الوائلي: منذ بداية التسعينات .. لا يوجد مخطط هيكلي في مسقط

مؤشر الأحد ١١/سبتمبر/٢٠٢٢ ٠٦:٢٠ ص
الوائلي: منذ بداية التسعينات .. لا يوجد مخطط هيكلي في مسقط

مسقط - الشبيبة

نظرًا للتغييرات الهيكلية الحاصلة في السلطنة في الآونة الأخيرة؛ ارتأت الحكومة إعادة تسمية وزارة الإسكان إلى وزارة الإسكان والتخطيط العمراني، وهذا إشارة إلى أهمية التخطيط العمراني، والتي تسعى لتحسين المخططات العمرانية في السلطنة بشكلٍ عام وفق منهجيات وخطط الوزارة، حيث وضعت الوزارة تحقيق رؤية تنصّ على "تنمية عمرانية مستدامة لمجتمعات مزدهرة"، والتي تُعنى بتطوير العمران في السلطنة وتحقيق الأهداف والطموحات، حيث يغطي مفهوم العمران السكن والطرق والمتنزهات وغيرها من المظاهر العمرانية والأمور الحياتية، ضمن خطط مستدامة ومجتمعات تعكس التآخي والتلاحم العماني بصورة مزدهرة ومتطورة.

مسقط الكبرى

وعبر لقاء مع المهندس/ إبراهيم بن حمود الوائلي؛ مدير مكتب التغيير ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية العمرانية، في برنامج "مع الشبيبة"، أوضح أن "مسقط الكبرى" هو مصطلح تخطيطي بحت والتي تشمل جميع ولايات محافظة مسقط باستثناء قريات، إضافةً إلى ولاية بركاء، وتم تضمين بركاء في هذا المخطط لكونها متداخلة بشكل كبير مع ولاية السيب وأي مشاريع في أيٍّ من الولايتين من شأنها أن تؤثر على الولاية الأخرى، كما تم استثناء قريات لكونها منعزلة نوعًا ما عن باقي ولايات محافظة مسقط وتفصل بينها وبين باقي الولايات سلسلة جبلية، وهذا المفهوم متعارف عليه بصورة عالمية حيث توجد مشاريع مماثلة مثل "شيكاغو الكبرى" و"لندن الكبرى" وغيرها من المشاريع، ووفق الاستراتيجية الوطنية والتي استمر العمل عليها لمدة 5 سنوات من خلال المجلس الأعلى للتخطيط، وتم اعتماد هذا العمل من قبل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - في شهر مارس 2021، ودخلت حيّز التنفيذ والتي تتطلب دراسة هيكلة لبعض المناطق في السلطنة بدايةً بالبوابات الكبرى والتي تشمل مسقط وصلالة ونزوى وصحار، وتأتي بعدها المراكز الإقليمية والتي تشمل 6 مراكز وتعتبر عواصم المحافظات من غير البوابات الكبرى، وستأتي المخططات الهيكلية تباعًا، وتشارف الوزارة على إسناد المخطط الهيكلي لصلالة خلال فترة قريبة جدًا، و"نزوى الكبرى" كذلك خلال شهر إلى شهرين، وبالنسبة لمسقط الكبرى تم البدء فيه منذ أبريل 2022، ومن المتوقع الإنتهاء من هذا العمل في أبريل 2023، حيث أن هذه المشاريع تشمل المرحلة التخطيطية في الوقت الحالي وهذا هو الدور المنوط بالوزارة، أما بالنسبة للتطوير العمراني فهي في طور النقاش حول كيفية تنفيذها والجهة المنفذة لها وحوكمة التنفيذ، حيث قد تطول مدة التنفيذ بين 10 سنوات إلى 20 سنة، وهذا يعتمد على نوع المشروع وحجمه، ولكن من مخرجات هذه المخططات سيكون هناك قائمة تنفيذية تتضمن الجهات المختصة المنفذة لها، سواءً كانت جهات حكومية أو شركات حكومية أو شركات خاصة أو شركات أهلية، حيث سيتم فرزها ووضع جدول زمني محدد لتنفيذ هذه المشاريع.

