مطالبات بزيادة الجلسات العلاجية لمصابي متلازمة داون

بلادنا الأحد ٢١/أغسطس/٢٠٢٢ ١٠:١٤ ص
مطالبات بزيادة الجلسات العلاجية لمصابي متلازمة داون

مسقط - الشبيبة 

متلازمة داون؛ حالةٌ تنتشر ويسمع بها الكثير ولكن قلة من يلمّون بها ويعايشونها، البعض يطلق عليها مسمى متلازمة السعادة وملائكة الأرض وغيرها من المسميات التي تحكي براءة هذه الفئة، وبين دعمٍ وتهميش ومساعي حثيثة لتقديم هذا الدعم للمصابين بمتلازمة داون في السلطنة، نسلّط الضوء على تجارب حقيقية عايشها أولياء أمور أطفال متلازمة داون.

أوضح أحمد بن محمد الجابري؛ رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية لمتلازمة دوان، في مقابلة عبر برنامج «مع الشبيبة» أن المتصفين بمتلازمة داون يكون بسبب خلل كروموسومي في الكروموسوم 21، وتتصل هذه المتلازمة بالمصابين بها طوال حياتهم، و90% من المصابين بهذه المتلازمة يكونون مصابين بأمراض أو عيوب خلقية مصاحبة لهذا المرض، مثل فتحات القلب والتي تستوجب العلاج منذ البداية، إضافةً إلى عيوب النطق، وعيوب الغدد الصماء والأمعاء والكلى والدم وغيره، ومع تطور الطب أصبح من الممكن معرفة وتشخيص هذه الأمراض والحالات المصاحبة لمتلازمة داون وعلاجها مبكرًا أو مع مرور الوقت حسب الحالة، حيث أصبح من الممكن معرفة ما إذا كان الطفل مصاب بمتلازمة داون وإن كانت هنا أي عيوب أو أمراض ممكنة من خلال الأشعة المقطعية والفحوصات اللازمة التي تجرى للأم في فترة الحمل أو خلال أول يومين من ولادة الطفل، حيث تتضمن هذه الفحوصات النظر والتركيز على حجم الرأس أو العمود الفقري وغيره لمعرفة الوضع الصحي للطفل، وبهذا أصبح المتوسط العمري للمصابين بمتلازمة داون أطول من ذي قبل والذي كان يتراوح بين 16 و 19 عامًا فقط.

وتم إشهار الجمعية العمانية لمتلازمة داون بناءً على القرار الوزاري رقم 241/‏2014 بتاريخ 3 ديسمبر 2014، وهذه الجمعية خيرية تطوعية غير ربحية تعنى بتوفير الرعاية الصحية للمصابين بمتلازمة داون، والسعي لدمجهم في المجتمع، وتوفير الخدمات الرئيسية والأساسية لمساعدتهم في مختلف مناحي حياتهم.

تخيص بالفحوصات

وحسب الدكتورة جهاد بنت جبر البوسعيدية؛ باحثة وأم لمصاب بمتلازمة داون، فإنه من النادر عدم معرفة ما إذا كان الطفل مصابًا بمتلازمة داون، حيث أن هذه الحالات تشخّص خلال الفحوصات التي تخضع لها الأم خلال فترة الحمل أو بعد الولادة حيث تظهر علامات معينة على الطفل في العين والأذن والتي يستطيع الدكتور من خلالها تشخيص حالة الطفل، ومعرفة ما إذا كان مصابًا بهذه المتلازمة، ومرور ولي الأمر بمثل هذه الحالات من عدم المعرفة المسبقة بحالة الطفل وتشخيصه ومعرفة إصابته بمثل هذه المتلازمة قد يشكّل صدمة لا يتقبلها البعض، حيث أن المصابين بهذه المتلازمة يحتاجون عناية ورعاية وملاحظة خاصة، ويتطلبون تقديم دعم وزيادة الوعي بخصوصهم لدى كافة فئات المجتمع، وأضافت أنها مرت بتجربة لم يتم فيها إعلامها بأن طفلها مصاب بمتلازمة داون، وهو ما شكّل لها صدمة لعدم علمها بكيفية التعامل مع هذه الحالة، وبالتعاون والتعامل مع مختلف الجمعيات ومنها جمعية متلازمة داون في مملكة البحرين نظرًا لعدم وجود جمعية عمانية آنذاك، وبهذا أصبحت قادرة على التعامل مع طفلها بمعاملة صحيحة، ولكنها عانت من بعض المخاوف في كيفية معاملة المجتمع له وكيفية حصوله على حقوقه وتعليمه وغيره.

