الخابورة - سعيد الهنداسي
تداول الكثيرون مؤخراً حديثاً حول وجود اختلاط في إحدى مدارس تعليمية شمال الباطنة، هي مدرسة وادي الحواسنة بولاية الخابورة، علما بأن هذه المدرسة هي ليست الوحيدة المختلطة في المحافظة بل هناك مدارس أخرى تتشابه معها في ظروف الاختلاط بسبب قلة أعداد طلبتها منذ إنشائها، ثم جاءت مرحلة تم فيها تقديم الخدمات التعليمية على فترتين صباحية للبنين ومسائية للبنات.
ومع الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم للقضاء على نظام الفترتين، تم العمل على إتمام بعض المنشآت والمرافق الخاصة بالمدرسة لتكون هناك مدرسة مستقلة للبنين وأخرى للبنات. وهذا ما تم العمل به في العام الدراسي الجاري مع وجود بعض المرافق المشتركة بين المدرستين كالمختبر وغرفة مصادر التعلم، حيث يطالب الأهالي بضرورة استكمال بقية المرافق. وهذا ما تسعى إليه الوزارة مستقبلا من خلال خطط استكمال المرافق المشتركة بين المدرستين.
«الشبيبة» زارت هذه المدرسة التي تبعد عن مركز الولاية 53 كم وأقرب مدرسة لها هي مدرسة الغيزين وتبعد عنها 23 كم وهي من المدارس الجبلية. ومع وعورة الطريق المؤدي إلى المدرسة ومعاناة المعلمين والإداريين وطلابها في الوصول إليها وبخاصة في الأنواء المناخية، فإن هذه العوائق لم تحل دون تمييز العاملين في هذه المدرسة وتحقيقهم مراكز متقدمة.
للاقـــتراب أكثر من القضية رصدت «الشبيبة» آراء وانطباعات مجموعة من المعنيين بالحقل التربوي من إداريين ومعلمين وأولياء أمور وطلبة.
تفريد التعليم
البداية كانت مع مدير دائرة تخطيط الاحتياجات التدريبية بالمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة شمال الباطنة حمد البادري الذي تحدث عن تفريد التعليم وتطلعات الوزارة بقوله: تسعى وزارة التربية والتعليم ممثلة في المديرية العامة للتخطيط وضبط الجودة، وكذلك المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة شمال الباطنة، إلى تفريد التعليم في المحافظة ليتواكب مع تطلعات الوزارة، حيث أفردت حلقة أولى من (1 - 4)، وحلقة ثانية من (5 - 9)، وما بعد التعليم الأساسي من (10 - 12)، وهناك مدارس متصلة تحكمها الكثافات الطلابية، كما أن المناطق الجبلية حظيت بنفس الاهتمام الذي حظيت به المناطق الساحلية من حيث نوعية الأبنية واستكمالها من المرافق المدرسية.
وأضـــــاف البادري: سعت الوزارة أيضا إلى اعتماد معلمين لتدريس الطلاب ومعلمات لتدريس الطالبات في كل المواد، ما عدا الهيئة الإدارية فهي مختلطة ما بين الذكور والإناث.
أربع مدارس
وعن عدد هذا النوع من المدارس المختلطة قال البادري: يوجد في محافظة شمال الباطنة أربع مدارس من هذا النوع وهي مدرسة دقال من (1 - 12) ومدرسة رحب من (1 - 12) ومدرسة الضمام بن السائب من (1 - 12) ومدرسة وادي الحواسنة من (1 - 12)، وذلك وفق الكثافات المعتمدة في هذه المناطق.
وحول مدرسة وادي الحواسنة والحديث عن بداية المخاطبات في عملية الفصل وإحصائيات تتحدث بلغة الأرقام، يؤكد مدير دائرة التخطيط والاحتياجات التعليمية أن مدرسة وادي الحواسنة من (1 - 12)، تم فصلها بناء على المراسلات واللقاءات التي تمت بين المديرية العامة للتربية والتعليم بالمحافظة وبين شيخ المنطقة وأولياء أمور الطلبة والطالبات وإدارة المدرسة، وتم إضافة (10) فصول دراسية، و(3) غرف إدارية منها غرفة للمعلمين وملعب ثلاثي وجمعية تعاونية ودورتا مياه إحداهما للطلاب والثانية للمعلمين وبرادا مياه ومظلة طابور، وهذه الإضافات جميعها للطلاب، وفي المقابل فإن المبنى القديم يستخدم بما فيه من مرافق للطالبات.