توسع سكاني

وحول التغييرات والإضافات في التخطيط العمراني في الوقت الحالي عمّا كان عليه سابقًا؛ أوضح الوائلي أنه بالعودة إلى عام 1970 كان عدد السكان في محافظة مسقط حوالي 25 ألف نسمة، وفي عام 2010 تم إحصاء عدد السكان في مسقط بعددٍ يقارب المليون نسمة، وفي عام 2022 يصل عدد السكان إلى مليون ونصف نسمة، مما يعني وجود توسّع سكاني من خلال نزوح المواطنين من خارج مسقط إليها، إلى جانب الوافدين والمقيمين وذلك بسبب طبيعة الأعمال وغيره، ولا تعتبر المخططات الهيكلية أمرًا جديدًا على السلطنة والعالم، حيث تم تنفيذ آخر مخطط هيكلي في مسقط في بداية التسعينات من القرن الماضي، وتم تنفيذ مخطط آخر في الثمانينات ومخطط آخر في أواخر السبعينات، ومن هذه المخططات نشأت فكرة التوجه والتوسع العمراني في تلك الآونة حيث أن حي شاطئ القرم ومدينة السلطان قابوس تعتبر من مخرجات تلك المخططات، ويقوم المسئولين والمخططين الحضريين بدراسة هذه المخططات والتوسع العمراني ومعرفة المقومات الجغرافية المحيطة بهذا الجانب أو المنطقة، ونظرًا لعدم وجود مخطط هيكلي منذ بداية التسعينات في مسقط ووجود فراغ في هذا الجانب، وتأتّت منه سياسة توزيع الأراضي والتي تم عملها بشكلٍ سريع في مناطق مختلفة مثل المعبيلة والخوض السادسة وغيرها، ومن هذا المنطلق أصبحت هناك ضرورة حتمية للنظر في المخطط العمراني والهيكلي لمسقط بين عام 2020 و2040 وفق رؤية عمان 2040 وتنفيذًا للاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية.

100 عام

وقد تصل بعض المخططات العمرانية والهيكلية لمدة 100 عام، ويتفاوت هذا حسب الدول وما تؤمن به، حيث قامت لندن على سبيل المثال ببناء مخططات تصل لمائة عام وأكثر، ولكن توجد الكثير من السيناريوهات المتوقعة والأمور الخارجة عن إطار سلطنة عمان والتي من الممكن أن تؤثر في حجم الجاليات والمقيمين في السلطنة وغيرها، لذلك من الممكن إعداد مخططات لمدة تصل إلى 100 عام ولكن من الأفضل النظر لمخططات رؤية عمان 2040 وتنفيذها والتركيز في نظاق محدد حيث يتيح هذا معرفة الإيجابيات والسلبيات.