وأشار أحمد بن محمد الجابري؛ رئيس مجلس إدارة الجمعية العمانية لمتلازمة دوان، أنه رئيس جمعية وولي أمر لطفل مصاب بمتلازمة داون، وهو ما زاد شغفه بهذا الجانب وتطوير وعي المجتمع لهذه الفئة وضرورة توفير الدعم والرعاية، إضافة إلى ضرورة إيصال خبر إصابة الطفل بهذه المتلازمة لولي أمره بالطريقة الصحيحة وشرح وتوضيح هذه المتلازمة وما يتعلق بها لولي الأمر حتى يسهل تقبّل هذه الحالة إلى جانب معرفة كافة التفاصيل المتعلقة بالطفل وحالته وما يمكن مواجهته وكيفية تجاوز التحديات وغيره وذلك عن طريق تعيين شخص متخصص في هذا المجال، كما قامت جمعية المصابين بمتلازمة داون بإعداد كتيب بمسمى «طفلي لديه متلازمة داون» يحتوي على كافة المعلومات التعريفية والتوضيحية بهذه الحالة ويتم توزيعها على أولياء أمور المصابين بمتلازمة داون.

وأضافت الدكتورة جهاد إلى أن تقبّل إصابة الطفل بهذه المتلازمة يبدأ من ولي الأمر ثم يأتي المجتمع، حيث ليس من المعقول مطالبة المجتمع بتقبل الطفل وحالته بدون وجود تقبّل فعلي له من قبل ولي الأمر، كما يوجد فريق «ملائكة الأرض» وهو يتكون من أعضاء يهدفون لدعم هذه الفئة وتوعية المجتمع بها، إلى جانب جمعية التدخل المبكر والذي يقدم الدعم لهذه الفئة ولأولياء الأمور، حيث يقومون بعدد من الزيارات المنزلية التي تهدف لتوضيح الوضع والحالة للأم وكيفية التعامل معها وما هي التحديات والحلول في هذه الحالة.

تكثيف الجهود

وأكدت د. نادية بنت علي العجمية؛ مديرة مركز التقييم والتأهيل المهني بالمديرية العامة لؤون الأشخاص ذوي الإعاقة بوزارة التنمية الاجتماعية، قيام وزارة التنمية الاجتماعية بكافة الجهود اللازمة لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة بشكلٍ عام والمصابين بمتلازمة داون بشكلٍ خاص بما يكفل حقوقهم والتي نصت عليها التشريعات والاتفاقيات وغيره، وذلك لتوفير برامج وخدمات تأهيلية وخدمات مساندة في عدة مجالات، مثل التربية الخاصة والعلاج الوظيفي والطبيعي وتأهيل النفس السلوكي وعلاج النطق والكلام وبرامج التهيئة المهنية والتدريب المهني والأنشطة الثقافية والترفيهية من أجل توفير الرعاية وتثقيف هذه الفئة ودمجهم في المجتمع.

وأوضحت العجمية أن نسبة ذوي الإعاقة تشكل حوالي 1,55% من إجمالي عدد السكّان وفق تعداد 2020، أي ما يعادل 140,304 أشخاص، أما بالنسبة للملتحقين بمراكز التأهيل الحكومية والذين يحصلون على خدمات مباشرة من خلال هذه المراكز فإن عددهم يصل إلى 5276 شخصًا حتى عام 2020، ويبلغ عدد المسجلين في نظام الإعاقة من المصابين بمتلازمة داون في نظام الوزارة 2667 حالة، وهم حاصلين على بطاقة شخص معاق، ويستفيدون من خدمات الوزارة، وأضافت أنه بعض الفئات استفادت من خدمات الوزارة لفترة ثم انتقلت لبرامج الدمج المدرسي أو الدمج المهني، ومنهم من تقدم بطلب للحصول على معاش الضمان الاجتماعي وحصل على خدمة معينة حيث تتنوع هذه الخدمات المقدمة من قبل الوزارة وتقدم حسب طلب المواطن.