مبنى مستقل
مدير مدرسة وادي الحواسنة عبدالله المخمري تحدث عن المدرسة ومرافقها قائلا: كانت المدرسة في العام الفائت مختلطة وفي هذا العام أصبح لمدرسة الذكور مبنى مستقل بمرافقه وتم نقل الطلبة من 5-12 إلى المبنى الجديد وبقي المبنى القديم مخصصاً للإناث كما تم فصل المبنيين بسور وتم فتح بابين أحدهما لدخول وخروج الإداريين وآخر لخروج الطلبة. وبين أنه تم تنظيم حافلات للإناث وأخرى للذكور.
وأوضح مدير المدرسة أن المرافق تتمثل في مختبر علوم وغرفة مصادر تعلم وغرفة حاسوب وغرفة توجيه مهني وهي أساسية في منهاجها وتبذل الوزارة جهودا من أجل توفيرها قريباً.
ووجه المخمري شكره للجهات المتعاونة قائلا: نشكر جهود أعضاء مجلس الآباء وأعضاء مجلس الشورى في مساعيهم وتواصلهم مع الوزارة من أجل توفير هذه الاحتياجات قريباً.
وحول الجهود المبذولة من أجل خدمة العملية التعلمية واصل مدير المدرسة حديثه قائلاً: في بداية هذا العام واجهتنا بعض النواقص في الكادر التعليمي وقمنا بالتواصل مع المعنيين بالمديرية حيث تم توفير عدد كبير من المعلمين في أغلب المواد وتبقى نقص في بعضها. ولإيجاد حل لهذه النواقص عقدنا اجتماعا مع المعلمين ومجلس الآباء والأهالي وتم توضيح أن بعض المعلمين سيقومون بتدريس بناتهم دون الاختلاط بالذكور. وبما أن المدرسة مبنيان مستقلان فقد تم تكليف إحدى المعلمات لتقوم بدور مساعدة المدير في مدرسة الإناث ومتابعة مستجدات اليوم الدراسي.
مجلس الآباء
من جهته وجه رئيس مجلس الآباء في مدرسة وادي الحواسنة خليفة بن المر السعيدي شكره لأعضاء مجلس الشورى لمتابعتهم موضوع بعض النواقص التي تعاني منها المدرسة ولكنه أعرب عن عتب مجلس الآباء على البعض لحديثهم عن موضوع الاختلاط في المدرسة دون أن يكون لهم علاقة بالمدرسة أو بالمنطقة.
وقال: بصفتي رئيس مجلس الآباء وقريبا من المدرسة بإدارتها ومعلميها وطلبتها وأزورها بشكل أسبوعي، فإني لا أرى وجودا لهذا الاختلاط الذي تم التطرق إليه عبر وسائل الإعلام المختلفة، كما أن وجود الطلبة مع معلميهم في مرافق المختبر يكون وفق جدول معد ولا يكون لهم أي وجود في مدرسة البنات.
واستكمل رئيس مجلس الآباء بالمدرسة حديثه قائلا: ما لاحظناه هو مشاركة للأمهات في احتفالات المدرسة، وهذا الأمر لم نلحظه منذ أكثر من 20 عاماً. وأشير إلى أن مدخل الإناث يبعد أكثر من 700 متر عن مدخل الذكور في جهتين مختلفتين، ولدينا كل الثقة في إدارة المدرسة ومعلميها، ولا نسمح بالإساءة لنا أو نقل أحداث عن المدرسة دون الرجوع لإدارتها ولنا كمجلس للآباء لأننا الأقرب لهذه المدرسة.
وعن دور مجلس الآباء في المدرسة قال السعيدي: نقوم حالياً بتنفيذ مشروع لإقامة حديقة لرياض الأطفال تبرع بها الأهالي تضم مجموعة من الألعاب وتبلغ كلفتها قرابة 4 آلاف ريال، وقمنا بوضع مظلة لسائقي الحافلات، كما نقوم مع أولياء الأمور بجولة في المدرسة لمتابعة احتياجاتها بالتنسيق مع الإدارة لما فيها مصلحة الطلاب. ونتمنى تكملة المرافق، حيث قمنا بمخاطبة المسؤولين في الوزارة ليتم توفيرها قريبا كما وعدونا. وكلنا ثقة بجهودهم لخدمة التعليم والطلبة.
تضخيم المشكلة
مشرف التربية الإسلامية بمدرسة وادي الحواسنة يوسف الحوسني أبدى تعجبه من تضخيم مفهوم الاختلاط بالمدرسة قائلا: أتعجب أيما تعجب من تضخيم هذا الأمر وأخذه أكبر من حجمه، في حين أن المشاكل غير التربوية في المنطقة ربما تكون أكبر، وهناك جهود بذلت من قبل وزارة التربية لفصل المدرستين من خلال مراسلات رسمية للوصول إلى الهدف، وقد نجحنا في عملية الفصل. وأضاف: كمشرف تربوي أزور المدرسة كل أسبوع مرتين ولم ألحظ وجود مشكلة الاختلاط التي تم الحديث عنها، فهناك إدارة مستقلة للمدرستين وجهاز بصمة مستقل لكل مدرسة، كما أن هناك مشرفات يقمن بزيارة المدرسة ومعلمين ومعلمات لكل مدرسة بشكل مستقل، كما أن المرافق التي تشترك فيها المدرستان وضعت حلول واشتراطات لاستخدامها وفق محاذير دقيقة.