أبرز التحديات

وحول أبرز التحديات الموجود في الوقت الحالي بسبب التخطيط قصيرة المدى؛ أوضح الوائلي أن أبرز التحديات هي التعامل مع الأنواء المناخية وهي ليست بسبب التخطيط فقط وإنما للتأثيرات المناخية المختلفة وزيادة انتاج الكربون حول العالم، ولكون مسقط مواجهة للمحيط فهذا يعرضها لبعض السيناريوهات التي توجب التعامل معها، إضافةً إلى التعدي على مسارات مجاري الأودية في بعض الحالات في التخطيط يشكّل نوعًا من التحدي كذلك وهذا ما تم ملاحظته في الأنواء المناخية والأعاصير التي شهدتها السلطنة في الفترات الماضية، إلى جانب غياب معايير التخطيط في بعض الأحيان فعلى سبيل المثال توجد ممرات لمياة الأودية والفيضانات في حي شاطئ القرم ولكنها غائبة في الغبرة مما يتسبب بحدوث بعض المشاكل في بعض الأحيان، ويعكف فريق من الاستشاريين ومن مكتب التغيير ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية العمرانية للعمل على وضع حلول ملائمة لتجاوز هذه التحديات من خلال وضع معايير واضحة وتحديد ارتفاع المباني ومكان وضع البنية التحتية وعمق الأنابيب وغيرها، وأكّد الوائلي أن التسرّع في وضع المخططات هو ما يؤدي إلى حصول مثل هذه التحديات وظهورها، لذلك يقوم الفريق الحالي بدراسة المخططات للخروج بمعايير واضحة ومحددة لضمان عدم تجاوزها، حيث من الممكن تجاوز بعض التحديات من خلال دراسة الإحصائيات والمعلومات التي تم جمعها خلال فترة 100 عام على سبيل المثال لمعرفة مجاري الأودية وحجم المياة ومنسوبها وغيرها من المعلومات التي من شأنها أن تخدم المخططات العمرانية وتحسّن منها، إضافةً لعدم التعدي على الشواطئ حيث يغطي مشروع مسقط الكبرى حوالي 100 كيلو متر مربع من الشواطئ ويعكف الفريق على دراسة كيفية عدم التعدي عليها وإعادتها للمواطنين، حيث أن الكثير من الشواطئ اليوم هي بعيدة عن الاستخدامات العامة كما تأثرت بعض الشواطئ بالأنواء المناخية إلى جانب الزحف العمراني، وبهذا تقوم المعايير بوضع مسافة محددة بين الشاطئ والأحياء السكنية والتجارية وغيره، ويجب أن تكون المعايير الموضوعة في هذا الجانب معايير صارمة يجب اتّباعها، إلى جانب وضع المخططات الهيكلية التي من شأنها دراسة كل هذه التحديات ووضع المعايير المناسبة للعمران إضافة إلى ضرورة تجديدها كل 10 سنوات لتغير المعلومات والبيانات في كل منطقة بين فترة وأخرى.