مراكز الرعاية

وحول التخصصية في تقديم الدعم والرعاية عبر مختلف محافظات السلطنة؛ أجابت العجمية أن وزارة التنمية الاجتماعية تقدم خدماتها عبر مختلف مراكز الرعاية والتي يصل عددها إلى 79 مركزًا خاصًا وأهليًا وحكوميًا، إضافةً إلى دور الجمعية العمانية لمتلازمة داون والتي تم إشهارها من قبل وزارة التنمية الاجتماعية وغيرها من المراكز التخصصية في مجال التوحد والتي تقدم خدمات للأشخاص ذوي الإعاقة ومنهم المصابين بمتلازمة داون، وتنتشر الخدمات في كافة أنحاء السلطنة حيث يوجد 31 مركزًا حكوميًا، كما أن عددًا كبيرًا من المراكز الخاصة تنتشر بدعم وترخيص من قبل الوزارة في كافة محافظات السلطنة، ويقدمون الدعم لكل الفئات، والخدمات المقدمة من قبل هذه المراكز تقدم لكل طفل أو ملتحق بهذه المراكز حسب حاجة كل حالة، ولا توجد معاملة موحدة للجميع حيث تختلف احتياجات كل فئة عن الأخرى، حيث من الممكن أن تتفاوت حالات واحتياجات الأشخاص رغم أنهم جميعًا مصابين بمتلازمة داون وذلك لاختلاف الإعاقة وحدتها والعمر وغيره، وأشارت إلى شحّ التخصصات والمختصين في مجالات علاج ورعاية المعاقين على مستوى الوطن العربي بشكلٍ عام، وتستجلب الطاقات في هذا المجال من الخارج حتى الآن، ولكن يتواجد الإختصاصيين بعدد كبير في كافة المراكز المتوزعة في مختلف محافظات السلطنة، إلى جانب تواصل الجهود لجلب المزيد من المختصين لتقديم خدمة جيدة وبمستوى عالي لهذه الفئة.

تعاون بين التنمية والتربية

وأشارت العجمية إلى وجود تعاون بين وزارة التنمية الاجتماعية والجهات المعنية مثل وزارة التربية والتعليم من خلال لجان مختصة ومشتركة بين الوزارتين، وذلك لتقديم الدعم والدمج المدرسي للمصابين بمتلازمة داون، حيث يوجد تحويل لمن اجتاز التأهيل في المراكز التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية إلى المدارس من أجل الدمج المدرسي، ويوجد دمج مباشر لمثل هذه الحالات في المدارس الحكومية، ثم يتم تحويل مخرجات وزارة التربية والتعليم بعد إتمامهم لعمر معين أو اجتيازهم للصف التاسع إلى وزارة التنمية الاجتماعية للحصول على تأهيل وتدريب مهني وهذا يحصل بشكل سنوي ومستمر.

كما تختلف الخدمات والمطالبات من أولياء الأمور في مختلف محافظات وولايات السلطنة، حيث تتضمن المطالبات العامة زيادة عدد الجلسات العلاجية، وزيادة دمج المصابين بمتلازمة داون في المدارس والذي يعتبر الطلب الأبرز بين مختلف المحافظات والولايات حيث تسعى وزارة التنمية الاجتماعية جاهدةّ للتنسيق مع وزارة التربية والتعلم كون هذه الخدمة مقدمة من وزارة التربية والتعليم، ويوجد تطور ملحوظ وكبير في هذا المجال حيث يتم دمج بعض الأطفال في المدارس بشكلٍ مباشر دون التوجه إلى وزارة التنمية الاجتماعية، كما ترد بعض الحالات والطلبات إلى وزارة التنمية الاجتماعية وبعضها من خلال الإعلام وتقوم بدورها وجهودها كاملةً في هذا الجانب.

