، وفي حال عدم وجود وفورات مالية معقولة من العام الحالي فهذا يعني العودة إلى سوق الإقتراض العالمي وبهذا ستكون هناك تحديات الإستقراض من الخارج وهناك حاجة إلى معاينة ما هي النسب الأفضل وإلى أي البرامج التنموية التي ستستمر السلطنة فيها مثلما كان التوجيه السامي بين ما هو ملح وما هو في حاجة ملحة، والمهم أن لا يكون إنفاق السلطنة في المشاريع فقط وإنما إنفاق تحفيزي في بعض الأحيان مثل توجيه دعم لأفراد تأثروا كثيرًا في الفترات الفائتة من ارتفاع الأسعار الحالي إلى جانب تحفيز بعض الممارسات الاقتصادية التي قد تكون عن طريق تغيير التشريعات وتطوير بيئة الأعمال وتحسينها والاستمرار في ذلك، فتنمية المشاريع تحتاج إلى وقت طويل لتنفيذها، وتصل إلى مرحلة قد تحتاج إلى تشغيل الشباب وتحفيز قطاع معين حتى نحقق التوازن، كما أن الخطة الحكومية التي تم وضعها هي في المسار الصحيح ويجب الاستمرار على أساسياتها وهي معالجة الدين وترشيد الإنفاق الحكومي في رفع كفاءة الإنفاق وهذه عدد من البرامج التي تقوم بها وزارة المالية في الوقت الحالي وكافة معلوماتها موجود لمن يحب الإطلاع عليها، والأهم من كل هذا هو الإلتزام بما وعدنا أنفسنا والعالم مع الأخذ بعين الاعتبار في حال وجود وفورات ومداخيل إضافية قد توجه بشكل لمعالجة مشكلة آنية اليوم قد تكون في دعم الوقود والأغذية بحوالي مليار ريال عماني إلى جانب مختلف المشاريع مثل توليد الطاقة وغيرها وهذا أخذ حيز من الوفورات المالية لليوم، لهذا نستمر في ضبط النفس ولكن نأخذ في عين الاعتبار أنه توجد بعض الجوانب الاجتماعية التي قد تحتاج إلى معالجات آنية ولكن يجب أن نكون منضبطين في هذا أيضًا، حيث أنه في ارتفاع الإنفاق العام يجب أن نتأكد أن هذا الإنفاق ليس استثماريًا بالضرورة ولكن له نفسٌ طويل وليس فقط لوقت محدد ثم ينقطع وليس لدينا القدرة في الاستمرارية فيه.

فاتورة التضخم

وحول النجاح في التعامل مع فاتورة التضخم والتي يلعب ارتفاع أسعار النفط دورًا كبيرًا فيها إلى جانب دوره الكبير في زيادة الإيرادات؛ أجاب البوسعيدي أن التضخم هو من الجوانب التي يصعب التعامل معه في دول الخليج خصوصًا وذلك لأن السياسة النقدية فيها مربوطة مع السياسة النقدية الأمريكية، فارتفاع نسبة الفائدة والاستقراض تأتي من الخارج ويجب تطبيقها وإلا فسوف تتأثر العملة، وفي طرق أخرى للتعامل مع التضخم مثل ضبط الأسعار وعدم تغييرها وهذا قد يعني تغير سلبي للتجار والموردين لأنهم يتأثروا بهذا وديمومة أعمالهم قد تتأثر، والحال ليس نفسه للجميع، والدعم المباشر للأفراد قد يكون من خلال التخفيف أو توجيه دعم معين في دعم هذه الأسعار وليست إيقاف حركة أسعارها وهذه تذكر في 14 بليون ريال عماني وجهت لهذا المجال للخدمات والسلع الأساسية مع ضبط ضريبة القيمة المضافة على الأساسيات إما بجعلها صفرية أو لا تنطبق، أو التخفيف في بعض الأحيال من خلال الضرائب الانتقالية أو ضريبة القيمة المضافة في تعديل أو تخفيف النسب في بعض ما نعتبره من السلع الأساسية كذلك إن كانت تطبق عليها إن كانت خدمات أساسية مثلما تم تطبيقه في الكهرباء في بداية الصيف، وهناك عدة أدوات أخرى، ولكن أي أدوات يتم تقديمها اليوم اقتصاديًا تضع ثقلاً على كاهل المالية العامة فكيف نوازن بين ديموميتها وعدم تأثيرها سلبًا كي تستطيع الحكومة من الوفاء بالتزاماتها ليس فقط في الشق الاقتصادي ولكن في الشق الاجتماعي كذلك.