اختناقات مرورية

وأشار الوائلي إلى أن عدد السكان في محافظة مسقط قد يصل إلى مليونين ونصف بحلول عام 2040، كما يعاني الجميع من الاختناقات المرورية، لذلك يجب التفكير حول مكان سكن المليون نسمة الإضافي في الوقت القادم، وكيف سيكون هذا التوسع العمراني وما إذا كان سيستمر بنفس الطريقة حيث أن المتّبع في السابق هو المخططات على شكل شريط في مسقط ومطرح وانتقلت إلى القرم ومدينة السلطان قابوس ومن ثم إلى الغبرة والعذيبة وبعدها إلى الموالح والخوض وهكذا، والسؤال هنا هل سيتم المتابعة بذات المخطط إلى باقي المحافظات والولايات أم يجب تغييرها؟ ومن أهم النقاط الواجب تغييرها هي الكثافة السكانية في محيط المكان، فعلى سبيل المثال يتم تقسيم الأراضي بمساحة 600 متر مربع ليسكن فيها مجموعة من الأشخاص في حي سكني وتوجد في هذا الحي نسبة كبيرة من الأراضي الفارغة وغير المعمّرة والتي تسمى بالأراضي البيضاء لكونها موزّعة لأشخاص لا زالوا يسكنون في منزل واحد بمسمى منزل العائلة، وذلك لعدة أسباب قد تكون لعدم توفر المقدرة المالية أو لظروف العائلة نفسها، ووجود هذه الأراضي البيضاء يسبب عبء على الحكومة من حيث توفير البنية التحتية بحيث أنه عوضًا عن توفير بنية تحتية تغطي احتياجات 100 شخص أصبحت هذه البنية التحتية مستغلة من قبل 50 شخص فقط على سبيل المثال، وهذا ما يؤكد ضرورة زيادة الكثافة السكانية في المحيط الواحد، وهذا هو ما كان عليه الوضع في السابق في عُمان، والحديث هنا لا يعني فقط تقليل مساحة الأرض ولكن كيفية استغلالها الاستغلال الأمثل وزيادة الكثافة السكانية لتكوين بنية تحتية مستدامة ومجتمع مستدام كذلك، حيث حصل بعض السكان من ولاية السيب على أراضي في ولاية العامرات والبعض من ولاية بوشر حصلوا على أراضي في الفليج وهكذا، وهنا لم يتم دراسة البعد الديموغرافي أو المجتمعي في التوزيع فأصبح البعض من سكان العامرات على سبيل المثال في حال رغبتهم بزيارة أقاربهم في ولاية السيب يأخذون مسارًا طويلاً وهذا يسبب نوعًا من الإزدحام، فالاختناق المروري ليس فقط في وقت الذهاب إلى العمل ولكن أيضًا يكون بسبب مثل هذه العمليات والقرارات التي تم اتّخاذها في الماضي، ومن أجل حل هذه المشكلة من الممكن تقليل حجم الأراضي بحيث يتكيف بعض السكان في أراضي أقل من 600 متر مربع، أو السكن في شقة أو توين فيلا في البداية ومن ثم التوسع حسبما يتلائم مع الحالة، وهذا يساعد في التوزيع الأمثل للأراضي والسكان، وهذا يسهم في تقليل التنقل من مكان إلى آخر وغيره، وفي حديث آخر لربما يتم زيادة عدد الحارات في الشارع السريع لتقليل الزحام المروري وهذا قد ينجح لمدة من الزمن، وذلك نظرًا لزيادة الكثافة السكانية ولهذا لا يعتبر هذا الحل مستدام، ولهذا فإنه من المهم التغيير في الفكر والأساليب، إلى جانب مراعاة أن الأجيال القادمة لا تفكر بذات الطريقة التي يفكر بها الجيل الحالي أو الأجيال السابقة، حيث يعمدون إلى مشاهدة طرق الحياة في الدول الأخرى عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي إلى جانب تغير متطلباتهم مع الوقت فلربما يكون النقل العام أحد الحلول لتقليل الزحام المروري كذلك وقد يصبح ضرورة ملحّة وذلك لصعوبة استمرارية الحياة بشكلٍ طبيعي في ظل وجود زحام وكثافة سكانية كبيرة قد تصل إلى مليونين ونصف في مساحة معينة.

إحصائيات

وحول وجود إحصائيات لمستخدمي المركبات ومستخدمي النقل العام وغيره؛ أوضح الوائلي أن نسبة مستخدمي النقل العام لا تتعدى 5%، والمستهدف هو رفع النسبة إلى 20% من المتنقلين في مسقط بحلول 2040، ولذلك يجب تفعيل النقل العام وأن يكون فيه عاملاً للجذب لاستخدامه، حيث أن النقل العام الموجود من خلال مواصلات هو على قدر كبير من الاحترافية ولكنها لا تتفرع بشكل كافي على سبيل المثال مما يعني وجود نوع من التحديات في استخدامها، ولا يوجد العدد الكافي من مستخدميها سواءً من المواطنين أو الوافدين، لذلك يجب زيادة تفعيل النقل العام حتى يقل الزحام المروري حيث أن البعض يقضي ساعة كاملة في الازدحام بينما يستطيع أن يفعل الكثير خلال هذا الوقت ويستغله الاستغلال الأمثل في حال استخدامه للنقل العام على سبيل المثال، أو المشاركة في استخدام السيارة بحيث لا تكون السيارة ملك لشخص معين وإنما قد يستخدمها عدة أشخاص عن طريق حجزها من خلال التطبيق المخصص لذلك وهذا متبع في كثير من الدول، كما يتم تخصيص شارع للسيارات التي تحمل أكثر من راكبين في بعض الولايات الأمريكية ومنها هيوستن بينما يجبر الآخرون على استخدام الطرق الأخرى المزدحمة، وكل هذا يخلق تنوعًا في الفكر والاستخدام.

