«على مشارف الحلم».. معرض فـني يجـمع بـــين العلم والموهبة

مزاج الخميس ٠٥/مايو/٢٠١٦ ١٣:١٤ م
«على مشارف الحلم».. معرض فـني يجـمع بـــين العلم والموهبة

مروّجا لمفهوم التجريب في الفن، ومطوراً، وباحثاً.. قدّم الفنان سلمان الحجري تجربته خلال السنوات العشر الفائتة في معرضه الشخصي «على مشارف الحلم» الذي افتتح في متحف بيت الزبير أمس الأول وضم ما يقرب من خمسين عملاً متنوعاً. وقد نجح الحجري في هذا المعرض بتقديم تجربته التشكيلية برؤية معاصرة وبخطاب تشكيلي متجدد يتميز بالبساطة والقدرة على التأثير. فبرز التنوع في الاتجاهات في هذا المعرض كالتجريدية والتعبيرية والحروفية، والفنون الرقمية المعاصرة. فبالإضافة إلى الأعمال الحروفية التي يمارسها منذ أكثر من 10 سنوات هناك خمسة عشر عملاً في الاتجاه التجريدي، و5 أعمال في التصميم الجرافيكي و3 أعمال في التصوير الزيتي الواقعي، بالإضافة إلى عملين نفذهما الحجري بتقنيات معاصرة هي الرسم بالهاتف أو بالآيباد. يقول: عملية التجريب مهمة جداً للفنان إلى أن يصل إلى أسلوب معين يميزه، وأنا أعتبر أنني خلال السنوات العشر الفائتة كنت في مرحلة تجريب فقد أخذتني قليلاً الدراسة الأكاديمية ومرحلة الدراسات العليا لذلك كنت متعطشاً لهذا الإنتاج الفني الذي ظهر في هذا اليوم تحت اسم على مشارف الحلم.

الحروفيات

بشكل مدروس يقدم الفنان الحجري حروفياته في هذا المعرض بحيث تصطف أغلب الحروف الرأسية بطريقة تقدم بناءً محكما قادرا على استجلاب دلالات بصرية ثرية ومتجددة، فتظهر اللوحة ككل على أنها عمل متكامل ومتناسق ومترابط.
يقول: أحاول من خلال الحروفيات أن أروّج لشرقيتي كإنسان عربي من خلال رسم الليل والقمر والشمس والصحراء والشعر. وأحاول كذلك أن أستنطق الألوان من خلال اختياري لألوان بها شيء من البهجة تثير السعادة لدى المتلقي، ومن خلال الألوان الداكنة والتباينات العالية مع الألوان الفاتحة أطبق نظريات مختلفة في علم التصميم.
كما يستدعي الحجري كذلك في بعض أعماله ذاكرة القرية بشيء من الحس الرومانسي فيصور النخيل والبيوت القديمة والطريق الذي كان يسلكه ولا زال إلى الشرقية مسقط رأسه. يقول: «أرجع في نهاية كل أسبوع إلى بلدي في الشرقية وقد جسدت من خلال أعمالي الطريق وما به من أشجار، وهو قد يكون روتينيا للبعض من رواد هذا الطريق الذين يأخذونه بشيء من السأم، إلا أنه بالنسبة لي مكان للتأمل ومشاهدة انحناءات الشوارع وما بها من أشجار وصخور والجبال والوديان والمواقف التي تمر بك خلال تلك الساعتين أثناء رحلة الذهاب إلى الشرقية أو العودة منها». وعن ذكريات القرية التي أثّرت به وبرزت بعض ملامحها في أعماله يقول الحجري: «ذكريات كثيرة ألهمتني أعمالي، فالعيش في المزارع والطبيعة البكر تحت ظلال النخيل والليمون والجوافة أثر بي كثيرا، وهناك في طفولتي خضت المغامرات الكثيرة واستمتعت باللعب بالماء المنساب في السواقي. كنا قريبين من الحياة الفطرية بكل جمالها وبساطتها وهذه الجماليات وفرصة التقارب مع الطبيعة بدأ جيل الآيباد يخسرها بكل أسف».

