مقاولو البناء في قفص الاتهام

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠١/سبتمبر/٢٠٢٢ ٠٩:٣٤ ص
مقاولو البناء في قفص الاتهام

بقلم: عيسى المسعودي

قطاع المقاولات من القطاعات المهمة والواعدة ويلعب دوراً كبيراُ في التنمية الاقتصادية ويساهم وبشكل كبير في عمل وتطوير القطاعات الأخرى ويساهم في تحقيق عدد من الأهداف الوطنية لعل من اهمها توفير الفرص الوظيفية للشباب العماني والمساهمة في التنمية العمرانية وتنفيذ المشاريع الحيوية التي تنفذها المؤسسات الحكومية مثل المدراس والمباني الحكومية ومشاريع الطرق كذلك يقوم هذا القطاع بدور كبير في بناء المنازل وتنفيذ المشاريع المتعلقة بالأفراد وشركات القطاع الخاص ، وخلال السنوات الفائتة شهد هذا القطاع مراحل تطويرية ونقلات عديدة ساهمت في ارتفاع أعداد الشركات العاملة في القطاع على مختلف مستوياتها فمنها الشركات الكبيرة ذات الدرجة الممتازة والأولى والمتوسطة والصغيرة كما ارتفعت أعداد العاملين في هذا القطاع بشكل كبير خلال السنوات العشرين الفائتة سواء القوى العاملة الوطنية أو العمالة الوافدة قبل أن يواجه قطاع المقاولات تحديات صعبة تمثلت في تداعيات الازمات الاقتصادية وانتشار فيروس كورونا الذي أثر على نمو القطاع نوعاً ما حيث نتج عن ذلك انخفاض في أعداد شركات المقاولات وتذبذب في نمو القطاع بشكل عام مع وجود مجموعة أخرى من التحديات والصعوبات التي تواجه هذا القطاع لكن يبقى مهم وضروري في التنمية الاقتصادية والشاملة ودائماً يحتاج إلى الاهتمام والتطوير والمراقبة والمتابعة باستمرار من قبل المؤسسات الحكومية المعنية حتى يواصل مساهمته في مختلف المجالات والقطاعات .

ورغم أهمية وقوة قطاع المقاولات ودوره الكبير في التنمية الاقتصادية وتنفيذ المشاريع المختلفة كما ذكرنا إلا أنه وللأسف الشديد ارتكبت شركات ومؤسسات هذا القطاع العديد من الأخطاء ووجود قصور واضح في نوعية الخبرات المتوفرة من مهندسين ومشرفين وأيضا من اصحاب الشركات انفسهم ومن المقاوليين الذين دخل البعض منهم فقط لكسب الاموال دون ان تكون لدية خبرات أو معلومات عن أبسط واساسيات العمل في هذا النوع من الشركات وكيفية إدارتها مما جعلنا نلاحظ ارتكاب اخطاء كبيرة في التشييد والبناء وخلال تنفيذ المشاريع سواء كانت الحكومية او الخاصة حتى على مستوى تنفيذ المشاريع السكنية من منازل او بنايات وغيرها من الاستخدامات إضافة إلى التأخير الواضح في تنفيذ المشاريع وجودتها ، ولقد تابعنا خلال الفترة الماضية العديد من المشاريع الحكومية التي توقفت بسبب أخطاء هذه الشركات أو وجود مشاكل فنية في البناء تؤثر على الجودة وعلى سلامة من يستخدم هذه المشاريع مما جعل هذه الشركات او المؤسسات الحكومية تعيد ترميم وصيانة بعض هذه المشروع أو ايقافها حتى وصلت الأمور الي رفع العديد من القضايا في المحاكم لعدم الالتزام بالشروط والمعايير الفنية المتفق عليها في المناقصات أو العقود وهذا المسلسل للأسف لايزال متواصل والقضايا في تزايد بسبب ضعف هذه الشركات ومن يعمل بها من فنيين وعمال غير متخصصين في هذا المجال لدرجة اننا وصلنا لمرحلة وجود عمال يعملون في الحلاقة والنجارة وكي الملابس وبيع المواد الغذائية وغير مختصيين وللأسف تاتي بهم شركات المقاولات للعمل في بناء المنازل وتنفيذ المشاريع المختلفة وهذه اخطاء فادحة تتسبب في مخالفات إدارية وعمالية وقانونية وفي مشاكل بين أصحاب هذه المشاريع والمقاوليين بسبب ماتقوم به هذه العمالة من اخطاء خلال البناء واستخدام نوعية المواد الخام الرخيصة والغير مطابقة لشروط البناء المحددة في الاتفاقية او العقود وهناك كثير من المشاريع وخاصة على مستوى بناء المنازل وجد اصحابها شقوق في الجدران ونزول في أرضية المنزل وغيرها من المشاكل الفنية التي ترتكبها شركات المقاولات ومن يعمل بها.

من الامور المستغربة في قطاع المقاولات والتي ليس لها تفسير سوى واحد فقط اين دور مكاتب الاستشاري في تنفيذ هذه المشاريع سواء المناقصات أو المشاريع الخاصة من منازل وغيرها حيث يفترض أن يكون لكل مشروع استشاري متخصص ويتم دفع مبالغ له لمتابعة سير العمل وانه مطابق للمعايير والشروط الفنية وأن المقاول يستخدم الأدوات والخامات الصحيحة ذات الجودة العالية وحسب الاشتراطات الفنية من حيث نوع الطابوق مثلا وأكياس الأسمنت والحديد والخرسانات وقياساتها الفنية وحجمها وتسوية الأرض وغيرها من الاشتراطات التي يجب على مكتب الاستشاري التأكد منها قبل اعطاء الموافقة أو تصريح متابعة تنفيذ مراحل المشروع وكذلك يفترض أن تكون هناك متابعة من الجهات الفنية المتخصصة التي تعمل في قطاع البلديات ورغم ذلك نجد الأخطاء تتكرر والمشاكل الفنية تتزايد وتظهر في أغلب المشاريع التي تنفذها شركات المقاولات والبناء وهذا يعطيني مؤشر خطير أن بعض مكاتب الاستشارات أيضا ترتكب أخطاء وأن المهندسين والفنيين الذين يعملون في بعض هذه المكاتب غير مؤهلين وللأسف المصالح المشتركة تجمع بين المقاول والمكتب الاستشاري مما يتسبب في ارتكاب الأخطاء واستمرارها وهذه مؤشرات خطيرة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار وبأهمية كبرى خاصة من المؤسسات الحكومية المعنية وأن يتم تكثيف المراقبة والمتابعة على شركات المقاولات ميدانياً وتنفيذ حملات مفاجاة لمواقع المشاريع وأيضا على المكاتب الاستشارية والتأكد من كل الأمور المتعلقة بعمل هذه المكاتب ومن يعمل بها من مهندسين وفنيين وذلك بهدف الحد من هذه التجاوزات والأخطاء والعمل على تنظيم القطاع بشكل صحيح لضمان جودة تنفيذ المشاريع المختلفة.