حلول النقل

وذكر المهندس إبراهيم أن من أهم التحديات التي تواجهها السلطنة في التقليل من الزحام المروري وزيادة الوعي حول استخدام الحلول المختلفة في النقل وغيره هو غياب التكامل بين المؤسسات الحكومية، ولكن هناك تغييرات إيجابية من ناحية التحول الرقمي والتكامل بين المؤسسات بدأ يتضح نوعًا ما، وسياسة تقييم الأداء المتبعة الآن في المؤسسات الحكومية تدفع الجميع نحو العمل على أداء أفضل، كما أن الرأي العام أصبح ذو فكر ولديه من الأفكار والمقترحات ما يتوجب الاستماع إليه، ولهذا يجب حل تحدي التكاملية بين المؤسسات الحكومية، ولكن توجد إيجابيات وتغيرات وتطورات واضحة في هذا الجانب حيث أنه على السبيل المثال في مخطط مسقط الهيكلي تم حضور الورشة من قبل رئيس بلدية مسقط ورئيس هيئة البيئة ومشاركين من شرطة عمان السلطانية وحوالي 12 مدير عام من جهات مختلفة وغيره، كما سيتم تنظيم ورش أخرى بواقع ورشة كل شهر تقريبًا وسيحضرها ممثلين من مناطق وجهات أخرى مثل المجلس البلدي والبلديات الأخرى وغيره، فكلما ارتفعت التشاركية المؤسسية زادت فاعلية مثل هذه المشاريع، كما أنه من المهم وجود الشراكة المجتمعية في هذا النقاش والتواصل مع مختلف فئات المجتمع من خلال مختلف منصات التواصل الاجتماعي، حيث أن مسقط هي للجميع ويجب على الجميع المشاركة في تخطيطها والمشاركة في الاستبيانات المختلفة التي من شأنها خدمة هذا الجانب، حيث وصل عدد المشاركين فيها اليوم إلى 4000 شخص فقط من المواطنين والمقيمين، حيث من الممكن أن يسهم المشاركين بوجهات نظرهم وآرائهم نظرًا لاختلاف وجهات النظر والآراء، وأضاف الوائلي أن التكامل الحكومي كذلك يشمل التكامل بين صانعي القرارات حيث أن مشروع تخطيط هيكلة مسقط يتضمن نقاشات على المستوى الوزاري ويصل في بعض مراحله إلى مجلس الوزراء، كما تم الاجتماع مع الوكلاء ومدراء العموم إلى جانب ما يتم تنظيمه من الورش، حيث أن المخططات الهيكلية هي ليست فقط مخطط عمراني وإنما مشروع اقتصادي كذلك لما تشمله من تخطيط لوضع الكتل الاقتصادية وغيره، كما أنه من المهم دراسة الأنواء المناخية في هذا المخطط ولذلك يشارك المختصون من وزارة الزراعة والثروة السمكية وموارد المياة وهيئة البيئة من ناحية تحديد أماكن السدود وكيفية استغلال الأودية بأساليب مختلفة كمنتزهات على سبيل المثال.

التخطيط المستقبلي

وحول كيفية التعامل مع التخطيط المستقبلي في مسقط والوضع الراهن وتوزيع المخططات وغيره؛ أوضح الوائلي أنه يوجد مسارين في هذا الانتقال من حيث بناء مناطق جديدة أو مباني جديدة مثل استغلال الأراضي الفضاء وبناء مجمعات سكنية وغيره، كما يوجد توجيه لدراسة واقع الأراضي الحكومية في مسقط حيث من الممكن أن تشمل المخرجات استغلال بعض الأراضي من أجل التوسع الحضري عوضًا عن البناء في مناطق مثل الفليج وجحلوت رغم كونها مناطق جيدة ولكنها بعيدة نوعًا ما عن مناطق السكن الأساسي، وهذا أحد المسارات حيث أصبح بعض الأشخاص يتوجهون لشراء أراضي في بركاء عوضًا عن المعبيلة وذلك لصعوبة هذا الأمر نظرًا لوجود حوالي 40 ألف نسمة يسكنون في المعبيلة ودراسة توزيع الأراضي قد يكون إحدى الحلول لهذا الزحف السكاني، والمسار الثاني يشمل إعادة إعمار بعض المناطق الموجود سابقًا، فعلى سبيل المثال سكان روي الأصليين لا يوجدون في روي حاليًا، والوضع ذاته بالنسبة لمطرح، والسؤال هنا هو كيف بإمكاننا أن نعيد إعمار وإحياء هذه الأماكن وإرجاع قيمتها التاريخية؟ ولهذا يوجد توجهين إحداهما نحو إحياء المدن الجديدة والآخر نحو إعادة إعمار المناطق القديمة، وإعادة الإعمار ليس بالشيء الجديد حيث أنه يتبع في بعض دول ومدن العالم مثل إسطنبول؛ حيث تم ردم بعض المناطق فيها وتم إنشاء أحياء جديدة في قلب إسطنبول، ومن الممكن تطبيق هذا في السلطنة بأسلوبنا الخاص.