وأشار الحوسني إلى أنه لمس تقبلاً كبيراً من قبل المعلمين والمعلمات خلال اجتماعه بهم بشكل مستقل كل على حدة.
وأضاف: لا يزيد نصاب المعلمات عن 15 حصة، وهذه نعمة، وكذلك بالنسبة للطالب والطالبة، فقد أصبح أكثر ثقة في النفس وأريحية، وحتى من الناحية التحصيلية فإن العدد البسيط يجعل مستوى التحصيل أكبر، وقد حصلوا على نسب عالية في الفصل الأول، كما أن المدرسة حققت مراكز متقدمة في مسابقة القرآن الكريم. وتعتبر مدرسة وادي الحواسنة من أكثر المدارس التي شارك طلابها في المسابقة، وكذلك بالنسبة للأنشطة الرياضية وغيرها، وتم تكريم 12 طالبا وطالبة من طلبتها هذا العام في مسابقة القرآن الكريم مقارنة بالعام الفائت الذي لم يسجل أي مشاركة لطلاب المدرسة.
فرق كبير
معلم المهارات الحياتية بالمدرسة سالم السعيدي تحدث عن الفرق الكبير بين الأعوام السابقة والعام الجاري بعد عملية الفصل بين المدرستين فقال: هناك جهود بذلت في الفصل وواقع الصف، والتدريس أصبح يتم بأريحية وخصوصية لا سيما في مادة المهارات الحياتية وتقديمها بشكل أفضل، وأصبحت مشاركة الطلاب والطالبات واضحة وهناك تقدم في المستوى التحصيلي للمدرستين.
أما سالم الحوسني، معلم أول علوم، فتطرق إلى عملية تنظيم الاستفادة من المرافق المشتركة وتحديدا مختبر العلوم فقال: وضعنا آلية مقننة للاستفادة من مرافق المختبر من خلال تحديد أيام للذكور وأخرى للإناث والحجز لمدة أسبوع يقوم من خلالها المعلم باصطحاب طلابه إلى المختبر، وهناك فنية مختبر تقوم بمتابعة الموضوع بحكم إشرافها الفني على المختبر.
تنسيق مسبق
وتطرق سالم السديري، معلم تقنية معلومات ومشرف على الجمعية التعاونية للذكور، عن طبيعة عمله تحديدا في الإشراف على الجمعية التعاونية قائلا: بداية أقوم بتدريس مادة تقنية المعلومات من الخامس إلى العاشر، ونقوم باصطحاب طلابنا إلى غرفة تقنية المعلومات، ويكون من خلف المدرسة بشكل منظم بالتنسيق مع مدرسة الإناث ووفق جدول معد.
وأضاف السديري: لدينا جمعية مستقلة للذكور وأخرى للإناث ونحن نتسلم البضائع ليقوم العمال بنقلها لجمعية مدرسة الإناث.
وقال جابر السعيدي، منسق مادة اللغة العربية: أود أن أوضح أنه لا يوجد ما يسمى بالاختلاط في المدرسة، وقد كنت في السابق أتولى شؤون الطلاب في الوقت الذي كنا فيه مدرسة واحدة ولم تحدث معنا أي مشكلة أخلاقية في تلك المرحلة، فكيف اليوم؟ وأكد عدم وجود اختلاط في مدرسة وادي الحواسنة هذا العام تحديدا وأن الجميع متقبل للوضع الحالي للفصل لأنه تم من الخامس حتى الثاني عشر، معرباً عن أمله باستكمال المرافق من قبل الوزارة.
وأضاف: سبق أن تعلمت في هذه المدرسة في زمن الاختلاط، وكنا أسرة واحدة، ثم تخرجنا وعدنا لنفس المدرسة، ولم تحدث معنا مشاكل أخلاقية طوال تلك السنوات.
الطالب بالصف العاشر سيف بن خليفة السعيدي تحدث عن الفصل الذي تم بين المدرستين وإيجابياته قائلا: الفصل كان أمرأ جيدا بحيث يكون لكل مدرسة استقلاليتها وخصوصيتها، ونتمنى أن يتم استكمال باقي المرافق المشتركة حتى تكتمل عملية الفصل بشكل نهائي بخاصة للحاسوب والتوجيه.
