بقلم : علي المطاعني
أعلنت لجنة انتخابات غرفة تجارة وصناعة عُمان (بيت التجار) في سلطنة عُمان عن فتح أبواب الترشح لعضوية مجلس إدارة الغرفة الرئيسية والفروع في المحافظات للفترة القادمة ( 2022- 2026) ، لتمثيل القطاع الخاص ، ويتوقع أن تشهد هذه الإنتخابات تنافسا قويا بين المترشحين تعيد وهج الإنتخابات إلى سابق عهدها مثلما كانت توصف في مطلع الثمانيات من القرن الفائت، رغم إختلاف التوجهات والتحديات عن سابقاتها ، وكذلك الأهداف المتوخاة والمرتجاة من المترشحين في هذا السباق الذي نأمل أن يكون ريعه خيرا في تمثيل القطاع الخاص وإضافة حقيقية لمبدأ المشاركة الإيجابية في صنع القرار في هذا الوطن العزيز الذي يتيح ذلك عبر القنوات الرسمية الممثلة للنخب في البلاد أن تقدم على المشاركة الفاعلة ، وهو بالتالي أمر يبعث على الإرتياح لهذا التسابق وان يكون عامل خير يضاف إلى ما قدمته غرفة تجارة وصناعة عُمان على مدى نصف قرن من العمل الإقتصادي الدؤوب.
بلاشك أن هذه الإنتخابات ينظر إليها كأول تجربة للمشاركة في العملية الاقتصادية في البلاد ، وتعد من انضج التجارب خاصة وأنها تمثل النخب الإقتصادية الواعية بماهية المشاركة واهميتها ، كما أن العملية الإنتخابية بمثابة تجربة ميدانية ناطقة إزاء مستوى ومعدلات المشاركة ، وهي نقطة شديدة التوهج وتعكس مستوى الوعي المتقدم الذي وصل إليه رجال الأعمال ، وذلك ينعكس بالطبع على الشافية المتوقعة حيال إختيار الأفضل والأقدر لتمثيل القطاع الخاص بعيدا عن المصالح الذاتية والتحالفات والفئويات وغيرها من السلبيات.
هذا ما نتمنى أن نراه ماثلا في هذه الإنتخابات ، خاصة وأن نظام الغرفة الصادر بالمرسوم السلطاني السامي رقم : (56/2022) حدد آليات الإنتخابات بالحضور الشخصي وإلغاء نظام التفويض وتسجيل الناخبين ، والفوز يتأتى بأغلبية الأصوات المحصلة من الجولة الأولى لخمسة من محافظة مسقط ، وخمسة يمثلون الشركات المساهمة العامة ، كما أنها المرة الأولى التي تشارك فيها شركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة مسقط ، مع خمسة من كل فرع لينال الرئاسة الأكثر أصواتا ، فضلا عن المستثمر الأجنبي الذي يتنافس عليه المستثمرين الأجانب لأول مرة في تاريخ الانتخابات ، على أن تجري جولة ثانية من كل هؤلاء الفائزين بأعلى الأصوات لاختيار رئيس مجلس الإدارة والنواب.
فاليوم اذا كنا نطالب الناخبين بالإرتقاء لمستوى المسؤولية حيال الإقبال والتصويت ، فإننا وفي ذات الوقت نطالب المترشحين إظهار الجدية في ترشحهم وأن لاينظروا للغرفة كغرفة تطبخ فيها أي أهداف أخرى غير تلك النبيلة أو لتحاك فيها إزياء الوجاهة ، ما نتمنى أن نراه هو الرغبة الجادة لخدمة القطاع الخاص والإخلاص له في المرحلة القادمة التي تتطلب المزيد من الجهد والعمل في إطار نكران الذات واجب الإتباع .
هذه الانتخابات تأتي في مرحلة مفصلية من مسيرة القطاع الخاص في السلطنة حيث يسارع الخطى نحو تمكينه من قيادة إقتصاد وطني مندمج بالإقتصاد العالمي وفق غايات رؤية عُمان 2040 ، وبالتالي يتطلب ان تكون الأهداف واضحة لمن يترشح للعضوية كغيرها من إنتخابات مؤسسات المجتمع المدنى وكالشورى والبلدية.
فمجلس الإدارة المقبل يتطلب أن يكون مواكبا للتوجهات الرامية لتكريس اللامركزية في الإدارة حيث أن النظام الجديد أعطى صلاحيات لفروع الغرفة في المحافظات للتواصل مع مختلف الجهات لتنمية إقتصاد المحافظات. إذن فإن إيجاد تمثيل حقيقي للقطاع الخاص وتمكين الغرفة من الإضطلاع بدورها كصوت للقطاع الخاص بات مسؤولية ملقاة على عاتق المترشحين والمنتسبين كأمانة واجبة التبليغ وللعبور ببيت التجار لبر الأمان في هذه المرحلة الفاصلة في تاريخه. بالطبع المجالس السابقة بذلت جهودا كبيرة في أداء مهامها وإختصاصاتها التي حددها نظام الغرفة ، ويستحقون الشكر والثناء والتقدير على هذا الإلتزام وهو ما يجب إستثماره والبناء عليه وفق النظام الجديد للغرفة.
نأمل أن تكلل إنتخابات الغرفة بالنجاح والتوفيق في إختيار مجلس إدارة فاعل يلبي تطلعات الجميع ويعبر عن القطاع الخاص تعبيرا جميلا بالأعمال لا بالأقوال ، وهذا لا يتأتي إلا من خلال إستشعار المسؤولية الملقاة على عاتق المترشحين والناخبين معا في التصدي لهذه المسؤولية الوطنية الكبرى.