المدن والجزر البحرية

وأشار الوائلي إلى أن المدن والجزر البحرية هي إحدى الأفكار ولا يجب أن تعطى أكبر من حجمها في الوقت الحالي، حيث يمتد المشروع لمدة 12 شهر وتم إنهاء أول 4 أشهر منها تضمنت أكثر من 3 أشهر كمرحلة لجمع البيانات فقط، فالعمل الفعلي في الآونة الأخيرة هو حول الأفكار والمقترحات والتي لا زالت في تُطرح حتى الآن بتفكير عام وصارخ ولا تعني أنها جاهزة للتنفيذ، وفكرة الجزر طرحت للنقاش كنوع من الحلول لتفادي تسونامي أو الأجواء المناخية بخلق نوع من الحاجز عن سواحل مسقط، وهذا يشكل تحدي رغم إمكانية عمل هذه الفكرة، ولكن كلما بنيت شيئ لتفادي مشكلة معينة فإنه من الواجب أن يكون المكان مهيأ، ونظرًا لوقوع مسقط على المحيط فهذا بخلق تحديًا بحد ذاته لتواجد جرف كبير لا يمكن تجاوزه ولا توجد نفس ضحالة المياة الموجودة في أماكن أخرى لتنفيذ مثل هذه الأفكار، ولذلك يجب دراسة مثل هذه الأفكار بعمق أكبر، ولكن من الأفكار المجدية بصورة أكبر هي التركيز على سواحل مسقط كونها إحدى أهم مقومات مسقط، والتركيز في قادم الوقت هو حول كيفية إعادة الشواطئ العمانية للمواطنين وغيرهم، حيث توجد مساحات كبيرة من مسقط على البحر ولكن لا يتم استغلالها الاستغلال الأمثل، وتوجد أفكار أخرى حول استغلال الجبل حيث تمتاز مسقط بوجود الجبال ويكمن التحدي في كيفية إتاحة الجبل للاستخدام من قبل الجميع كذلك حيث لا توجد مسارات أو تلفريك من الممكن أن يساعد الناس في الوصول إلى أعلى الجبال، حيث من الممكن استغلال قمم الجبال في عمل مختلف المشاريع مثل المطاعم والمنتزهات وعمل مسارات لرياضة المشي الجبلي والتي يسعى الكثيرون لممارستها وغيره، ويمكن عمل العديد من الإطلالات مثل عقبة العامرات والتي من الممكن استغلالها من قبل الجميع.