دمج المصابين

وأضاف الجابري إلى وجود مساعي مشكورة في هذا الجانب حيث تم تعيين استشاريين من قبل وزارة التربية والتعليم لدراسة متطلبات الحالة والعوائق التي تحد من استكمال المشوار الدراسي للمتصفين بمتلازمة داون وتحقيق الدمج الكامل في الدراسة، وأشار إلى أن بعض أولياء الأمور يواجهون صعوبة في تسجيل وإلحاق أبنائهم من المصابين بمتلازمة داون في المدارس والمراكز الخاصة، لذلك يتوجب تقديم الدعم من قبل المدارس الحكومية من خلال زيادة كمية الدعم والدمج للطفل، حيث تتفاوت تكلفة تعليم الطفل ورعايته بحيث تطلب المدارس الخاصة أو المراكز مبالغ كبيرة من أولياء أمور الأطفال المصابين بمتلازمة داون مقارنةً بغيرهم من أجل توفير أخصائيين لهم، وأضاف أنه لا توجد أي خيارات حكومية أخرى متاحة لرعاية وتأهيل وتدريب وتدريس أطفال متلازمة داون، كما لا تستطيع الجمعية العمانية لمتلازمة داون تقديم كافة الخدمات والدعم اللازم للمصابين بمتلازمة داون، لذلك يجب على وزارة التربية والتعليم تقديم الدعم اللازم في هذا الجانب، إلى جانب ضرورة قبول ودمج المصابين بمتلازمة داون بعد سن 18 سنة في مراكز التأهيل والتدريب المهني لإعدادهم للإلتحاق ببعض الوظائف.

من جانبها أضافت البوسعيديه أن هناك الكثير من التحديات التي يواجهها أطفال متلازمة داون وأولياء أمورهم، بحيث لا توجد حضانات ومراكز متخصصة للتعامل مع هذه الفئة من الأطفال، وأشارت إلى وجود بعض أولياء الأمور الذين لا يتقبلون فئة المصابين بمتلازمة داون، وأكدت أن تقديم الرعاية لطفل متلازمة داون ضمن العائلة والتقرّب منه يزيد من ثقته وجرأته على القيام بالكثير وتخطي العديد من التحديات.

قادرون على العمل

وأشارت زينة علي العبيدانية؛ أم مصابة بمتلازمة داون، إلى أن فئة المصابين بمتلازمة داون قادرون على العمل وخدمة المجتمع ما إذا توافرت الفرص والدعم اللازم لهم، وقادرون على العطاء وتحقيق طموحاتهم، وهو ما مرت به في رحلة تربية طفلة مصابة بمتلازمة داون، قامت خلالها بطلب الدعم من جمعية التدخل المبكر والذين قاموا بعلاج وتهيئة وتعليم الطفلة بمخارج الحروف والنطق الصحيح وغيره، ثم مرحلة التعليم الذاتي في المنزل مثل قراءة القرآن وحفظ قصار السور، وفي عمر 5 سنوات أدخلت الطفلة في المرحلة التمهيدية بمركز خاص بنظام الدمج الكامل وهو ما زاد من ثقة الطفلة، ثم للمدرسة حيث أكملت دراستها بشكلٍ طبيعي وبالدمج الكامل في المدرسة حتى الصف الرابع، ثم صدر قرار بمنع الدمج الكامل للأشخاص ذوي الإعاقة مع باقي الفئات في المدارس فأكملت دراستها بنظام الدمج الجزئي، وتمكنت من تحقيق النجاح وتحقيق مراكز متقدمة في تعليمها حتى الصف التاسع، ولكن نظرًا لعدم وجود أي مراحل لاحقة لإتمام العملية التعليمية بعد مرحلة الصف التاسع هو ما يشكّل تحديًا وعائقًا أمام المصابين بمتلازمة داون وأولياء أمورهم.

تعليم متكامل

وأكّد الجابري حق أطفال متلازمة داون في الحصول على تعليم متكامل وليس التوقف في الصف التاسع فقط، وهذا حق ضمنته السلطنة للجميع، وكما توجد ميزانية مالية لكل طفل فستكون هي ذاتها لكل طفل آخر بحيث أن الدعم والتدريس لا يختلف عن غيره، وإن كانت هناك تحديات ومتطلبات إضافية فلن تكون بالشيء الكثير، فعلى سبيل المثال في حال وجود الصفوف الدراسية الكبيرة والتي تتضمن عددًا كبيرًا من الطلبة فهنا تستدعي الحاجة توفير معلمة الظل أو مساعدة للمعلمة لتقديم الدعم الازم في تعليم الأطفال والمصابين بالمتلازمة، وأشار إلى أن الدعم والتأهيل والرعاية المقدمة لهذه الفئة يتركز بشكلٍ خاص في محافظة مسقط ويوجد نقص في تقديمه بذات المستوى في باقي المحافظات.