مدرسة الإناث
وبعد جولة في مدرسة الذكور انتقلنا لمدرسة وادي الحواسنة للإناث حيث التقينا بالكادر الإداري والمدرسي والطالبات وسجلنا آراءهم حول موضوع فصل المدرستين.
كان اللقاء الأول مع المكلفة بمساعدة المدير في المدرسة عائشة بنت محمد الحوسنية التي قدمت نبذة عن مرافق المدرسة قائلة: بعد أن تم فصل المدرسة الخاصة بالذكور يحضر معنا بعض الطلبة من مدرسة الذكور للاستفادة من مرافق مدرسة الإناث التي لم تستكمل لديهم، وهي المختبر والحاسوب والمصادر والتوجيه المهني، ويكون وجودهم من خلال عملية منظمة ووفق جدول معد مسبقاً لمختلف المواد، كما يأتي معلم المادة مع طلابه من خلف المدرسة ولا يوجد اختلاط بالمعنى الذي يتصوره البعض.
وبحكم عملها أيضا كمعلمة بالإضافة لعملها الإداري ردت الحوسنية على سؤال ما إذا كان هناك استياء من قبل المعلمات على الوضع الحالي بالقول أجابت مساعدة مدير المدرسة بالقول: ليس يكن هناك استياء أو تذمر من أخواتي المعلمات عن الوضع الحالي، ومع وجود نقص في مادة اللغة الانجليزية والرياضيات تمت الاستعانة بمعلمين لتدريس الطالبات بعد موافقة الأهالي ومجلس الآباء لهذا الظرف الطارئ، وهناك تجاوب كبير من مجلس الأمهات ولديهم مشاركات في مختلف الفعاليات حيث أثبتوا نجاحهم وكان حضورهم مشرفا ورائعا، كما قاموا بتجهيز سوق خيري يعود ريعه لهم.
عائلة واحدة
ليلى الخوالدية، معلمة اللغة الإنجليزية تحدثت عن ارتياحها في المدرسة قائلة: أعمل في هذه المدرسة منذ 4 سنوات وكنا مع إخواننا المعلمين في الفترة التي كانت المدرسة فيها مشتركة ضمن تعاون تام واحترام متبادل، وسبق أن قمت بتدريس الطلاب في صفوف العاشر والحادي عشر وكانوا من أفضل الطلبة. ونحن في المدرسة نعتبر عائلة واحدة.
واختتمت الخوالدية حديثها بتوجيه رسالة قالت فيها: أتمنى ممن يريد التعرف على المدرسة وما تضمه من مرافق أن يتفضل بزيارتها، كما أتمنى من الأهالي ومن لديه طالبة في هذه المدرسة أن يكون هو من يتحدث عنها وليس الأشخاص الذين لا تربطهم علاقة بها.
فنية مختبر العلوم أسماء السعيدية تحدثت عن طبيعة عملها مبينة أنها مسؤولة عن تنظيم جدول لزيارة المختبر للمدرستين، وقالت: هذه الجولة تنفذ وفق برنامج معد، وكل معلم ينفذ حصته على حدة، وليس هناك اختلاط في هذا الأمر. ويأتي كل معلم مع طلابه من خلف المختبر من خلال باب معد خصيصا لهم، بحكم أن المختبر أول مرافق المدرسة عند دخولهم.
ارتياح نفسي
الطالبة تسنيم بنت سالم الحوسنية من الصف الثامن تحدثت عن الارتياح النفسي بعد الفصل قائلة: بلا شك، بعد الفصل شعرنا بارتياح أكبر من خلال المرور في المدرسة واستخدام المرافق الخاصة بها. ولا نعاني من إشكالية أبداً بحكم أن الطلبة يستخدمون هذه المرافق من خلف المدرسة وبرفقة معلميهم ويخرجون من الباب المعد لهم.
كما تحدثت الطالبة سارة بنت مسلم السعيدية بالصف الحادي عشر بالقول: التغيير واضح وهناك فرق بين العام الفائت والجاري وأريحية أكبر لا سيما بالحديث مع المعلمة، وهذا كان له أثر كبير في تحصيلنا الدراسي، والدليل تفوقنا في الدراسة.
وأضافا: هناك نقص في بعض المعلمات لبعض المواد حيث يقوم بتدريسنا بعض المعلمين في مادة اللغة الإنجليزية ولهم منا كل الاحترام والتقدير.
منيرة بنت المر السعيدية طالبة بالصف الحادي عشر تحدثت عن المبادرات ومشاركتها فيها حيث قالت: هناك الكثير من المبادرات بخاصة بعد فصل المدرستين، وقد شاركنا في احتفالات العيد الوطني وكذلك في الإذاعة المدرسية وغيرها من المبادرات والمشاركات. وبالنسبة لي كنا مع إخواننا الطلاب في سنوات سابقة إخوة بحكم قربنا الأسري والاجتماعي.