فيضانات الأودية

وحول فيضانات الأودية والتحديات من هذا الجانب، أوضح المهندس إبراهيم أن الفرص تولد من التحديات، حيث أنه من الممكن استغلال فيضانات الأودية، فمن الملاحظ أن منسوب المياة الجوفية في مسقط ارتفع عما كان عليه، فعلى سبيل المثال لم تكن المياه موجودة في أودية العامرات قبل إعصار جونو بينما اليوم من الممكن رؤية المياه في هذه الأودية، بالإضافة إلى وادي الخوض ووادي الأنصب، والتحدي هنا يكمن في كيفية استغلال هذه الأودية لتحويل مسقط إلى منطقة خضراء، حيث أن مسقط تعتبر كتلة اسمنتية بينما كانت جميلة في السابق، وهذا يعطي توجيه واضح نحو زيادة اخضرار وحياة مسقط، وهذا عمل مشترك بين البلدية وهيئة البيئة والتخطيط والمواطنين كذلك، كما توجد إحدى المشاريع أو المبادرات الحالية حول كيفية تحويل الأودية إلى مساحات خضراء وذلك من خلال زراعة الأشجار الموجودة في السلطنة وتوسيع الرقع الخضراء وإعداد مسارات للمشي والدراجات وغيرها، وكل هذا من شأنه أن يعمل على توفير مساحات لاستخدام الناس وممارسة الرياضات المختلفة وغيرها مما يعزز صحتهم وحياتهم بشكلٍ عام، ولذلك تأتي مبادرة "أنسنة المدن" للتركيز على الأودية وعمل المنتزهات الطبيعية بحيث لا تتأثر في حالة حدوث فيضانات وغيره وتكون متواجدة في كل فترات العام.

المخططات الهيكلية

وأضاف الوائلي أن أحد أهم أسباب الزحام في المعبيلة رغم كونها إحدى أحدث المخططات هو غياب المخطط الهيكلي، وهذا ما يستوجب المسارعة في عمل المخططات الهيكلية رغم تكلفتها العالية ولكن الحكومة تسعى من خلالها لتحسين جودة الحياة وتفادي المشكلات والتحديات الحالية، كما أنه لم يتم إنهاء البنية التحتية في المعبيلة بشكلٍ كامل، وهي تحتاج إلى وقفة لتحديد النقاط التي تحتاج إلى تحسين، وأشار الوائلي إلى وجود عدد من المشاريع من قبل بلدية مسقط التي من شأنها أن تخدم وتحسن الوضع في المعبيلة في قادم الوقت، ونظرًا لغياب تنفيذ المخطط والتخطيط الهيكلي تظهر العديد من المشاكل الحالية في المعبيلة حيث كان المخطط موجود وتم تحديد الشوارع والمخططات السكنية وغيره ولكن بعض الشوارع لا توجد إلى الآن، فلو كان التخطيط الهيكلي موجود سابقًا في بداية الألفية لكان تشييد الشوارع على سبيل المثال ذا جودة أكبر من حيث ضمان ازدواجية الشوارع وما إلى هنالك وتقليل الكثافة السكانية في المعبيلة وغيره.

وأشار الوائلي إلى وجود العديد من الفرص لوجود مخططات حضرية في المعبيلة وولاية السيب بشكلٍ عام نظرًا للكثافة السكانية، حيث أن أول مدينة مستقبلية نموذجية موجودة في السيب، فكما تشير الأرقام يسكن حوالي 400 ألف نسمة في ولاية السيب ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم إلى 800 ألف نسمة خلال 20 سنة، وبالنسبة للمعبيلة فنسبة الجزء المعمّر فيها تصل إلى 50% فقط نظرًا لوجود الكثير من الأراضي البيضاء، حيث تم بيع الكثير من الأراضي التي تم توزيعها في السابق على بعض السكان وأصبحت أراضي بيضاء، وهنا تكمن المشكلة في كيفية حل مشكلة الأراضي البيضاء والتي من شأنها أن تزيد الكثافة السكانية وكيفية تقليل الازدحام فيها، وكل هذا بسبب غياب المخططات الهيكلية والتي كان من الممكن تفادي العديد من التحديات من خلالها.

