مسقط - الشبيبة
رفعت وكالة "فيتش" التصنيف الائتماني طويل الأجل لسلطنة عمان لمصدر العملات الأجنية من –BB إلى BB، وهو ما يعكس تحسنًا كبيرًا في الأداء المالي والمقاييس المالية في السلطنة، إضافةً إلى انخفاض الضغوط على التمويل الخارجي واستمرار الجهود لتحسين الأداء المالي العام في الدولة، ومما أدى إلى ارتفاع التصنيف الائتماني هو تحسن الأداء وارتفاع العائدات النفطية وإيراداتها في عمان، إلى جانب الإجراءات المتبعة من قبل السلطنة لتحسين الأداء المالي وخفض الدين العام والعجز في السلطنة مثل ضبط الإنفاق أو استحداث إطار الضريبة والقيمة المضافة وغيرها من الإجراءات.
وعبر لقاء مع الدكتور يوسف بن حمد البلوشي؛ مؤسس البوابة الذكية للاستثمار، في برنامج "مع الشبيبة" أشار إلى أن ارتفاع التصنيف الائتماني للسلطنة مهم جدًا من ناحية تعزيز وتشجيع وجذب الاستثمار المحلي والدولي في السلطنة، إضافةً إلى رفع قدرة السلطنة على الحصول على الأموال من الخارج بتكلفة أقل وقدرة البنوك على الحصول على تسهيلات دولارية وائتمانية من الخارج كذلك بكلفة أقل وضخها في السوق العماني وجذب الاستثمارات إليه.
وأضاف: هذا ويتطلع الجميع إلى رفع التصنيف الائتماني مما له من دور في خفض الدين العام والعجز للدولة، وينتج عن هذا نمو الناتج المحلي وجذب المستثمر الدولي وغيره والذي يطّلع على العديد من المؤشرات قبل الاستثمار مثل نمو الناتج المحلي والقدرات التصديرية للدولة، ومع تحسن التصنيف الائتماني إلى مستقر فإن هذا يبعث الطمأنينة في نفس المستثمر المحلي والأجنبي، كما ينعكس التصنيف الائتماني إلى زيادة قدرة البنوك التجارية من خلال حصولها على تسهيلات دولية على ضخ الأموال في قروض للشركات وغيره، وكل هذا يسهم في تحسين الاقتصاد بشكل عام وتحسين جميع المجالات والجوانب الأخرى وتحقيق وضع مستقر ومستدام، إلى جانب ضرورة تشغيل قاطرات الانتاج وباقي القطاعات مثل السياحة والثروة السمكية والزراعة للإسهام في رفع الأداء وتحسين الاقتصاد دون التركيز على أداء قطاع النفط والغاز فقط كونه مرتبط بالأسواق العالمية.
وحول ما إذا كان هذا التصنيف الائتماني وتقارير الأداء المالي تمنح مؤشرات نحو الانتقال للاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي والتركيز على الجوانب الاقتصادية بشكلٍ أوسع في الفترة المقبلة؛ أجاب البلوشي أن الاستدامة المالية مرتبطة بتنوع إيرادات المالية العامة، ومثل باقي دول الخليج؛ تعتمد عمان سابقًا بشكلٍ عام على النفط والغاز في إيراداتها العامة بنحو أكثر من 85%، وهذا الجانب يعتمد على التغيرات العالمية وقد تتعرض أسعار النفط والغاز إلى الارتفاع أو الإنخفاض، مما يؤثر في الاقتصاد بشكلٍ عام والأداء المالي للدولة، لذلك يجب النظر إلى روافد الاقتصاد المختلفة وعدم الاعتماد على النفط والغاز فقط مثل التركيز على إيرادات الشركات الحكومية وتعزيز قطاع السياحة وزيادة الصادرات عمانية المنشأ لتحسين الأداء الاقتصادي، ويجب استغلال ارتفاع التصنيف الائتماني في تعزيز وتوظيف جميع هذه الجوانب.
وأشار البلوشي إلى أن وجود الدين بنسبة معينة ومقبولة دوليًا ليس بالأمر السيء في حال استغلال الفوائض المالية من أجل تشغيل قواطر الانتاج وتعزيز التنمية، ووجود الفوائض المالية والاستفادة منها يجب أن يكون بتوازن من حيث استخدامها في سداد الدين العام للدولة والذي من شأنه رفع التصنيف الائتماني وانخفاض تكلفة الدين حيث تدفع السلطنة الآن فوائد مليارية، إلى جانب استخدام الفوائض المالية وضخها في التنمية والتحسين من ناحية رفع الكفاءة في المطارات والموانئ والارتقاء بالمشاريع والموارد البشرية العمانية، حيث تنتقل السلطنة من اعتمادها على النفط والغاز في اقتصادها المحلي خلال خمسة عقود الماضية إلى تعزيز الصادرات والناتج والتصنيع المحلي من خلال الاستثمار في رفع الكفاءة.
وحول قراءة توقعات وكالة فيتش والتي تتضمن وجود فائض مالي بنسبة 5.5% في عام 2022 ولكن التوقعات لعام 2023 تنخفض إلى ما نسبته 3.4% ونمو الناتج المحلي الاجمالي في 2022 بنسبة 4.4% والتوقعات خلال 2023 تنخفض إلى نسبة 2.8% والتي تشير إلى انخفاض وتراجع في المؤشرات، أوضح د. يوسف أن هذه التوقعات مبنية على أسعار ووزن النفط والغاز في الاقتصاد العماني، ومن المتوقع أن يواجه هذا المجال شيئًا من التحديات والصعوبات والانحسار في القادم من الوقت نظرًا لوجود الكثير من الضغوطات على النفط والغاز لوجود تغير في أنماط استخدام النفط والغاز، حيث تتجه الكثير من الدول نحو الطاقة المتجددة مثل الهيدروجين وطاقة الرياح وغيرها والتي تلحظ نموًا وتحسنًا، إلى جانب تحسين وتحقيق الاستدامة البيئية والتقليل من الانبعاث الكربوني والذي يعتبر مطلبًا أمميًا، وكل هذه الأسباب تلعب دورًا في خفض أسعار النفط والغاز.
وأضاف البلوشي: من المهم توظيف الفوائض المالية في تنمية وتحقيق الاستدامة في الاقتصاد العماني من غير الاعتماد على قطاع النفط والغاز فقط، حيث يجب عدم الاعتماد على هذا القطاع فقط لارتباطه بالسوق و الأداء العالمي، وتتمتع عمان بالكثير من الجوانب والموارد الطبيعية إلى جانب موقعها الاستراتيجي وضرورة استغلاله كمركز لوجستي عالمي من ناحية تفعيل دور المطارات والموانئ بشكلٍ أكبر وباقي القطاعات من أجل تحييد دور النفط والغاز، وأشار البلوشي إلى ارتباط التصنيف الائتماني إلى أداء الدولة في أسعار وقطاع النفط والغاز بشكلٍ عام وقدرتها على سداد ديونها، ولكن يجب عدم الارتكان والاعتماد على هذا فقط وعدم الالتفات واستغلال باقي الموارد والمجالات المتاحة والتي من شأنها تحسين الوضع الاقتصادي العماني.