بقلم: محمد محمود عثمان
سعدت كثيرا بإعلان المنتدى العربي للسياحة والتراث باختيار «خريف ظفار» العماني كأفضل وجهة سياحية عربية على مستوى الوطن العربي لعام 2022، لأنه يعكس الجهود التي بذلت من إدارة بلدية ظفار لإخراج الموسم السياحي بهذا السيناريو الجيد ، على الرغم من وجود منافسات عربية أكثرخبرة وأكثر تنظيما ،وهذا يلقى عبئا كبيرا على عاتق المسؤولين للمحافظة على هذه الأفضلية في السنوات المقبلة،على الرغم من أن الموسم السياحي 2022جاء في أعقاب أقوى جائحة صحية عالمية وما تبعتها من الأثار الاقتصادية الكارثية لكورونا التي ضربت في مقتل كل المناشط الاقتصادية العالمية ، وأصابت المجتمعات بالشلل شبه التام بعد إغلاق كل المنافذ والحدود وتسريح الأيد العاملة الفنية والمدربة التي تشارك في عمليات التنمية المستدامة ، لذلك كانت العودة للحياة الطبيعية بعد جائحة كورونا وفي قطاع السياحة تحديدا وبعد ركود دام عامين أو أكثر أمرا شاقا على الجميع لوجود شركات متوقفة أو متعثرة من الصعب عليها العودة بسهولة وسرعة لتمارس أنشطتها ,هذه الإشكالية واجهت جميع شركات ومؤسسات القطاع الخاص وهو الشريحة الأكثر تأثيرا في التنمية الاقتصادية والتي يعول عليها كثيرا في الدخل الاجمالي للدولة وتنويع مصادر الدخلكما أن الموسم السياحي "خريف ظفار" يمثل في الحقيقة طفرة سياحية في زمن قصير جدا وقد لمستها في زيارة أخيرة -سريعة - لمحافظة ظفار، التي شهدت تحديث الهويّة الجديدة من خريف صلالة إلى "خريف ظفار" ليتناغم مع المكونات الطبيعية والحضارية للمحافظة، وإن كان ذلك يحتاج إلى جهد إعلامي وتسويقي كبير ومتواصل وممتد ومستمر لتغيير الارتباطات الشرطية لدى السياح والتي علقت بالأذهان لسنوات طويلة "بموسم الخريف وبمهرجان صلالة السياحي"خاصة مع ما تشهده "ظفار" من البنى الأساسية التي تتطوَّر، لتواكب الخطط الطموحة للتنمية الاقتصادية وفي مقدمتها القطاع السياحي الذي يعطي لهذه البقعة من أرض عُمان أهميتها وتميُزها على خريطة السياحة العربية ومن ثم العالمية على المدى الطويل ولا سيما مع التحديث والتطويرالمستمر للفنادق والطرق والإشارات الإرشادية والمنافذ الاستهلاكية والترفيهية المتنوعة والمرافق الخدمية التي كانت تعاني أشد المعاناة في فترات سابقة طويلة ،
لذلك أدركت بلدلية "ظفار" أنه لا يكفي وجود عوامل الجذب السياحي الطبيعية من حيث المناخ الاستثنائي والمناظر الطبيعية الجميلة والخلابة ،التي يقصدها السائحون للمتعة والاستجمام ، لأن ذلك لا يتحقق بدون الاهتمام بالسير في الخط الموازي المتمثل في تحسين عناصروآليات الجذب السياحي الأخرى من المرافق والخدمات ، التي تعطى لهذه العناصر الميزة التنافسية بين البدائل المتاحة أمام السائحين من كل الشرائح المجتمعية محليا ودوليا ،والتي تساعد السائح على اتخاذ قراره في اختيار وجهته السياحية المفضلة ،لأننا نستهدف استدامة الحركة السياحية على مدار العام، وليس في أشهر الخريف فقط لمضاعفة عدد السائحين القادمين للمحافظة،وخاصة أن القطاع السياحي من أهم القطاعت الاقتصادية التي نأمل أن يكون تأثيرها إيجابيا على مصادرالدخل القومي ، باعتبارأن السياحة هى قاطرة التنمية الحديثة ، ومن ثم أصحبت المسؤولية ضخمة على المناطق و المدن والمحافظات السياحية لتحقيق الدخل المستهدف من السياحة في الخطط التنموية المتتالية، ومن هنا تأتي المسؤولية عن توجيه وإدارة هذه المنظومة ، ومدى القدرةعلى التنسيق والتعاون مع الجهات الحكومية والوزارات ومؤسسات القطاع الخاص والشركات الاستثمارية في الداخل والخارج ذات العلاقة بالتطوير السياحي،لوضع خريطة استثمارية مع دراسات الجدوى الاقتصادية للمشروعات المُراد تنفيذها في المدى القريب والبعيد،من خلال برنامج زمني يحدد الأولويات السنوية ، لتنفيذ خطة استراتيجية لجعل خريف "ظفار" هو الطريق إلى السياحة في عُمان بمفهومها الاقتصادي القائم على أسس علمية وعملية ومنهجية ،واعتقد أن بلدية ظفارهى حجر الزاوية في هذا الإطارخاصة أن على رأسها الدكتور أحمد الغساني وهو قيادة إدارية وأكاديمية تملك الكثير من الخبرات الإدارية التطبيقية والتي نأمل منها الكثير والكثير للنهوض بالمنشئات السياحة في ظفار من خلال الدراسات العلمية ، لأن السياحة من العلوم الحديثة التي تعتمد على البحوث الأكاديمية والدراسات الميدانية وليست على الانطباعات اللحظية السطحية - وإن كانت مهمة كتغذية رجعية يستفيد منها متخذ القرار عند تنفيذ برامجه أو تطويرها أو تعديلها لتلبي احتياجات السائحين من كل الجنسيات -
ولاشك أن الطريق إلى السياحة ليس سهلا كما يتصوره بعض المتابعين أو المدونين والمعلقين أو حتى الصحفيين والإعلاميين ، لأن هذا أمر سهل الحديث أو الخوض فيه أو عنه بدون وعى بحقائق الأمورعلى الطبيعة ، أوبمدى الامكانات المتاحة ماديا وفنيا وبشريا وكذلك الوقت المتاح والمُقدر لإحداث التغيير والتطوير المطلوب ، الذي يجب ألا يتم - وفق الخطة - في كل الاتجاهات والمناشط في وقت واحد حتي يظهر الأثر الذي يلمسه الجميع على أرض الواقع
وإن كان من الضروري أن نخطط لتدبير وسائل مواصلات رخيصة ومريحة إلى جانب زيادة رحلات الطيران الاقتصادي لتنشيط السياحة الداخلية التي تعد الأساس للتنمية السياحية ، ولجذب المزيد من السياح الأجانب ، ولأنها أيضا تُحد من التوجه إلى المقاصد السياحية الأوروبية التي تجذب السائح المحلي،ومن ثم البدء تدريجيا في إنشاء منتجعات متكاملة صغيرة ورخيصة على امتداد مساحات الأراضي الشاسعة غيرالمستغلة يتوفر بها كافة الخدمات والمساعدات الفنية والصحية ووسائل الترفيه التي يحتاجها السواح من الأفراد والأسر والعائلات ، وبما يخفف من حدة الضغوط على رجال المرور ويقلل من الزحام المروري الذي نشهده في ذروة المواسم السياحية.