حتمية التغيير

وحول فلسفة المخططات وإمكانية وجود التغيير فيها حيث أن الكثير من المخططات تصلها الخدمات بعد التعمير، أوضح المهندس إبراهيم أن التغيير يأتي قبل متابعة التغيير، وأكد حتمية التغيير حيث أنه ليس من الممكن الاستمرار حسب السياسات القديمة نظرًا للتطور الذي يشهده الإنسان، فتوزيع الأراضي دون وجود خدمات هو أسلوب غير مستدام يؤدي إلى الكثير من الإشكاليات التي يواجهها اليوم من حيث بناء المنزل ومن ثم انتظار وصول باقي الخدمات تباعًا، فمن الضروري تجهيز المخططات والخدمات الأساسية ومن ثم توزيع الأراضي وهذا حصل في إحدى المشاريع من وزارة الإسكان والتخطيط العمراني في لوى الجديدة، حيث قامت الحكومة ببناء البنى التحتية وتوفير الخدمات ومن ثم تم إنشاء المنازل وبهذا تم تفادي الكثير من التحديات والإشكاليات، ولا يزال هذا المخطط بحاجة إلى تطوير من حيث زيادة اخضرار المكان وازدهاره، حيث لم يكن سوى بنى تحتية دون تشجير، ولكن المشاريع القادمة تغطي كل هذه النقاط، وتتضمن الدراسة كذلك تقليل التكلفة لتجهيز مثل هذه المخططات وتوزيع الأراضي على مستحقيها، وسيتم هذا من خلال تعاون مختلف الجهات ذات العلاقة، وأشار الوائلي إلى أن الحكومة تعمل على إثراء هذا الجانب وبناء البنى التحتية ولا يرى المواطن هذه المجهودات في الوقت الحالي، ولكن الأمر بحاجة إلى عملية تنظيم فقط، وكل المشاريع تعمل من أجل خدمة المواطن ومنحه ما يستحق.

الحوكمة

وأضاف الوائلي أن الحوكمة هي من أهم النقاط التي يجب التركيز عليها، فالشراكة المجتمعية والشراكة مع المؤسسات الحكومية وآلية التنفيذ والمسؤول عن التنفيذ ومتى يتم التنفيذ وتمكين المخططات الهيكلية بكل احتياجاتها هي ضرورة في هذا الجانب، فعلى سبيل المثال تظهر الضرورة لتجهيز البنى التحتية في مكان ما قبل توزيع الأراضي أو الوحدات السكنية، ويقع التنفيذ فيها على شركات مختلفة كلاًّ حسب اختصاصه وهي تحتاج إلى حوكمة خاصة من حيث توزيع الأعمال وغيره من أجل متابعة تنفيذ الأعمال، وأشار الوائلي إلى أن المخطط الهيكلي سينتهي العمل فيه في أبريل 2023 ومن ثم سيدخل في حيّز التنفيذ بشكلٍ مباشر، وذلك بالشراكة مع مختلف الجهات ذات الاختصاص حيث سيعتمد هذا المخطط من قبل مجلس الوزراء وهذا يعكس جدّية هذا المشروع.

تأخر بعض المشاريع

وحول تأخر بعض المشاريع مثل الميترو أو زيادة الحارات في بعض الشوارع حتى انتهاء العمل على الاستراتيجية؛ أوضح المهندس إبراهيم الوائلي أن مثل هذه المشاريع مضمنة في المخطط الهيكلي حيث يجب معرفة مسار هذا المشروع والمحطات الرئيسية ومرحلة تنفيذه وغيره، كما توجد لجنة الميترو برئاسة سعادة وكيل النقل وهذه اللجنة تعمل مع مكتب التغيير ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية العمرانية وهذا يؤكد تكاملية القطاعات الحكومية المختلفة كما يوجد عدة أعضاء ممثلين لمختلف الجهات مثل شرطة عمان السلطانية وبلدية مسقط ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني، وتعمل على هذه اللجنة على متابعة هذا المشروع حتى مرحلة التنفيذ، وسيكون تنفيذ المشروع برئاسة بلدية مسقط، وهذا يؤكد أهمية الحوكمة لمعرفة المسؤولين ومدة التنفيذ وغيره، وأضاف الوائلي وجود مشاريع مختلفة في مختلف القطاعات مثل اخضرار الأودية وبناء السدود وغيرها حيث تقوم كل جهة بدورها في هذا الجانب.