تطبيق بعض المبادرات بتروي

وأضاف صاحب السمو أنه يجب أخذ بعض المبادرات الحكومية مثل تطبيق ضريبة الدخل بتروّي لأنها وصفت بأنه تطبق على ذوي الدخل العالي، وتوصيف الدخل العالي والوعاء الضريبي يجب أن يكون واضحًا جدًا، ولربما لا تكون الصورة واضحة اليوم حول الوعاء الضريبي الذي من الممكن تطبيق الضرائب عليه والتي تمس الدخل بذاته، فتجربة السلطنة في الشركات قد تعطي فكرة حول رصد الضرائب على الشركات كونها أسهل من خلال قوائمها المالية ولكن الموضوع أصعب بالنسبة للأفراد فهذا الجانب يحتاج إلى توضيح ودراسة، كما أن هناك معايير أخرى قد تأتي أقربها قد يكون الزكاة حيث توجهت بعض البلدان إلى فهم كيفية رصد ما على المجتمع من الزكاة وفهم كيفية استخدام هذا الجانب في توصيف الدخل كذلك حيث توجد تطبيقات معينة للزكاة وهذا موضوع مختلف وقد يختلف البعض فيه، ولكن ليس الهدف التأخير أم التقديم وإنما فهم إيجابيات وسلبيات أي مبادرة على المالية العامة والاقتصاد والمجتمع عمومًا، وقد تكون تأتي المبادرات في نطاق ضيق ولكن لا تأتي بالثمار المتوقعة نتيجة لضيق الوعاء الضريبي وضحالته، لهذا يجب النظر في مدى الاستفادة والكلفة في أي نوع من المبادرات سواءً الضريبية أو غيرها.

صرف الفوائض

وحول صرف جزء من الفوائض المالية في المبادرات المجتمعية وتحسين معيشة الناس بعد فترة اقتصادية تعد صعبة نوعًا ما؛ أوضح صاحب السمو أنه في بعض الدول تتخذ الكوبونات في الشراء وتكون مدعومة وهذه مشكلة معينة إدارية، ودول أخرى ارتأت إعطاء تحويلات مباشرة للأفراد تكون بنسبة معينة وتفي بالغرض وفي كل الأحوال يجب معرفة أن أي مبادرة ليست دائمة حيث لا تستطيع الحكومات أن تستمر فيها في ظل غياب الوفورات المالية المستقبلية، ولكن في الأوضاع الاستثنائية قد تعمل الحكومة على رصد مبلغ بسيط معين لفئات معينة وهذا ما تم مشاهدته في الآونة الأخيرة من دعم للمؤسسات الصغيرة التي دخل أصحابها في إشكاليات مالية ولطلبة المدارس من فئة الدخل المحدود وهذه تعتبر برامج محددة بمدة زمنية ومبلغ واضح ولا تستمر بشكل قد لا يتناسب مع الوضع، بحيث يتم مراجعة المبادرات لمعرفة هل كانت مناسبة وتوجيهها للأفراد وهل كان لها أثر في تغيير سلوك الشخص في الانفاق والصرف وما إلى ذلك، فيجب أن يتم توجيه البرامج الاجتماعية بشكل صحيح للفئات التي تستحقها وتستفيد منها فعلاً.

للمستويات الواقعية

وأضاف:أسعار النفط والوضع الاقتصادي ستعود إلى مستوياتها الواقعية ويصعب التكهّن بها، فالمؤشرات في النمو الدولي حاليًا والتناقص الحاد الحاصل خاصةً في الصين وأوروبا والولايات المتحدة هي الاقتصاديات التي تؤثر على العالم وتوجهه إلى الحصول على الطاقة، فالطلب على الطاقة لا يتأتى من هذه الدول فقط ولكن يؤثر على التحول الأخضر إن صح التعبير والبعد عن الهيدروكربون في الطاقة، لذلك من الممكن أن يكون الطلب على النفط عمومًا سيتأثر بشكل مباشر بسبب العوامل الجيوسياسية والتباطؤ العالمي، أما على المدى المتوسط في عامي 2023 و2025 سيكون اعتدال أسعار النفط على مستويات الطلب الحقيقية مع استبدال نسب منها بالطاقة البديلة، وقد يأتي الهيروجين في العشر سنوات القادمة كبديل واقعي في الدول للطاقة، وقد تستفيد منه السلطنة في استثماراتها، وهذا يعني أننا وصلنا لمرحلة يجب أن نسأل أنفسنا فيها حول قدرة النفط والغاز لأن يكونا هما المصدر للطاقة ومن ثم البدائل الموجودة والمتاحة، حيث تتحدث أوبك اليوم عن استقرار العرض والطلب وليس السعر، وفي لقائهم المقبل سيتم التحدث عن تخصيص 100 ألف برميل قد يؤثر على مرئيات المستثمرين وهكذا ولكن القادم قد يكون اعتدال وليس الأسعار التي رأيناها في بداية العام وهذا حسب منظوره الشخصي.