وأضاف رائد بن محمد السابعي؛ أب لمصاب بمتلازمة داون، أن تلقي الخبر في بادئ الأمر شكّل صدمة ولكنه عمل على تعلم وقراءة الكثير في هذا المجال لمعرفة كيفية التعامل مع طفله، وأكّد وجود الكثير من التحديات والصعوبات في إيجاد حضانات أو مدارس ومراكز تستقبل أطفال متلازمة داون، وهو ما استوجب التوجه إلى خدمات الشارقة للإنسانية بالإمارات العربية المتحدة للحصول على الدعم في تربية وتأهيل الطفل، ثم البحث عن حضانة في محافظة البريمي، ثم مرحلة المدرسة ولعدم توافر المدارس المتخصصة لخدمة ورعاية هذه الفئة في باقي محافظات السلطنة اضطرت العائلة للإنتقال إلى محافظة مسقط للإنضمام إلى المدرسة الفكرية كونها الوحيدة في السلطنة، ويظل التحدي هو ماذا سيواجه الطفل بعد إنهاء الصف التاسع وإلى أين سيتجه، فهذه الفئة قادرة على العطاء وتقديم الكثير وخدمة المجتمع، وأضاف السابعي إلى ضرورة وجود هيئة خاصة للمصابين بمتلازمة داون وذلك من أجل تحقيق التخصصية وتقديم الدعم اللازم للطفل وللمصابين بمتلازمة داون، حيث يميل المصابين بمتلازمة داون إلى التقليد والمحاكاة بشكلٍ مرتفع وهو ما يعني وجود نوع من الخطورة في حال دمجهم مع غيرهم من فئات ذوي الإعاقة، وهذا الأمر متّبع بشكلٍ عالمي.

قلة الوعي

وأشار الجابري إلى وجود فئة من المجتمع وأولياء الأمور ممن يعانون من قلة الوعي في جانب رعاية المتصفين بمتلازمة داون، ولا يعملون على دمج الطفل مع المجتمع ويعمدون إلى عدم إخراجهم من المنزل وتسميتهم بمسميات ونعتهم بصفات غير مقبولة، وهذا أمر غير مقبول نهائيًا ولا يخدم هذه الفئة إطلاقًا، ويجب على أولياء الأمور تقديم الدعم وزيادة وعيهم ومعرفتهم بهذا الجانب، حيث أن المتصفين بمتلازمة داون قادرين على الاندماج مع المجتمع ولديهم قدرة على العطاء والإنجاز، وهذا ما شهدناه من خلال مشاركة العديد منهم في الأولومبيات ورياضات ركوب الخيل والتزلج وغيرها التي أقيمت منذ عامين في أبوظبي، ولهذا يجب إتاحة الفرصة لهم ليظهروا طاقاتهم وإبداعاتهم وقدراتهم.

كما أوضحت د. جهاد وجود الكثير من التجارب العالمية الناجحة في هذا المجال والتي من الممكن أن يسلّط الضوء عليها لتطوير الخدمات والدعم والرعاية المقدمة لهذه الفئة ويمكن النجاح فيها من خلال التكاتف والتعاون من خلال جميع الجهات المختصة، وهذا ما مرت به من خلال تجربتها في دراستها في المملكة المتحدة حيث لاحظت وعيًا وتفهمًا ودعمًا من قبل الجميع، إلى جانب وجود مدارس متخصصة لدعم هذه الفئة، ووجود قوانين صارمة للحفاظ على سلامة الطفل ورعايته مهما كان وضعه الصحي، وشاركت في وضع الخطة التعليمية لطفلها وأشادت بوجود المرونة في التعليم وتقديمه مجانًا وتوفير مختلف الخدمات اللازمة، وهذا ما تطمح لتطبيقه ووجوده في السلطنة، إلى جانب معاملة الأطفال المصابين بمتلازمة داون مثل كل الأطفال وتوفير السبل والدعم التي تعينهم على متابعة حياتهم بشكلٍ طبيعي.