جماليات التقنيات الحديثة

ومع اعتماده في جزء من أعماله على التقنيات المعاصرة كان لا بد من طرح سؤال حول مساحة الإبداع الممكنة وجمالياتها. يجيب الحجري: «أعتقد أن الفنان هو الفنان في أي موقع كان، وهو ليس ملزما بأدوات معينة. وكما أن الريشة والألوان أدوات فإن الحاسب الآلي والفأرة أدوات يستطيع من خلالها أن يوجد فنا جميلا طالما وجد الفكر والتأمل والتجريب العميق، ووجد الفهم العميق لمفهوم الفن ولحيثيات وأساسيات اللغة البصرية من قواعد ومن علم يعتد به. فالفن الآن لا يبتعد كثيرا عن النظريات العلمية بل إنه دمج بين العلم وبين الموهبة وبين روح الإنسان».

معرض ذكي

كان لافتا في المعرض تطبيق تقنية «الباركود» لأول مرة في الأعمال الفنية حيث يتيح باركود ملصق تحت كل عمل إمكانية أن يحصل الزائر على معلومات مفصلة عن العمل دون الحاجة للرجوع للفنان. يقول الحجري: «دشنا في هذا المعرض خدمة الباركود فبجانب كل عمل هناك باركود ملصق، وبمجرد مسحه بالهواتف الذكية يؤدي إلى ظهور تفاصيل كثيرة عن العمل، اسمه والخامات وقياسه وفي أي عام أنتج.. كل المعلومات ستظهر مباشرة للشخص، وتساعده في الحصول على تفاصيل أوفر وتوصل إلى روابط أخرى، وهي طريقة تقنية تؤدي للوصول إلى معلومات أكثر بدون جهد كبير». ويضيف: «هناك أيضا باركود يحتوي على دفتر الزوار، فبعد أن يتجول الزائر في المعرض ويتذوق الأعمال سيمسح الباركود على هاتفه الذكي وسيصل إلى دفتر الزوار وسيتمكن من تدوين ملاحظاته حول المعرض».

المغامرة في الفن

يسعى الحجري دوما إلى استكشاف فضاءات جديدة في الفنون والتجريب في كل اتجاه وهو بهذا يرى أن على الفنان أن يكون جريئا في ممارسة الفن حتى يكون مبدعا. وعن النصائح التي يقدمها لطلابه يقول: أنصحهم بالتجريب وبدوام الاطلاع وحب المغامرة في الفن والمثابرة والبحث عن هوية عمانية عربية تستطيع أن تقدمهم كفنانين عمانيين. كما أنصحهم بالبحث عن المعرفة وإنتاجها من خلال الفن، فالفن يمشي جنبا إلى جنب مع المعرفة وأنصحهم كذلك بترويج أعمالهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وتسخير حسابتهم كاملة لخدمة فنهم وهنا نستطيع أن نصل بالعمل إلى الاحترافية. ويختتم حديثه بالقول: «أنا أؤمن أن الفن رسالة سامية عندما توجد لدى موهوب أو فنان معين يجب عليه بل ولزاما عليه أن يستخدمها وأن يروج للجمال وأن ينبه اخوانه البشر لمكامن الجمال في هذا الكون الواسع التي قد لا يلاحظها الإنسان العادي ولكن الفنان يلاحظها.. يستطيع أن يستخرجها وأن يقدمها من خلال أعماله الفنية».

د. سلمان الحجري فنان تشكيلي ومصمم جرافيكي وباحث في مجال الفنون البصرية. أكاديمياً هو أستاذ التصميم الجرافيكي المساعد بقسم التربية الفنية بجامعة السلطان قابوس. حصل في العام 2014 على الجائزة البرونزية في التصميم في أكبر مسابقة عالمية للتصميم بإيطاليا A›Design Award & Competition.

وللحجري مشاركات كثيرة في معارض محلية ودولية، قدم محاضــــراته في مؤتمرات الفنون في كل من شيكاجــــو، ولندن، وجلاسكو، وكوبي باليابان، وكرواتيا، وروما، وعمَّان، والكويت، والبحرين، وغيرها. قدّم تجربته الحروفية برؤية معاصرة وبخطاب تشكيلي متجدد يتميز بالبســـاطة والقدرة على التأثير. وهو عضو في الجمعية العُمانية للفنون التشكيلية ومرسم الشباب والكثير من المؤسسات الفنية والعلمية. ويسعى الحجري لازدهار التصميم الجرافيكي في الســــلطنة وتتميز أعماله بالتنوع فـــي الاتجاهات التشكيلية كالتجريدية والتعبيرية، والفنون الرقمية المعاصرة.