بقلم : محمد محمود عثمان
تعاني أوروبا من شتاء قارس البرودة هذا العام فرضته الحرب الروسية - الأوكرانية وما يصاحبها من النقص الحاد في الغاز الروسي الذي تعتمد عليه أوروبا في التدفئة، بعد الارتفاع غير المسبوق في أسعار الطاقة، وزيادة التضخم ، نتيجة للعقوبات الواسعة النطاق التي فرضها الغرب على موسكو،التي بإمكانها تجميد أوروبا بأسرها خلال الشتاء المقبل إذا قلصت إمدادات الطاقة بنسبة 80 %،لترتد العقوبات الغربية إلى صدور الدول الأوروبية، لذلك ناشدت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء توفير استهلاك الطاقة من الغاز والنفط المستورد من روسيا ، بنسبة 15% حتى يكون الشتاء المقبل أقل برداً على المواطنين الأوروبيين، في الوقت الذي تنعم فيه معظم بلادنا العربية بالشتاء الدافئ في ظل حاجتها إلى الدخل السياحي ، وعلى الدول العربية التي تتمتع بالمناخ الدافئ والمعالم الأثرية والسياحية والترفيهية ، أن تعمل بكل السبل على زيادة تدفق الحركة السياحية الوافدة إليها ، من الأسواق السياحية المختلفة من كل بقاع العالم،ولسان حالها يقول مصائب قوم عند قوم فوائد ، وهذه فرصة سانحة للحصول على أكبر حصة من كعكة السياحة العالمية في الموسم الشتوي القادم، وفي مقدمة هذه الدول جمهرية مصرالعربية وسلطنة عُمان والأردن والإمارات وتونس. الأمر الذي يفرض على هذه الدول الاستفادة من أمرين: الأول: ما تتمتع به من مناخ شتوي دافيء ومناظرطبيعية ومنتجعات سياحية خلابة وآثار تاريخية واستقرار سياسي والثاني: حاجة المواطن الأوروبي للهروب من البرد والصقيع مع توفير نفقات الطاقة التي تثقل كاهله وأكبر من إمكانياته المادية ، مع رغبته في التمتع بالدفء في أي مكان رخيص التكلفة وقليل النفقات، ويحقق له أيضا السياحة والمتعة والترفيه في الوقت ذاته ، ولن يتحقق ذلك بالتمنى أو الرجاء بل بالسعي الدؤوب والسريع والمنظم نحو الأسواق الأوروبية للترويج لجذب السياح الذين يعانون من هذه الأزمة ومن الزيادة الباهظة في تكاليف التدفئة التي تجعلهم يفكرون جيدا في المقارنة بين تكاليف الهروب من هذه الظروف إلى المناخ الدافئ في الشتاء الذي تتمتع به بلادنا العربية الغنية في الوقت ذاته بالمقاصد السياحية والأثرية ،وهذا يتطلب تسهيل إجراءا ت التأشيرات السياحية وعرض البرامج المتكاملة للسياحة والآثار والاستجمام ، شاملة تذاكر السفر والإقامة والتنقل من خلال وزارة السياحة بالتنسيق مع مكاتب السفر والسياحة وسفاراتنا بالدول الأوروبية ، وتزويدهم بالأسعار المخفضة والملصقات والكتيبات والفيديوهات الترويجية التي تعدها الجهات المنوط بها التنشيط السياحي لإبرازالمقومات السياحية التي تتمتع بها الدولة.
وفي هذا الإطارلابد من الاستفادة من إمكانيات السفارات - التي تمثل رقما ضخما في ميزانيات الدول، حتى إذا استدعى الأمر تعديلات أوإضافات إلى قوانين السلك الدبلوماسي والقنصلي - على أن تفكر من خارج الصندوق بعيدا عن أنشطتها البدلوماسية الرسمية أوالبروتوكلية التقليدية من أجل مصالح دولها ، بالتواجد الإعلامي المكثف في الدول المُضيفة ،وبما يساعد على ترشيد نفقات الوفود الخارجية، وأن ينشط معها بالتوازي الملحق التجاري والإعلامي والثقافي - إذا وجدو- لفتح قنوات اتصال مع القوى الناعمة ومنظمات المجتمع المدني في الدول المُضيفة مثل وسائل الإعلام والصحف والقنوات الفضائية بالتنسيق مع الجاليات العربية والأندية الاجتماعية ،نظرا لقدرتهم على التحرك السريع والإيجابي مع فئات المجتمع والقطاعات المستهدفة بدون حواجزأو قيود، على أن يصاحب ذلك حملة إعلانية منظمة مدفوعة الأجرفي مختلف وسائل الإعلام خاصة في أوروبا التي تعاني من البرودة وارتفاع اسعار الطاقة وألا تنتظرالسفارات تشكيل اللجان الحكومية أو ارسال الوفود - المُكلفة - للخارج للترويج والتسويق لجذب السياح، لأنها تأخرت في التحرك أو أن أنها تتحرك ببطئ ، أوربما قد لا تتحرك على الإطلاق ، فالسفارات لها أهمية كبرى خلال هذه المرحلة الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها الجميع من خلال تطبيق سياسة الدبلوماسية الاقتصادية التي أطالب بها لتكون من المهام الأساسية للسفارات ، والاستفادة من المباني الفخمة للسفارات لتكون شعلة نشاط دائم ،من خلال الندوات السياسية والاقتصادية والثقافية ، واللقاءات مع ممثلي وسائل الصحافة والإعلام والتواصل الاجتماعي المؤثرين في الدول المضيفة ودعوتهم إلى زيارة بلدهم الأم للتعرف على المقاصد السياحية ومدى جاهزيتها وتوافر الفنادق والشقق الفندقية الرخيصة ،حيث تصنف الدول من خلال معايير جودة المنشآت السياحية والأمن ومناخ الأعمال والبنى التحتية في مجالات النقل الجوي والبري والبحري وكل المواصلات والاتصالات وسرعة الإنترنت ، والموارد الطبيعية والانفتاح الدولي ،إلى جانب الاستقرارالسياسي ،وعلى المستوى المحلي هناك دور محوري وأساسي لوزارات الإعلام والسياحة أو هيئات الاستعلامات أو دوائرالإعلام الخارجي من خلال تظيم زيارات لمراسلي الصحف ووسائل الإعلام الأجنبية للمقاصد السياحية ،مع تزويدهم بالصور والمادة الإعلامية التي تصل من خلالها الرسالة الإعلامية المطلوبة إلى الفئات المستهدفة في أوروبا ، وفي مختلف دول العالم.