وحول الوضع الصحي والعقلي وما يصاحب متلازمة داون؛ أوضح أحمد الجابري أنه من الناحية العقلية والأكاديمية فإن المصابين بالمتلازمة يتقبلون التعليم بشكلٍ كبير، وهناك تأخير لدى هذه الفئة بنحو سنتين إلى 3 سنوات عن باقي أقرانهم من الأطفال في التعليم، حيث أن الطفل الطبيعي يكون مستعد لبدء الدراسة بمختلف مراحلها منذ سن الخامسة بينما المصاب بمتلازمة داون قد يتأخر إذا ما حصل على الدعم من خلال التدخل المبكر وحصوله على الأساسيات في سن مبكرة لأجل إعداده وتأهيله التأهيل الصحيح، وذكر أنه ذاكرة المصابين بالمتلازمة قد تكون أقوى من غيره، إلى جانب قدراتهم على فهم وتعلم أكثر من لغة، وتختلف القدرات الذهنية والعقلية بين المتصفين بمتلازمة داون ولكن بشكلٍ عام يعتمد على توفير وتزويد الأساسيات لهذه الفئة.

خطة متكاملة

وعبر لقاء مع سهام بنت سعيد الشنفرية؛ أم لطفلة مصابة بمتلازمة داون، شاركت فيها تجربتها مع طفلتها، حيث وضعت خطة متكاملة من أجل تأهيلها وإعدادها لأن تندمج مع المجتمع، مثل التغذية وعلاج النطق والعلاج الوظيفي وغيره، وتمكنت من خلالها من تحسين حالة الطفلة وإعدادها للإنضمام إلى مدرسة حكومية بنظام الدمج الكامل بشكلٍ ناجح، وأكدت ضرورة التدخل المبكر في علاج وتأهيل وإعداد الطفل منذ البداية، وتكمن المشكلة في توفير جلستين علاجيتين في الأسبوع فقط في المستشفى وطول قائمة الانتظار في مركز الوفاء لكثرة أعداد المصابين والذي طال لمدة عامين، وجاء القرار بالتوجّه إلى المراكز الخاصة والتي تتطلب دفع مبالغ كبيرة ولكن تم القيام بذلك في سبيل تأهيل وإعداد الطفلة كما يجب، وأشارت إلى أن مشاكل تأخر النطق لدى الطفل لا يتم حلها في المراكز والمستشفيات فقط وإنما بنسبة كبيرة يعتمد هذا على دعم الأسرة في المنزل من خلال مختلف الأنشطة والألعاب التعليمية التي تدعم الطفل وتعلمه، كما يعتمد حل مشاكل النطق كذلك على حالة الطفل ووضعه حيث قد يتأخر بعض الأطفال.

مخصصات بسيطة

وحول تقديم المخصصات والمساعدات المالية التي تمنح للأطفال المصابين بمتلازمة داون وإمكانيتها في تقديم المساعدة للطفل في حال قلة وغياب بعد الخدمات والدعم؛ أشار الجابري إلى أن هذه ضرورة ومن شأنها أن تعين في تأهيل وإعداد الطفل، وأن المسجلين في النظم الرسمية والحاصلين على بطاقة معاق يمنحوا مخصصات مالية بسيطة ويتم قطعها بعد عمر معين، كما يواجه الكثير من الأسر صعوبة وتحديات في إدخال الأطفال إلى المراكز المتخصصة ومن شأن هذه المخصصات المالية مساعدتهم، وأضاف ضرورة تقديم الدعم للجمعية العمانية لمتلازمة داون، كما أن الدمج الكامل في المدارس لا يوجد حتى الآن وقد يعتمد هذا على المدرسة نفسها، حيث أن التعليم في المدارس الآن يتم عن طريق الدمج الجزئي وذلك في حصص الموسيقى أو الرسم فقط، كما يتم جمع كل الأطفال من ذوي الإعاقة في نفس القاعة الدراسية رغم اختلاف الإعاقات مع وجود مدرّس واحد فقط وغياب خطة واضحة للتعليم، إلى جانب وجود مخرجات في مجال التربية الخاصة من جامعة السلطان قابوس من شأنهم أن يعينوا في هذا الجانب ومن الضروري استمرار مثل هذه البرامج الأكاديمية والتخصصات لتوفير مخرجات متخصصة لدعم مختلف الفئات.